الديمقراطية على الطريقة الأفريقية.. الرئيس الكاميروني البالغ 92 سنة يعلن من سويسرا الترشح لفترة ثامنة.. أقوى المنافسين عمره 78 عاما.. وتوقعات بانسحاب "بول بيا" في اللحظات الأخيرة
في خطوة تمثل استمرارا للطريقة الأفريقية في ممارسة الديمقراطية، أعلن "بول بيا" رئيس جمهورية الكاميرون، البالغ من العمر 92 عاما، من سويسرا، حيث يقيم، بشكل شبه دائم، اعتزامه الترشح لفترة رئاسية ثامنة.
الرئيس يحكم الكاميرون منذ عام ١٩٨٢، وقد تخطى عمره الـ ٩٢ عاما بعدة شهور، وهو يقضي معظم وقته مع زوجته السيدة شانتال بيا التي تصغره بـ ٣٨ عاما، وأولادهما فى سويسرا.
فاجأ بول بيا شعب الكاميرون بمنشور على منصة "إكس" قال فيه: "أنا مرشح لانتخابات الرئاسة التي ستجرى فى ١٢ أكتوبر ٢٠٢٥.. كونوا على ثقة أن تصميمى على خدمتكم يتناسب مع التحديات الجادة التى نواجهها".
وكان قبل توليه رئاسة الكاميرون عام ١٩٨٢، يشغل منصب رئيس الوزراء منذ عام ١٩٧٥ وحتى عام ١٩٨٢، وقبل ذلك شغل منصب أمين عام مؤسسة الرئاسة منذ عام ١٩٦٨.

رئيس الكاميرون السابق قبل بول بيا هو الرئيس أحمدو أهيجو، الذى كان أول رئيس للكاميرون بعد استقلالها عام ١٩٦٠، وقبل أن يغادر الحكم بشهور قليلة تمكن من توحيد الكاميرون الفرنسى والكاميرون الانجليزى تحت علم واحد، وكان أحمدو يعاني آنذاك من عارض صحى غامض، ويقال: إن طبيبه الفرنسى أقنعه بأن أيامه في الحياة محدودة إذا لم يعتزل كل التوترات، فقرر الرجل أن يترك الحكم لرئيس وزرائه، وما أن تولى بول بيا الحكم حتى راح الطبيب الفرنسى إياه يبتعد شيئا فشيئا عن أحمدو أهيجو الذي اكتشف بمحض الصدفة أن هذا الطبيب خدعه بالاتفاق مع بول بيا وأوهمه بأنه سيموت قريبا إذا لم يعتزل التوترات.
نفي الرئيس السابق إلى السنغال
وقد حاول أحمدو أن يعود للحكم عام ١٩٨٤، ولكن بول بيا ألقى القبض عليه، ثم اكتفى بنفيه إلى السنغال بعد توسط شخصيات دولية وأفريقية، وعاش أحمدو فى السنغال حتى توفي عام ١٩٨٩.
اقرأ للمزيد: عمره 92 عاما ويترشح لولاية رئاسية ثامنة، بويل بيا رئيسا للكاميرون حتى يحين الأجل
وتعيش الكاميرون حالة من الترقب الحذر، لأن بول بيا الذى يبلغ عمره ٩٢ عاما لم يكتف بإعلان ترشحه لفترة رئاسية ثامنة، ولكنه عن طريق اللجنة العليا للانتخابات استبعد منافسه الحقيقي الوحيد على مقعد الرئيس، دون إبداء أية مبررات، وأعلنت اللجنة قائمة المنافسين الـ١٢ للرئيس الذين اعتادوا الترشح فى مواجهته لكى يهزمهم.
43 سنة في الحكم
الدكتورة نجلاء مرعي، أستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، وخبيرة الشئون الأفريقية، تقول، لـ"فيتو": أعلن الرئيس الكاميروني بول بيا (Paul Biya) يوم الأحد الموافق ١٣ يوليو أنه سيترشح لفترة انتخابات رئاسية قادمة، ويسعى للفوز بولاية ثامنة، وبهذا يكون حكمه قد امتد إلى ٤٣ عاما، وهو بالمناسبة أكبر رئيس دولة عمره ٩٢ سنة، وأكد أنه مصمم على مواجهة التحديات الجسيمة التي تواجهها بلاده.

