آل البيت النبوي في مصر، الإمام زين العابدين مسجد باسم الأب وضريح يضم رأس نجله "زيد"
من حقِّ يثربَ أن تتيه على الورى ... بمقام خير الخلقِ مولانا النبي
ولمصرَ حـــقٌّ أن تتيـــه بدورهـــــا... برفات مولانا "الحسين" و"زينبِ"
عن أبي سعيد الخدري، رضي الله عنه، عن النبي، صلى الله عليه وآله وسلم، أنه قال: "إني أوشك أن أدعى فأجيب، وإني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله عز وجل، وعترتي، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى ا{ض، وعترتي أهل بيتي، وإن اللطيف الخبير أخبرني أنهما لن يفترقا حتى يردا على الحوض، فانظروا بم تخلفوني فيهما".
وعن حذيفة بن اليمان، رضي الله عنه، قال: صلى بنا رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، الظهر، ثم أقبل بوجهه الكريم إلينا، وقال: "معاشر أصحابي؛ أوصيكم بتقوى الله، والعمل بطاعته، وإني أدعى فأجيب، وإني تارك فيكم الثقلين؛ كتاب الله، وعترتي أهل بيتي، إن تمسكتم بهما لن تضلوا، وإنهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض، فتعلموا منهم ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم".
وقال ابن عباس، رضي الله عنهما: لما نزلت آية "قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى"، قالوا: يا رسول الله! ومن قرابتُك هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم: "عليٌّ وفاطمة وابناهما". رواه الطبراني.
وعن أبي سعيد الخدري، رضي الله عنه: جاء النبي، صلى الله عليه وآله وسلم، إلى بيت علي، فقال: "السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته، إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا". رواه الطبراني في "الأوسط".
وقال صلى الله عليه وآله وسلم: "ما بال رجال يؤذونني في أهل بيتي؟! والذي نفسي بيده، لا يؤمن عبد حتى يحبني، ولا يحبني حتى يحب ذريتي".
في هذه الحلقات نتناول بالعرض مقامات ومشاهد آل البيت النبوي، رضي الله عنهم، في مصر.
(3) مسجد الإمام "زين العابدين"
مسجد الإمام "علي زين العابدين بن الحسين" فى حي السيدة زينب، هو واحد من أهم الآثار التي تستأثر بها مصر.
وعلى الرغم من أن المسجد يعد من أهم المزارات لمحبى آل البيت فى مصر، إلا أن قليلين من يعرفون أن سيدنا "على زين العابدين بن الحسين" لم يدفن فى مصر، بل في البقيع بالمدينة المنورة، أما الضريح الموجود بمسجده فهو لنجله سيدنا زيد.
وكما هو معروف تاريخيًّا، فقد دفع الإمامان "الحسن والحسين"، وكثيرٌ من أبنائهما وأحفادهما أرواحهم ثمنا لمواقفهم الرافضة للظلم، ومخالفة مبدأ الشورى، الذي وضعه جدهم، سيدنا محمد، صلى الله عليه وآله وسلم.

واصطدم بهم العديد من الحكام، خوفا على ملكهم، ومكاسبهم الدنيوية، وكانت الواقعة الأكثر إيلاما لذلك هي مذبحة كربلاء واستشهاد الإمام "الحسين بن على بن أبى طالب"، وفي أعقابها اضطر سيدنا "على زين العابدين بن الحسين" إلى المجيء لمصر بصحبة عمته السيدة زينب، رضي الله عنهما، لكنه لم يمكث فيها أكثر من عامين ثم عاد إلى المدينة المنورة.
حضر الإمام "زين العابدين" مع أبيه الإمام الحسين "كربلاء"، لكنه لم يشارك فى القتال لإصابته بالحمى، وروى الذهبى عن "محمد بن إسحاق" أنه قال عن زين العابدين: "إن ناسا من أهل المدينة كانوا يعيشون ولا يدرون من أين يأتى معاشهم، فلما مات "علي بن الحسين" فقدوا ذلك الذى كانوا يؤتون بالليل، فكان زين العابدين يخرج يوميا فى الليل ويوزع الصدقات سرا على بيوت الأرامل والمساكين دون أن يكشف عن هويته".
توفى الإمام "زين العابدين" فى محرم عام 95 هجريا، ووجه البعض أصابع الاتهام إلى "الوليد بن عبد الملك بن مروان" بأنه دس له السم.
ودُفن بجوار عمه "الحسن بن علي" فى البقيع، ولم يدفن فى مصر كما يشاع.
استشهاد زيد بن علي بن الحسين
بعدها تعرض نجله سيدنا "زيد بن على زين العابدين" للقتل أيضا على يد "هشام بن عبدالملك بن مروان"، وذلك بعدما قاد ثورة ضده.
