بعد أزمات البلوجرز الأخيرة.. دعوات لحجب التيك توك.. الخبراء: الغلق الكامل لن يحقق الهدف.. وسياسة الاستخدام الرشيد والإدارة الواعية «الحل»
انشغلت الساحة الإعلامية، في الفترة الأخيرة، بالحديث المتواصل عن مساوئ المحتوى الهابط الذي يقدمه العديد من التيك توكرز، والبلوجرز، وتدخل الجهات الرقابية، والأجهزة الأمنية للتحرك، استجابة لبلاغات، ومناشدات الررأي العام، والقبض على عدد كبير من صتاع المحتوى السيء، والمنافي للعادات والقيم والتقاليد.
وصل الأمر بكثير من المواطنين والقانونيين والتربويين إلى مطالبة الحكومة بإغلاق "التيك توك"، وحجبه؛ حتى نتقي الشرور التي يتأثر بها الشباب والأطفال.
خلال برنامجه "آخر النهار"، علق الإعلامي تامر أمين، على الأحداث التي تجري حاليًا بشأن القبض على العديد من بلوجر التيك توك، قائلًا: إن حالة الفوضى على السوشيال ميديا، وخاصة التيك توك، كان لابد لها أن تتوقف، متمنيًا أن تستمر الداخلية المصرية في تطهير مواقع التواصل الاجتماعي.
هناك دول عربية قامت بإغلاق مثل هذه التطبيقات
أما النائب أحمد بدوي، رئيس لجنة الاتصالات بمجلس النواب، فأجاب على سؤال: "هل يتم غلق التيك توك في مصر"، وقال، في تصريحات تليفزيونية، نقلتها المواقع الإلكترونية: لجنة الاتصالات بمجلس النواب في آخر اجتماع أصدرت توصيات للأجهزة التنفيذية، كان من أهمها حجب هذا التطبيق إذا لم يلتزم بتوصيات لجنة الاتصالات بمجلس النواب، مستندا إلى أن هناك دولًا عربية قامت بإغلاق مثل هذه التطبيقات، فمصر من الممكن أن تغلق هذه التطبيقات إذا لم يلتزم مسؤولو هذه التطبيقات بالتوصيات الأخيرة، أو إذا خالف هذا التطبيق القانون المصري.
اقرأ أيضا: دعوى قضائية جديدة تطالب بحجب تيك توك والتطبيقات المشابهة في مصر
الحجب الجزئي غير كافٍ
من جانبها، أشارت الدكتورة سوزان القليني، أستاذ الإعلام والاتصال، ورئيس لجنة الإعلام بالمجلس القومي للمرأة، إلى أن هناك بعض الآراء تنادي بحجب التيك توك في مصر، ومن الناحية التكنولوجية: نعم، الحجب ممكن تقنيًا، وهناك تجارب سابقة لدول قامت بذلك.، لكن في عصر الـVPN والتطبيقات البديلة، يصبح الحجب الجزئي غير كافٍ.

ومن الناحية القانونية، فالأمر يحتاج إلى تشريع واضح أو قرار حكومي يستند إلى مبررات قوية، مثل حماية الأمن القومي أو الحفاظ على القيم المجتمعية.
سياسة الاستخدام الرشيد
وتضيف الدكتورة سوزان القليني: من الناحية العملية؛ أنا أرى أن الحجب ليس هو الحل الأمثل، لأنه يواجه تحديات تقنية وقانونية، كما أنه قد يزيد من إقبال الشباب على البحث عن وسائل التفاف.
وتؤكد أن الحل الأفضل يثمل في أن نتبنى سياسة الاستخدام الرشيد عبر التوعية، وتنظيم المحتوى، وتشجيع البدائل الإيجابية، بدلًا من اللجوء للحجب الكلي.
الحجب استسهال ودعوة للرجوع للوراء
الدكتور خالد شريف، خبير الاتصالات، يرى، من وجهة نظره أن الإغلاق، دعوة للرجوع للوراء، واستسهال، بدلا من الحل الصعب.. لو قفلنا التيك توك، هانعمل إيه مع الفيس بوك، وغيرها؟!!

فنيا مفيش مشكلة، وليست هناك مشكلة قانونيا.. الحل الصعب أن أربي الناس، والحل السهل الإغلاق.. ولكنها دعوة للتخلف والعودة للوراء.
نوع من الهروب
الكاتب والمفكر نبيل عمر، مدير تحرير "الأهرام"، يصف الحجب بأنه نوع من الهروب على طريقة دس النعامة رأسها في الرمل، في عالم مفتوح كل شئ فيه علي عينك يا تاجر، وعزل اي مجتمع عن العالم هو نوع من تقليل التوهج فيه لمصلحة الظلمة.
فضيلة الشيخ شريف أبو حطب مدير عام منطقة وعظ القاهرة ورئيس لجان الفتوى والمصالحات ولم الشمل بوعظ الأزهر الشريف بالقاهرة، يقول: إنه بالنسبة لدعاوى حجب تيك توك في مصر، أعتقد قانونيًا أنه يمكن للدولة الحجب إذا ثبت أن التطبيق يمثل خطرًا على الأمن القومي أو القيم المجتمعية.. أما تكنولوجيًّا فمن الممكن حجب المنصة عن طريق مزودي الخدمة، كما حدث في دول أخرى مثل الهند، لكن الحجب ليس حلًا دائمًا، فهناك بدائل مثل تنظيم المحتوى وتفعيل الرقابة بدلًا من المنع الكامل.

ويلفت النظر إلى أن الرأي العام يميل إلى ضرورة الضبط لا الحظر، وتوجيه المحتوى نحو الإيجابية بدلًا من ترك فراغ يُملأ بالسلبية.
ويختتم الشيخ شريف أبو حطب: في النهاية، تبقى وسائل التواصل الاجتماعي أداة بين أيدينا، يمكن أن تكون نافعة أو ضارة حسب طريقة استخدامها. الواجب على الأفراد والمجتمع أن يختاروا الوعي بدل الانجراف، والتوجيه بدل الحظر، ليظل العالم الرقمي مساحة للنفع لا للضرر.
سهل من الناحية الشكلية لكنه ليس حلا عمليا
هايدي الفيشاوي، باحثة ماجستير في العلوم السياسية، والباحثة الحقوقية بالمنظمة المصرية لحقوق الإنسان، تؤكد أن أن الحجب الشامل لتطبيق مثل “تيك توك”، يعد حلا سهلا من الناحية الشكلية، لكنه غير عملي، فهو لا يعالج أصل المشكلة، بل يدفع المستخدمين ـ وخاصة الشباب ـ إلى استخدام بدائل أكثر خطورة وأقل خضوعًا لأي شكل من أشكال الرقابة أو التنظيم.
وتضيف، في تصريحات لـ"فيتو": برأيي، الحل الأكثر فاعلية في السياق المصري لا يكون عبر المنع، بل من خلال مزيج من الآليات المتوازنة:
- تطوير تشريعات رقمية تحمي القيم المجتمعية وتكفل في الوقت ذاته حرية الرأي والتعبير.
- تفعيل أدوات رقابة ذكية تستهدف المحتوى الضار والذي لا يتسق مع مبادئ وقيم المجتمع.
- الاستثمار في التربية الرقمية والتوعية المجتمعية، بحيث يصبح المستخدم شريكًا في مواجهة المخاطر بدلًا من أن يكون ضحية لها.
وتشير هايدي الفيشاوي إلى أنه كما أن الحجب من الناحية التكنولوجية، يمكن تنفيذه كما حدث مع بعض المواقع سابقًا، لكن يلجأ المستخدمون إلى أدوات تجاوز مثل الـVPN، مما يجعل الحجب أقرب إلى إجراء شكلي لا يحقق الغاية المرجوة.
ومن الناحية القانونية: فإن القانون المصري يمنح الجهات المختصة صلاحية حجب المواقع أو التطبيقات إذا رُئي أنها تهدد الأمن القومي أو النظام العام.

لكن في المقابل، يجب ألا يغيب عنا أن مصر ملتزمة دوليًا بالحق في حرية التعبير وتداول المعلومات، وفقًا للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. وبالتالي، فإن اللجوء إلى الحجب قد يُدخل الدولة في إشكالية بين مقتضيات الأمن ومتطلبات احترام حقوق الإنسان.
أبعاد حقوقية وسياسية واجتماعية بالغة الأهمية
وتقول: لم تعد وسائل التواصل الاجتماعي مجرد منصات للترفيه أو التواصل، بل أصبحت فضاء عام وأداة مؤثرة في الحياة العامة تحمل أبعادًا حقوقية وسياسية واجتماعية بالغة الأهمية.