وتضيف أن دولة الكاميرون من الدول التي تقع مناطق كثيرة منها تحت خط الفقر، حتى انه ذكر أنه سيواجه هذه التحديات مع الشعب الكاميروني. ومن وقت إعلانه الترشح انقسمت المعارضة لفريقين حول الانتخابات الرئاسية المقبلة وتحاول توحيد صفوفها تحت مرشح واحد لأنه لا يوجد حتى الآن إجماع على مرشح واحد فقط في الانتخابات القادمة، أما عن سبب إعلان الرئيس الكاميروني ذلك بالرغم من أنه في الأشهر الماضية كانت هناك شكوك حول وفاته وحالته الصحية ثم أنكر ذلك، أعتقد أنه يحاول أن ينفي سوء حالته الصحية.. هو يرى أن استمرار حكمه فيه استقرار للبلد، خاصة في ظل التحديات الأمنية والإرهاب والتحديات الاقتصادية اللي تواجهها الكاميرون، معتبرا أن عنده خبرة طويلة من الحكم، ٤٠ سنة من الحكم، وعنده قدرة على قيادة البلاد في الأوقات الصعبة جعلته قادرا على مواجهة هذه التحديات، أيضا هو يحاول أن يواجه محاولات الانفصال التي تشهدها بعض المناطق في الكاميرون، وبالتالي يجب الحفاظ على وحدة البلاد، واكد ان هذه رغبة الشعب رغم أن المعارضة ترى ان هذا استبداد وتركيز السلطة في يد شخص واحد، وأنه يجب أن يفسح المجال لجيل جديد من القادة، كما أن سنه ٩٢ سنة لا يسمح له بحكم البلاد في ظل التحديات الأمنية الجسيمة الموجودة في الكاميرون والمناطق المجاورة له.. أتحدث عن الإرهاب.
وأكدت د. نجلاء مرعي: هناك تشكك في قدراته وفي اعتزامه ترشيح نفسه، وبالنسبة لكل الاحتمالات فهي مطروحة ومتساوية، سواء ترشح او انسحب.. فإعلانه يؤكد أنه لا شك عنده الرغبة في هذا، ولكن الثلاثة أشهر القادمة حتى شهر ١٠ القادم سوف تحسم نقاطا عديدة بشأن ترشحه، وأؤكد مرة أخرى أن كل الاحتمالات مطروحة ومتساوية بخصوص الترشح والانسحاب في نفس الوقت.
انقسام حول المستقبل السياسي لرئيس الكاميرون
وتشير خبيرة الشئون الأفريقية: أيضا هناك انقسام واضح بين الحكومة نفسها والحزب الحاكم بشأن المستقبل السياسي لرئيس الكاميرون الذي تجاوز سنه الـ٩٢ سنة، وأمضى في الحكم ٤٠ عاما.. وهناك شوفنا وزير التعليم قد يترشح.. والحزب الحاكم لم يرشح أحدا إلى الآن، ولكن هو المرشح الوحيد والمادة رقم ٢٧ من النظام الأساسي للحزب تقول إنه المرشح الوحيد.. حتى الحزب الحاكم لم يعلن عن غير الرئيس الحالي، الذي يواجه معارضة شديدة.. هناك معارضة في الولاية الشمالية التي تضم ٢ مليون ناخب، وفي عام ٢٠١٦ وقعت أحداث راح ضحيتها أكثر من ٦ آلاف مواطن.. الجيل الجديد لا يدعم "بيا" فهو من الجيل القديم الذي يحظى بعلاقات قوية مع الدول الأوروبية، ولكن هنا سؤال: هل الدول الأوروبية عندها استعداد ان تدعم بيا للحكم لأنه وزوجته يقضيان أوقاتا كبيرة في سويسرا؟! فهو لا يوجد في البلاد بشكل دائم ومتهم بأنه يملك الكثير من الأموال في العواصم الغربية العديدة، فهل ستستمر هذه الدول في دعمه أم أنه سيضطر ان ينسحب في الأيام الأخيرة نظرا للسن؟!
وتضيف: حتى لو جينا نشوف مين المرشحين اللي قدامه؛ هو وزير السياحة الكاميروني بيلو بوبا ميغاري ( Bello Bouba Maïgari ) وعنده ٧٨ سنة فاذا هناك حتى المرشح المنافس ليس من الشباب!!
الكاتب يوسف العومي المتخصص في الشئون الأفريقية والدولية، يرى، في تصريحات لـ"فيتو" أنه بالنظر للشأن الرئاسي في الكاميرون، خلال الفترة الماضية يتضح أن الرئيس الحالي بول بيا 92 عامًا يعاني من مشاكل تمنعه من الترشح لفترة رئاسية جديدة أو فترة رئاسية ثامنة، لكن المؤكد أن هناك جهات حكومية وغير حكومية مستفيدة من بقاء بول بيا علي رأس السلطة، وهي التي تدير المشهد السياسي، أولى هذه الجهات هي شبكة النظام الحاكم وأركان الحزب الحاكم، والمسؤولين الحكوميين وأعضاء من أحزاب صغيرة محسوبة على النظام وكبار المسؤولين، الذين يحصلون على امتيازات الوظائف والصفقات الحكومية والتعيينات هؤلاء لهم مصلحة في استمرار وجود النظام القائم والمشاركة في التحالف الحاكم.
