في يومها العالمي، حكاية "تحريم القهوة" من فتاوى الجدل إلى معشوقة أصحاب المزاج
القهوة، من المنبهات الشهيرة على مستوى العالم، وهي تعتبر مشروبا رسميا في معظم البلاد العربية ينافسها الشاي فقط، تنشط المخ وتساعد على التركيز وتقدم بطرق ونكهات مختلفة على مستوى العالم بعد أن ظلت محرمة نحو 400 عام.
اكتشاف القهوة
اكتشف القهوة رجل صوفي من اليمن هو “علي بن عمر بن إبراهيم الشاذلي” في عام 828 للهجرة، قطف قشرة البن وتناولها ليسهر ذاكرا لله تعالى.
ويحتفل العالم اليوم 1 أكتوبر بـ اليوم العالمي للقهوة، ولأن القهوة مشروبا أساسيا وهاما وافقت المنظمة الدولية للقهوة على تخصيص يوما دوليا للاحتفال بها في العام نظرا لارتباطها بتقوية المناعة، وتساعد على خفض السكر في الدم وتعزيز سلامة الكبد وتنشيط المخ والدورة الدموية.
ولم تكن القهوة، التي يتنفسها العالم اليوم مع كل صباح، مشروبًا عاديًا في بداياتها. فحين ظهرت لأول مرة في المجالس والطرقات، قوبلت بريبةٍ ورفضٍ وصل إلى حد إصدار فتاوى بتحريمها، باعتبارها مشروبًا غريبًا يُذهب العقل ويثير الجدل. لكن رحلة القهوة لم تتوقف عند هذا الرفض، بل تحولت مع الزمن من مشروب مثير للشك إلى رفيقٍ يومي للناس في الشرق والغرب، حتى باتت أيقونة عالمية تحتفل بها الشعوب في يومها السنوي.
المشروب الرسمى للمصريين
وفي تاريخ المصريين مع القهوة قصص وحكايات، حتى أصبحت المشروب الرسمي للمصريين مع الشاي، فلم يلق مشروبا من الجدل العنيف بين علماء الدين لأكثر من أربعمائة سنة مثلما لاقى مشروب القهوة، ويذهب محمد الأرناؤوط في كتابه “التاريخ الثقافي للقهوة والمقاهي” إلى أن أول صدام حول مشروعية شرب القهوة ظهر في مكة المكرمة عندما عين السلطان المملوكي قنصوة الغورى خاير بك ناظرا على الحسبة في مكة عام 1511، وعندما وصل إلى مكة كان هناك الاحتفال بالمولد النبوى ووجد أن جماعات الصوفية تتناول مشروب القهوة بكميات كبيرة فسأل عن المشروب فقالوا له قهوة، وحكوا له عن طريقة صناعتها من حب البن وكيف عشقها السكان في مكة وصار البن يباع في محال على هيئة خمارات ويقبل عليها الناس حيث اعتبروها خمر مسكرة.

وجمع خاير بك مشايخ الإسلام لبحث أمر القهوة، وعندما دافع شيخ المالكية نور الدين عن القهوة كفره المشايخ الآخرون وأفتوا بأنها حرام، فأرسل خاير بك إلى القاهرة يستجلي الرأي فى مدى جواز شربها، واجتمع الغوري بشيوخ مصر ووصلوا إلى رأي يخالف شيوخ مكة وأفتوا بأنه مشروب حلال وانتصرت الفتوى للقهوة لتنتشر في مصر ومختلف الولايات.
دخلت مصر مع طلال الأزهر
دخلت القهوة إلى مصر على ركاب الصوفية مع طلاب الأزهر من اليمنيين وقبلهم شيخ الزهد والتصوف أبو بكر عبد الله العيدروسي الشاذلى اليمني، وحسب كتاب (ملامح القاهرة فى ألف عام) للأديب جمال الغيطانى يقول: "أول من اهتدى إليها حيث كان يمر في سياحته بشجر البن فاقتات من ثمره حين رآه متروكا مع كثرته، فوجد فيه تجفيفا للدماغ واجتلابا للسهر وتنشيطًا للعبادة، فاتخذه طعاما وشرابا، وأرشد اتباعه إليه، ثم وصل العيدروس إلى مصر سنة 905 هــ، وبعد أن أحبها الناس، انتشر بيعها في دكاكين الشربتلية وسميت باسم المقاهي.. وتم توسعتها وتنظيمها بالشكل الذي نراها عليه الآن وسمى من يقدمها "قهوجي".
خمر الصالحين
استخدم أحد أسماء الخمر “خمر الصالحين” للدلالة على مشروب البن من باب التسمية بالأضداد على عادة العرب بتسمية الشيء بعكسه؛ لذلك أطلقوا على مشروب البن القهوة لأنه يوقظ العقل على عكس الخمر الذى يغيب العقل، ورأى البعض أن سبب التسمية يرجع إلى أن معنى قها في اللغة فقدان الشهية وهو الأثر الذي تحدثه القهوة.
انقسام شيوخ الأزهر
ونظرا لاعتبار القهوة مشروبا أساسيا بل وعالميا لا يمكن الاستغناء عنه، انقسم شيوخ الأزهر بين مؤيد ومعارض حول مشروب القهوة، وشهدت شوارع القاهرة خلافا حادا حول القهوة حيث أفتى الشيخ على أحمد بن عبد الحق السنباطى ـ أحد فقهاء الشافعية ـ بتحريم شرب القهوة عام 1534 وسمى عدو القهوة، حتى إن الشرطة قامت بسجن بعض شاربيها، مما دفع الأهالى عام 1539 إلى التجمع أمام بعض المقاهى وتحطيم محتوياتها والاعتداء على روادها، واعتبروا السنباطى عدوا للقهوة، وكان أول من تحداه المغتربون الدارسون بالأزهر، وقامت المظاهرات مطالبين السنباطى الرجوع عن فتواه، فأفتى القاضي الحنفي محيي الدين بن إلياس بجواز شربها وأصبح في مصر حكمان متضاربان أحدهما يحرم والآخر يجيز تناول القهوة.