فعلى صعيد حرية التعبير، منحت هذه المنصات الشباب والنساء والفئات المهمشة صوتًا مسموعًا، كما حدث خلال ثورات الربيع العربي، حين تحولت صفحات “فيسبوك” إلى منابر للمطالبة بالحرية والديمقراطية.
كما استخدمت منصات التواصل الاجتماعي كأداة الاكثر تأثيرا لكشفت وفضح الانتهاكات الجسيمة بحق الأشقاء الفلسطينيين؛ حيث ساهمت في فضح الاعتداءات الإسرائيلية على المدنيين، وكسر التعتيم الإعلامي، وخلق تضامنا عالميا واسعا مع الشعب الفلسطيني.
على مستوى تمكين الفئات المهمشة، وفرت وسائل التواصل الاجتماعي منصة للأشخاص ذوي الإعاقة لعرض قضاياهم بأنفسهم، وسمحت للنساء ببناء شبكات دعم قوية لمواجهة التمييز ومناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي، مما عزز التضامن المجتمعي وخلق حوارًا لم يكن ممكنًا عبر الإعلام التقليدي.
وفي مجال الحق في المعرفة والوصول للمعلومة، لعبت هذه الوسائل دورًا محوريًا في نشر المعلومات الموثوقة، مثل الحملات التوعوية أثناء جائحة كورونا، والتي ساعدت ملايين الأشخاص على حماية أنفسهم في وقت لم يكن الإعلام التقليدي قادرًا على الوصول إليهم بالسرعة نفسها.
ومع كل هذه الإيجابيات، تظل التحديات قائمة مثل الأخبار المضللة وخطاب الكراهية والتنمر الإلكتروني. لذا، تبقى المسؤولية مشتركة بين الأفراد والدولة والمجتمع المدني لضمان توظيف هذه الأدوات لتعزيز الحقوق والحريات لا العكس.
وحول سبل وآليات تجنب سلبياتها، ترى أن وسائل التواصل الاجتماعي مثل “فيسبوك” و”تيك توك” تحمل في طياتها مخاطر متعددة، من أبرزها انتشار الأخبار الكاذبة، تصاعد خطاب الكراهية، انتهاك الخصوصية، والمحتوى غير الملائم الذي يستهدف فئة الشباب.
الإدارة الواعية والاستخدام الرشيد
الباحثة هايدي الفيشاوي تؤكد أن الحجب ليس هو الحل الأمثل، بل قد يزيد من الانغلاق ويضعف الحق في المعرفة؛ لذا، يكمن البديل الحقيقي في الإدارة الواعية والاستخدام الرشيد عبر حزمة من الآليات:
- التربية الرقمية: إدماج مناهج تعليمية في المدارس والجامعات لترسيخ مهارات التفكير النقدي، وتعليم الأجيال الجديدة كيفية التحقق من الأخبار، وحماية بياناتهم الشخصية. وتجربة فنلندا في إدخال برامج مكافحة الأخبار المضللة داخل التعليم العام تُعد نموذجًا رائدًا في هذا السياق.
- تعزيز الثقافة الحقوقية: نشر الوعي بأن حرية التعبير حق أصيل، لكن يقابله واجب بعدم التحريض على الكراهية، أو نشر محتوى غير اخلاقي يهدد قيم ومبادئ المجتمع، بما يعزز مناخًا أكثر أمانًا للحوار العام.
- إطار قانوني متوازن: وضع تشريعات تُنظم الفضاء الرقمي وتحمي من جرائم الإنترنت، مع ضمان ألا تتحول هذه القوانين إلى أداة لتقييد حرية التعبير مثال علي ذلك، الاتحاد الأوروبي أقر “قانون الخدمات الرقمية” الذي يُلزم المنصات الكبرى بحذف المحتوى الضار مع احترام حرية التعبير.
- تعزيز دور المجتمع المدني: من خلال إطلاق حملات توعية ورقابة اجتماعية على الاستخدام، مثلما حدث في الحملات التي حذرت من تحديات خطيرة للأطفال على “تيك توك”.
بالتالي، مواجهة السلبيات لا تكون عبر الإقصاء أو الحجب، وإنما عبر التربية والوعي والرقابة المجتمعية والتشريع الرشيد، حتى تبقى هذه المنصات أداة لبناء مجتمع أكثر وعيًا بدلًا من أن تتحول إلى مصدر تهديد.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا


