رئيس التحرير
عصام كامل

شهداء لقمة العيش.. وحكومة العلمين!

18 حجم الخط

بينما تتنعم الحكومة بصيف هادئ في العلمين التي تتقاطع فيها الحداثة مع الهدوء، وترتفع مبانيها كأنها تُناجي السماء، ويحمل النسيم في نبرته نغمة صيفٍ مترفٍ لا يعرف العجلة. هناك، تتهادَى الأمواج على شطآن من بلّور، فتغسل القلب من ضجيج المدن القديمة، وتُهمس للروح أن هنا وطنٌ ثانٍ للراحة والبهاء.. 

بينما يستمتع وزراء الحكومة بذلك النعيم تاركين أجواء القاهرة الخانقة وراء ظهورهم، وقع حادث أليم قطف 19 بنتا في عمر الزهور بمحافظة المنوفية، خرجن بحثا عن لقمة عيش تسد رمقهن في ظروف اقتصادية لا تخفى صعوبتها على الجميع.


لم يكن صباح ذلك اليوم عاديًا. ففي لحظة واحدة، وفي قلب المنوفية، تلك المحافظة المتميزة المعروفة باجتهاد أهلها حتى تبوأ كثير منهم مراكز مرموقة في الدولة، وصلت لمقعد الرئاسة على مدى عقود وعقود، لكن ذلك لم يشفع لها لتتجاوز عتبة المحن وفقر الموارد. 

 

وقد جاء الحادث الأخير كاشفا لهذه المفارقة التراجيدية، فقد أزهقت أرواح تسع عشرة طفلة وهن في طريقهن إلى ما ظننّ أنه لقمة عيش تسند فقر أسرهن. لم تكن تلك الأرواح تلعب أو تلهو، بل تكدح، وتحمل على أكتافها الصغيرة أعباءً تفوق قدرتهنّ وعمرهنّ، وفجأة.. انتهى كل شيء، على الأسفلت البارد، في مشهد لا تصفه الكلمات. 

 

الحادثة ليست مجرد حادث طريق. إنها جريمة متكاملة الأركان. جريمة في حق الطفولة، والعدالة، والضمير، والمجتمع بأسره. جريمة تفضح منظومة بأكملها تتداعى، وتنهار، وتحصد أرواح البسطاء بصمت مخيف.

من المسؤول؟ من سيحاسَب؟ من الشركة التي نفّذت هذا الطريق؟ كيف تم استلامه؟ من وقّع على الأوراق؟ أين كانت أجهزة الرقابة؟ وأين كانت أعين المسؤولين؟ أين محافظ المنوفية؟ أين نوابها الذين يقفون في الصفوف الأولى للكاميرات في أيام الاحتفالات؟ 

أين الدولة حين تُركت طفلة رهينة الاستغلال لتعمل بـ 120 جنيهًا في اليوم؟ أليس هذا مخالفا لقانون الطفل؟ هل تعلم الحكومة أن ما يسمى بالحد الأدنى للأجور مجرد شعار لا يطبّق؟ هل تدرك أن الطفلة تعمل لأن الأسرة كلها جائعة؟ وأن الفقر لم يعد سطرًا في التقارير، بل واقعًا يسكن القرى والبيوت والقلوب؟ 

لو كانت هذه الحادثة في الساحل الشمالي، أو قرب منتجع فاخر، هل كانت ستُقابل بهذا الصمت؟ هل كنا سنرى مشهدًا جنائزيًا دون حضور أي مسؤول رفيع؟ ألا يستحق أهالي هؤلاء الضحايا نظرة حانية؟ كلمة عزاء؟ شعورًا بالإنسانية؟ أين قلب الدولة من هذه المأساة؟ 

هل القضية مجرد  إهمال أو انعدام ضمير أم استهتار أم فساد أم نتيجة طبيعية لسياسات اقتصادية تدفع نحو حافة الفقر أم كل تلك العوامل مجتمعة؟! عندما تضطر طفلة لأن تخرج قبل الفجر، لتعود إلى بيتها إما بجنيهات لا تسمن، أو إلى كفن أبيض، فاعلم أننا أمام مأساة لا تحلها المسكنات ولا تداويها البيانات الرسمية؟!

ألم يكن حريا بالحكومة أن تنتقل بكل أركانها إلى موقع الحادث. أن تسمع الأمهات المكلومات، أن تلامس الدموع، وتعد بالعدالة. لكن كالعادة، خفَت كل شيء، وهدأ الضجيج، وبدأت ماكينة النسيان الرسمي في الدوران؟!

أيها السادة: الحادثة ليست نهاية، بل جرس إنذار.. وصرخة لا تحتمل التأجيل. المنظومة كلها تحتاج إلى مراجعة، منظومة الطرق، والعمل، والحماية الاجتماعية، والتعليم، والتكافؤ، والكرامة.. الطفلة التي تموت بحثًا عن لقمة، تقول للدولة كلها: أنقذوني قبل أن يموت الباقون.. أما نحن، فلا نملك إلا أن نكتب، وندعو.. لعل ما نكتبه يصل لقلب الحكومة ولله الأمر من قبل ومن بعد.

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

الجريدة الرسمية