الدولة العميقة في الكاميرون
ويقول: أضف إلى ماسبق هناك أيضا قوى أخطر من الأحزاب ومن المسؤولين الحكوميين، وهي الأجهزة الأمنية والجيش والدولة العميقة.. فالقوات الأمنية ودوائر الاستخبارات مستفيدة من بقاء بول بيا حتى ولو كان ميتًا اكلينيكًا أو في غيبوبة تامة لأن استقرار هذا النظام يضمن هؤلاء استمرار التمويل والسيطرة واستخدام الأجهزة لفرض الأمن الداخلي والدفاع عن النظام.
ولا يتوقف الأمر عند المستفيدين الداخليين بل هناك جهات خارجية صاحبة مصلحة تعمل على استمرار هذا النظام لضمان مصالحها والفوز بالمناقصات للمشروعات الجارية، مثل الشركات الصينية وحلفاؤها التي تستفيد من مشاريع البنية التحتية، أيضا بعض المستثمرين الغربيين قد يفضلون استمرار النظام الحالي للاستقرار السياسي، رغم المخاطر المتعلقة بالفساد أو ممارسة دونالد بيّا للسلطة.
وهناك أيضا النافذون الإقليميون والمقربون من "بيا" الذين يهيمنون على العديد من المناصب السيادية.
كل ما سبق يصر على بقاء بول بيا في الحكم، لكن السؤال إلى متى؟! وماهي البدائل لو مات الرئيس فجأة خاصة وأنه بلغ من العمر عتيًا؟!.
الإجابة عن الأسئلة السابقة تؤكد أنه في حال حدوث أمر عارض ستدخل البلاد في حالة فراغ سياسى وانقسام، خاصة من في ظل وجود معارضة لكل ما هو قائم وقد تنزلق الأوضاع الي عنف طويل الأمد.
والمراهنة على قدرة على التعامل السياسي من قبل الأجهزة الأمنية والإدارية التي يعرف أعضاؤها دورهم تعمل بكفاءة ضمن النظام معرفتهم وطول مدة الخدمة، علي المحك وقد تخرج الأمور عن السيطرة.
المعارضة مشتّتة
أضف إلى ما سبق أن إبقاء المعارضة مشتّتة عبر استبعاد مرشحين مهمين مثل موريس كامتو، والذي تم رفض ترشحه رسميًا من قبل لجنة الانتخابات دون تفسير، ما يضمن لبيّا فرصة الفوز وفق السيناريو الحالي، قد يتسبب في انشقاقات داخلية كبيرة، قد ينضم اليها الجيل الجديد من الشباب والمثقفين الذي يطالب بالتغيير والتداول السلمي للسلطة، كما أن هناك جهات تراقب وتدعم التغيير مثل أصحاب الاستثمار الدولي الحر الذي قد يتأثر بممارسات الفساد المتكررة وانعدام الحكم الرشيد.

الكاتب والمفكر المغربي عادل أعوين بن محمد، يؤكد لـ"فيتو"، أن ترشح بول بيا لولاية ثامنة يبعث برسائل قوية عن استمرار نهج السيطرة المركزية بدل الطابع الديمقراطي، ويزيد احتمال تفاقم الأزمة السياسية إذا لم يتم توفير منافسة شفافة ومسؤولة. وقد يشكل استحقاق 12 أكتوبر 2025 لحظة حاسمة في تاريخ الكاميرون، بين تجديد السلطة بشخصية عمرها قرابة المئة عام، أو بداية فصل جديد من التحول القيادي.
ويضيف: الكاميرونيين أنفسهم بعضهم يعتقد أن هذا الترشح يعني استمرار السيطرة المركزية للسلطة، وآخرون يتساءلون عن مدى عدالة الانتخابات القادمة، الأزمة السياسية قد تتفاقم إذا لم تكن هناك منافسة حقيقية بين المرشحين، في الوقت الذي تردد فيه المعارضة أن الانتخابات السابقة لم تكن نزيهة بصورة كافية، والسؤال الآن: هل سيقبل الشعب الكاميروني باستمرار نفس الشخص في الحكم كل هذه المدة؟
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا
