رئيس التحرير
عصام كامل

عباقرة ولكن مجهولون، "داود الظاهري" وضع مذهب أهل الظاهر

داود الظاهري، فيتو
داود الظاهري، فيتو
18 حجم الخط

على مر التاريخ الإسلامي لمعت أسماء عباقرة في مختلف المجالات مثل: ابن الخطاب، والصديق، وعلي بن أبي طالب، وعمر بن عبد العزيز، والبخاري، والشافعي، وابن حنبل، ابن سينا.. ابن رشد.. الكندي.. الفارابي.. الخوارزمي.. الطبري.. أبو حامد الغزالي.. البوصيري.. حتى محمد عبده.. المراغي.. المنفلوطي.. رفاعة الطهطاوي.. طه حسين.. العقاد.. أحمد شوقي.. عبد الحليم محمود.. محمد رفعت.. النقشبندي.. الحصري.. عبد الباسط.. وغيرهم، في العصر الحديث.

لكن هناك أسماء مهمة كان لها بصماتها القوية على العلم والحضارة، ولا يكاد يعرفها أحد، وفي هذه الحلقات نتناول سير بعض هؤلاء العباقرة المجهولين.

داود الظاهري، وضع مذهب أهل الظاهر


داود الظاهري هو واضع أسس المذهب الظاهري الذي كان، في فترات طويلة، أشهر من مذهب أحمد بن حنبل.
هو أبو سليمان داود الظاهري المتوفى سنة (270هـ = 884م)، وهو شيخ أهل الظاهر، وواضع أساس هذا المذهب الذي انتصر له من بعد وأعلى بنيانه ابن حزم الأندلسي المتوفى سنة (456هـ = 1064م).

مولده ونشأته

ولد داود بن علي سنة (200هـ = 816 م)، وقيل سنة (202هـ = 818 م) بالكوفة.
وتلقى تعليمه في بغداد عاصمة الخلافة العباسية، التي كانت تموج حركة ونشاطًا بحلقات العلم، وتمتلئ مساجدها بدروس الفقهاء والمحدثين واللغويين، فتلقى الحديث على يد سليمان بن حرب، والقعنبي، وعمرو بن مرزوق، ومسدد بن مسرهد.
سافر إلى نيسابور، وسمع من محدثيها الكبار، وعلى رأسهم “إسحاق بن راهويه”، ودرس الفقه على أبي ثور الفقيه الشافعي المعروف وغيره من فقهاء الشافعية.

كما درس داود المذهب الشافعي، وتخرج على تلاميذه، وكان محبًا للإمام الشافعي، مقدرا لعلمه وفقهه، حتى إنه ليصنِّف كتابين في فضائله ومناقبه، ثم لم يلبث أن استقل بمذهب خاص به وآراء مستقلة.

تفاصيل مذهب داود

يقوم مذهب داود بن علي على العمل بظاهر القرآن والسنة، فالمصادر الشرعية هي النصوص فقط، فلا علم في الإسلام إلا من النص الشرعي؛ ورفض القياس والاستحسان وما إلى ذلك، ولم يأخذ بها؛ ولذلك اتجه داود إلى السنة فهي البحر الزاهر الذي يجد فيه الفقيه مسعفًا، وبذلك أكثر من السنة، وكانت كتبه مملوءة بها؛ لأن فقهه هو فقه النصوص بشكل عام، وفقه الحديث بشكل خاص.

وانتهت إليه في بغداد رئاسة العلم، وصار له أتباع كثيرون، واستقر مذهبه، وكان يعقد مجالس للمناظرة داعيًا إلى فكره، متجهًا بنظره إلى الكتاب والسنة وحدهما، ويعتمد على الإجماع ويبني عليه.

لكن بعض العلماء أخذوا على داود أنه منع التقليد منعًا مطلقًا، وأجاز لكل فاهم للعربية أن يتكلم في الدين بظاهر القرآن والسنة، حتى أنه جرأ العامة على ما لا قبل لهم به من أخذ الأحكام مباشرة من الكتاب والسنة، فتجرأ على الفقه من لا يحسن الفقه.

وازدادت حملة العلماء ضد مذهب داود في حياته وبعد مماته، وقالوا: إنه غير منافٍ للإجماع، فإن أجمع العلماء على رأي وفيه خلافٌ لداود وأتباعه، فلا ينافي ذلك وجود الإجماع، أي لايعتدون بمذهبه.

ويجمع العلماء على أن داود بن علي هو أول من أظهر القول بالظاهر، فيقول الخطيب البغدادي: "إنه أول من أظهر انتحال الظاهر، ونفى القياس في الأحكام…...".

واستقر المذهب الظاهري بما جاء به داود، وصار له تلاميذ وأتباع، مثل: ابنه محمد، وزكريا الساجي، ويوسف بن يعقوب الداؤدي، وعباس بن أحمد وغيرهم.

كتبه

ترك داود بن علي كتبًا كثيرة في مذهبه، واشتملت على ما يؤيده، وعلى آرائه في فروع المسائل الفقهية، مثل كتاب "الإفصاح" وكتاب "الأصول"، وكتاب "الذبِّ عن السنة والأخبار"، وكتاب "الرد على أهل الإفك"، و"صفة أخلاق النبي"، وكتاب "الإجماع" وكتاب "إبطال القياس"، وكتاب "إبطال التقليد"، وكتاب "الإيضاح".

وهناك إجماع من المؤرخين على أن داود بن علي بصير بالفقه، عالم بالقرآن، حافظ للأثر، من أوعية العلم، له ذكاء خارق وفيه دين متين.

وفاته

توفي داود بن علي في (رمضان 270هـ= 884م) بعد أن ترك ثروة فقهية، وولدًا نابهًا هو محمد بن داود، خلفه في حلقته، وكان فقيهًا متقنًا، له بصر تام بالحديث وبأقوال الصحابة، مع ذكاء شديد، وفصاحة في اللسان، ومعرفة بالآداب، وقدرة على الجدل والمناظرة.
قام الابن بنشر المذهب، ودعا الناس إليه، وكان يجذبهم إليه إعلاؤه لمقام السنة في الوقت الذي كثرت فيه الآراء الفقهية المذهبية.

وألف محمد بن داود كتبًا كثيرة، منها "الوصول إلى معرفة الأصول"، و"اختلاف مسائل الصحابة"، وكتاب "الفرائض"، وكتاب "المناسك"، وكتاب "الانتصار من أبي جعفر الطبري".

 كتاب "الزُّهْرة"

واشتهر من بين مؤلفات محمد كتاب "الزُّهْرة" أكثر من أي كتاب آخر، لشهرة هذا الكتاب، وما جمع فيه من نوادر، وذكر فيه من أشعار، بالإضافة إلى شعره الرقيق، وكان شاعرًا مجيدًا، حال دون الاستمرار فيه انصرافه إلى الفقه والرد على من ناظروه، والانتصار لأبيه من المخالفين لمذهبه. 
وتوفي محمد بن داود في (9 من رمضان 297هـ = 22 من مايو 910م)

وكان لجهود محمد بن داود وتلاميذ أبيه أن انتشر المذهب الظاهري في الشرق في القرنين الثالث والرابع الهجريين، حتى حل رابعًا بعد مذهب الشافعي وأبي حنيفة ومالك، ولكن ذلك لم يستمر طويلًا، فقد أخذ في الاضمحلال في القرن الخامس الهجري بعد أن مكن القاضي ابن أبي يعلى المتوفى سنة (458هـ = 1066م) للمذهب الحنبلي، فزحزح المذهب الظاهري عن مكانه، وحل محله.

في الأندلس

انتشر المذهب الظاهري في الأندلس في الوقت الذي خبا فيه ضوؤه في المشرق، فانتعش على يد ابن حزم بما ألف من كتب عظيمة، من أهمها كتاب "المحلَّى" في الفقه، و"الإحكام في أصول الأحكام" في أصول الفقه. 


ومع ذلك فإن المذهب لم يُكتب له الاستمرار واختفى تمامًا، ولم يبقَ له من أثر سوى ما حفظت لنا المصادر وكتب الفقه من مسائل.

 

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

الجريدة الرسمية