رئيس التحرير
عصام كامل

‎913 ‎‏ جثة، قصة انتحار جماعي غير قواعد التعامل مع الجماعات الدينية في أمريكا

انتحار أبناء معبد
انتحار أبناء معبد الشعوب، فيتو
18 حجم الخط

في الثامن عشر من نوفمبر 1978، وجد العالم نفسه أمام مشهد غير مسبوق، 913 شخصًا من أتباع جماعة دينية عاشت في مكان معزول عرف بـ «معبد الشعوب» بينهم أكثر من 200 طفل، ممددين في دائرة واسعة وسط غابات غيانا بالولايات المتحدة، ليكتشف العالم إنها أكبر عملية انتحار جماعي موثقة في التاريخ الحديث، والسؤال: هل كانت مجرد لحظة جنون مفاجئ؛ أم النهاية الطبيعية لمسار نفسي وسلوكي وسياسي بدأ قبل سنوات ؟ 

معبد الشعوب، من مكان للعبادة إلى مستوطنة مغلقة خارج البلاد

نشأ «معبد الشعوب» في منتصف الخمسينيات بمدينة إنديانابوليس كحركة دينية اجتماعية تقدم نفسها باعتبارها صوتًا للفقراء والمهمشين، تزعمها جيم جونز، الواعظ الشاب حينها، واستطاع جذب الأتباع بخطاب تقدمي يدعو للمساواة العرقية ويوفر خدمات اجتماعية مجانية؛ ما منح الجماعة سمعة طيبة وجعلها تكسب ثقة المئات داخل الولايات المتحدة.

لكن مع انتقال الجماعة لاحقًا إلى  كاليفورنيا، بدأت ملامح التحول نحو ضبط صارم للسلوك، ومراقبة داخلية، وجلسات اعتراف إجبارية، وتسليم الممتلكات لصندوق الجماعة، وبناء صورة للزعيم باعتباره الملهم الوحيد القادر على حماية أتباعه من عالم شرير.

ومع الوقت، لم تعد الفكرة المركزية دينية، بل تحولت إلى ولاء شخصي لجونز مختلط بخطاب اشتراكي ثوري يرى في المجتمع الأمريكي مصدر تهديد دائم.

بحلول عام 1977، ومع ازدياد بلاغات الهاربين وتحقيقات الصحافة خاصة تقارير واشنطن بوست ونيويورك تايم هرب جونز بأتباعه إلى غابات غيانا وأنشأ مستعمرة جونز تاون، وروج لـ يوتوبيا اشتراكية «مجتمع مثالي» لكنها كانت عمليًا مجتمعًا مغلقا يعتمد على العمل الإجباري، ويخضع لرقابة على الاتصالات والغذاء والتحركات..

وحسب شهادات الناجين كان المكان عبارة عن معسكر يتحرك بإشارة من قائد واحد استطاع عزل المستوطنة بالكامل عن العالم، واعتمد نظام الإذاعة الموحدة التي تقول خطابات متكررة ترسخ شعور الحصار وخطورة أي اتصال بالعالم الخارجي.

سر الانتحار الجماعي لأبناء معبد الشعوب 

خبراء السلوك الجماعي الذين درسوا الحادث لاحقًا رأوا أن ما حدث لم يكن قرارات فردية، بل نتيجة تراكم طويل من السيطرة على الوعي، فأفراد الجماعة الذي عاشوا سنوات في عزلة، تحت ضغط نفسي مستمر يقوم على فكرة أن أي خروج عليهم يعني نهاية مؤكدة، أصبح الموت بالنسبة لهم هو الخيار الأفضل. 

ومع تصاعد إحساسهم بالتهديد خصوصًا بعد وصول عضو الكونجرس ليو رايان إلى غيانا للتحقيق، ثم مقتله برصاص أفراد الجماعة، تحول الخوف الداخلي إلى اندفاع جماعي نحو قرار نهائي بالانتحار أعلن في مكبر الصوت، وبدأ بإعطاء السم للأطفال أولًا ثم البالغين، مما دفع محققين لاحقين للتأكيد أن ما جرى لم يكن انتحارًا طوعيًا للجميع، بل  قتلًا جماعيًا أدارته القيادة.

هل كانت السلطات الأمريكية مسؤولة عن انتحار أبناء معبد الشعوب ؟

لا توجد أدلة على تورط مباشر، لكن هناك شبه إجماع على أن التدخل كان متأخرًا، فقبل الحادث ظهرت تقارير استقصائية تحذر من ظروف استعبادية، ورغم ذلك لم ترسل  واشنطن بعثة رسمية إلا بعدما تضخم الضغط الإعلامي، وهو التدخل الذي انتهى بمقتل ليو رايان نفسه، ليصبح أول عضو كونجرس يقتل أثناء أداء مهامه.

ما بعد الكارثة، مراجعة عميقة لملف الجماعات المغلقة

بعد الحادثة تحركت المؤسسات السياسية والأمنية داخل الولايات المتحدة لإعادة تقييم طريقة التعامل مع الجماعات الدينية ذات الطابع المغلق، حيث تم إنشاء خطوط طوارئ للأفراد الذين يشتبه بتعرضهم للسيطرة الفكرية القسرية، وعادت النقاشات حول الحد الفاصل بين حرية المعتقد وخطر تكوين كيانات تملك سلطة مطلقة على أتباعها.

من جهة أخرى، أصبح نموذج جونز تاون مادة دراسية في علم النفس الاجتماعي لفهم كيف يمكن لمجتمع صغير ومعزول أن ينزلق تدريجيًا إلى سلوك جماعي مدمر يقوده شخص واحد، مما يؤكد خطورة الجماعات المغلقة عندما تتحول من حركة إصلاحية إلى مشروع قائم على العزلة والطاعة العمياء. 

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

الجريدة الرسمية