وفى عام 1572 صدرت فتوى من الشافعية بتحريم تناول القهوة، مما أدى إلى هياج العامة حتى قاموا بتكسير المقاهي التي تقدم هذا المشروب الحرام، وفي نهاية العام تصاعد الغضب الشعبى ضد القهوة وكثرت تحريضات أئمة الجوامع ضد القهوة وشاربها وحاملها، حتى صدرت فتوى رسمية بغلق جميع المقاهى ومصادرة البن بل تكسير الأواني التي تصنع فيها القهوة، وطبعا نفذت الغوغاء حكم الشرع بنفسها، وانتشر العسس يقبضون على شاربي القهوة وتجارها.

من أجل ذلك تشكلت لجنة من المتخصصين في الأمور الطبية لبحث هل القهوة مضرة أم مفيدة، إلا أن القهوة فرضت نفسها كمشروب يساعد على النشاط والسهر، وأصبح أماكن شربها على المقاهى وفى المجالس وأصبح استيراد البن علنيا من اليمن عن طريق البحر، وتباع في محلات عرفت بخان البن.
وقد حرم سلاطين الدولة العثمانية شرب القهوة باعتبارها تنبه العامة وتعينهم على عصيان الولاة، وعندما دخل الاحتلال البريطاني لمصر الذي جاء بعاداته بعد أن فرضوا طباعهم حيث يحب الإنجليز شرب الشاي فبدأت النخب المصرية في تقليدهم لينتشر في مصر شرب الشاي في مقاهي الأحياء الشعبية والريف، ويزيح الشاي القهوة عن عرش المشروب المفضل عند المصريين بحلول منتصف القرن العشرين.
لا يوجد مدح أو ذم للقهوة
واجتمعت الآراء على أن القهوة لم تكن -قطعًا- على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأنه ليس عنه ولا عن أحد من الصحابة ولا التابعين نص في مدحها أو ذمها؛ فما ذكر من أن الملائكة تستغفر لشاربها كلام باطل، ونكارته، وكذا ما يذكر من أن من يكره شربها ممسوس فهو من الأقوال المنكرة الباطلة، التي لا أصل لها، وكم من الفضلاء ممن يكرهون شرب القهوة، وكم منهم من يتعاطاها،.
ومن جانبه أوضح الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء في الأزهر الشريف، ومفتي الجمهورية الأسبق أن من أمثلة خطورة التلاعب بالمصطلحات، فحين ظهر نبات البن ونبات البن ظهر في اليمن واكتشفه رجل يسمى بأبي الحسن الشاذلي من اليمن -وليس هو سيدي أبو الحسن الشاذلي في حميثرة- وكان يجلس مرة تحت شجرة البن دون أن يعرفها ووقعت ثمار البن داخل الغلاية الخاصة به شربها فانتبه وقام الليل كله يصلي لله تعالى فأدرك أن البن ينبه ويعين على السهر وأصبح البن شائعا في العالم كله من اليمن.
وأشار إلى أنه بعد ذلك تطور الاسم إلى قهوة وكلمة قهوة في اللغة العربية تعني خمرة والخمرة في لغة العرب لها تسعين اسما من ضمنها قهوة، وذهب الناس إلى المشايخ فسألوهم عن حكم الدين في القهوة فأجابوهم بحرمتها لأن الاسم عندهم يدل على أن هذا خمر، وظل المشايخ على تحريم القهوة سنوات كثيرة.
إلى أن جاء شيخنا وسيدنا الشيخ زكريا الأنصاري رحمه الله رحمة واسعة -وهو مدفون بجوار الإمام الشافعي رضي الله عنه- وأتى بعشرة طلاب من الأزهر وأعد لهم القهوة وأخذ يباحثهم في مسائل العلم بعد تناولهم فوجد أنهم أكثر انتباها وحضورا فقال (هذه قهوة البن) وقيدها بلفظ البن وقهوة البن حلال.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا


