رئيس التحرير
عصام كامل

حديث الأربعاء

وعدهما الشيطان بالخلود في الجنة.. فهبطوا منها جميعا

18 حجم الخط

لم تكن شجرة خُلد أبدي بل كانت شجرة هبوط حتمي، ولم تكن شجرة لإقامة مُلك لا يبلى كما وعدهم إبليس؛ بل كانت سببا في غضب الملك الأعظم، فلم يكن سيدنا آدم على صواب عندما لم يكتفِ هو وزوجه السيدة حواء بما رزقهما الله من خيرات الجنة ونعيمها ورَغَدها، حين قال الله تعالى آمرا وناهيا: “وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ”. 

 

ثم قال له ربه كما ورد في موضع قرآني آخر موجها كلامه لسيدنا آدم: “إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى” “وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى”.. ولمّا كان الله قد سمح لإبليس بأن يكون من المنظرين إلى يوم الدين فكان من الطبيعي أن يتواجد مع آدم وحواء في الجنة، لذلك أخبر الله آدم بعداوة إبليس له وليحذر منه فقال تعالى لآدم: “يَا آدَمُ إِنَّ هذا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى”.. 

لكن سيدنا آدم انشغل واهتم بالنعيم الذي سيلاقيه في الجنة ونسي عاقبة مخالفة أمر ربه، وهو الظلم والشقاء، وهذا ما حصل مع آدم وحواء. كان الشيطان معهما يسمع ويرى ويتابع ويخطط ويوسوس، فهو في مهمة ظاهرها الخير وباطنها الشر، فكان لآدم وحواء كالظل متربصا بهما ريب المنون وحوادث الدهر، لا يألو جهدا في إفساد حياة الإنسان وذريته، وهذه مهمته المقدسة عنده وعند ذريته في كل مكان وزمان.

كان إبليس على علم مسبق بما تشتهي نفس آدم وحواء ونقاط ضعفهما: “فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَى”، إذن هي الرغبة في الخُلد والبقاء الأبدي في هذه الجنة، وحبًا في ُملك لا يبلى وملكية لجنة لا تفنى، وذلك ما استهوى قلب آدم وحواء وجعلهما يستجيبان سريعا بمجرد أن قَالَ إبليس لآدم متظاهرا بالناصح المخلص الأمين، وهو لم يكن كذلك مطلقا.. 

قال إبليس موسوسا مخادعا: “يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَىٰ شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَى” فلم يتردد آدم ولو للحظة تفكير بدليل حرف الفاء وهي فاء السرعة: “فَأَكَلَا مِنْهَا”، فجاء العقاب أيضا بفاء السرعة والسببية: “فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا”.. 

لقد أكل آدم وزوجه من الشجرة، جهلا بعداوة الناصح اللئيم، وطمعا في الخلد وفي المُلك، فخالفا أمر ربهما وأكلا من الشجرة. لم يدرك آدم أن المنع لم يكن سوى ابتلاء وامتحان، وكان اختبار من الله لعزيمته ومدى تحكمه في هوى نفسه ومزاجه وغرائزه الجسدية والنفسية، واختبار لقدرته على مواجهة وساوس إبليس، لكن لم يجد الله لآدم عزما وإرادة:{وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا}، فحين اجتمعت أهواء النفس مع وسوسة إبليس؛ أفقدا آدم العزم والإرادة، فنسي آدم أمر ربه فعصى وغوى. 

انزعج آدم وحواء أيما انزعاج، انتابهما ذهول وجزع وارتباك وحيرة من أمرهما، فلا يكادان يصدقان ما حدث لهما، يتلفتان يمينا ويسارا حتى اهتديا إلى شجرة أوراقها عريضة وسميكة، فجريا ليسترا عوراتهما: “وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ”، يغطيان أجسادهما العارية تماما وهذا ما كان من عقاب سريع لأول  معصية لآدم وحواء..

هدأ سيدنا آدم بعض الشيء ثم أدرك أنه خالف أمر ربه: “وَعَصَىٰ آدَمُ رَبَّهُ فغوى”، طمعًا في الخُلد الدائم، ورغبة في المُلك المقيم، فكان العقاب شديد بدلا من سترة المُلك؛ كشف الله عوراتهما أمام بعضهما البعض، اعترف آدم وزوجه بالذنب، وطلبا من الله العفو والمغفرة فقالا: “رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ”.

أما إبليس الملعون فقد فرح بنجاحه في أول مهمة له، لإفساد علاقة الإنسان بربه. فبدلا من الخُلود كان الطرد من الجنة والرحيل على أول رحلة ذهاب من جنة بأعالي السماء إلى أرض الحياة الدنيا بتذكرة موقعة بتأشيرة من رب السماوات والأرض.. 

وما أكد حجزها خطيئة آدم حين مالت نفسه ومعه حواء وضعفهما أمام وساوس إبليس وأكاذيبه، فجاء الأمر الإلهي: “اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إلى حِين”، ثم قال تعالى: “فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ”.. ليستمر الإنسان بضعفه وأهوائه الدنيوية، ويستمر الشيطان بأكاذيبه ووعوده الباطلة، وما يعدنا الشيطان إلا غرورا، ويا ليت ذرية آدم يفقهون. 
nasserkhkh69@yahoo.com

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

الجريدة الرسمية