وإمعانا في الانتقام، لم يكتف "هشام بن عبد الملك" بقتله، إنما أمر أن يُطاف برأسه فى المدن، وكان ذلك فى العام 122هجرية، وقد أرسلت الرأس إلى مصر بعدما مرت بالعراق والشام، أما الجسد فقد أحرقه يوسف بن عمر الثقفى قائد جيوش هشام بن عبد الملك، وأمر أن تنصب الرأس في مصر، فوق مسجد عمرو بن العاص، إلا أن المصريين انتظروا أياما قليلة، واسترجعوا رأس "زيد بن على زين العابدين" لتدفن بموقعها الحالى.
وفى عهد الدولة الفاطمية بُني أول ضريح لرأس "زيد بن الحسين" بالإضافة للمسجد، إلا أن العمارة التاريخية للمسجد قد اندثرت، ماعدا بعض الحوائط حول الضريح، وقد سُجل على أحدها تاريخ الإنشاء عام 594 هـ.
موقع مسجد "زين العابدين" بين مسجدى السيدة زينب والسيدة نفيسة، والجامع ينفرد بسمات متميزة فى عمارته وزواره وحكاياته ومريديه، فهو المسجد ذو العمامتين أو صاحب المقامين، ويقصد بهما الأب زين العابدين والابن زيد فى مقام واحد، لذلك تم وضع عمامتين أعلى الشاهد، وذلك دلالة على وجود جسد الأب ورأس الابن بالمقام، رغم عدم وجود الأب به.

يوجد المسجد فى منطقة "زينهم"، وقد سميت بهذا الاسم نسبة لمسجد الشهيد "زين العابدين بن الحسين".
ويقع فى منطقة وسطى بين الجامع الطولونى ومصر القديمة، بالقرب من شارع السيدة زينب، رضى الله عنها، وفم الخليج القريبة من منطقة القصر العيني، وللمشهد بابان متجاوران، أحداهما الباب العتيق غير المستعمل، وهو المركب عليه باب من الحجر الأزرق طوله متر وثلاثون سنتيمترا فى عرض متر واحد، وبأعلاه كتابة نقشت فى الحجر تقول: "بسم الله الرحمن الرحيم"، أما الباب الثانى، فعلى يمين الداخل إليه خلوة للخدمة ومساعدة الزوار، وعلى اليسار إيوان كبير به جملة من القبور، وتجاه ذلك الإيوان باب للمقصورة المعدة للصلاة، والمقصورة صغيرة، بها بائكتان وعمودان من الرخام ومنبر ودكة، وتعد مقاما للشعائر ولها إيراد فى ديوان وزارة الأوقاف، كما أن مطهرته تملأ من مياه النيل بواسطة مواسير تجلب الماء عن طريق أكثر من بئر.
لم يكن المسجد على هذا الوصف فى الماضي، إنما كان ينحصر فقط فى المساحة الموجودة حول المقام، لكن جرت التوسعة التى أقامها "عثمان آغا مستحفظان" فى أوائل القرن التاسع عشر فصار على تلك الصورة.
أما أحدث التجديدات فى المسجد، فقد قامت بها الحكومة منذ بضع سنوات، مع العلم أنه لم يتبق من الآثار الفاطمية بالمسجد سوى اللافتة المزينة أعلى بوابة المقام ولوحة قرآنية على يمين الداخل، بالإضافة إلى الحجر الأخضر الذي تنتشر بشأنه الروايات والحكايات المختلفة.
"مشهد زين العابدين"
يحكي أن المؤرخ "الجبرتى" أنه فى عام 1225 اجتهد "عثمان أغا المتولى أغات مستحفظان" فى عمارة مسجد الإمام "على زين العابدين" بعدما أصابه الإهمال منذ زمن دخول الحملة الفرنسية، فأعاد "مستحفظان" إعماره وزخرفه، وعمل به سترا وتاجا للمقام ودعا أهل الطرق المعروفة بأرباب الأشابر، كما دعا أرباب الحرف الذين ينسبون أنفسهم للأحمدية والرفاعية والقادرية والبرهانية وغيرهم، فاجتمعوا بأنواع الطبول والمزامير أمام المشهد.
وأطلق عليه العامة "مشهد زين العابدين"، وذلك خطأ، إذ هو "مشهد رأس زيد بن علي" المعروف بـ"زين العابدين بن الحسين بن على بن أبى طالب"، وكان المسجد يعرف فى القديم بمسجد "محروس الخص".
حجر تاريخي
وأوضح الجبرتى أن المسجد به حجر مختلف تماما عن بقية عمارته، ويقع على يسار الداخل إلى المقام، كان لونه الأصلى أسود، وهو من أحجار البازلت، لكن دهن باللون الأخضر لتميزه عن بقية أحجار المسجد، حيث يروى الناس عنه حكايات عجيبة صارت من الموروثات الشعبية، ومنها حكاية تقول: إن سيدنا "على زين العابدين" لما جاء إلى مصر مع عمته السيدة زينب كان يتعبد فى مكان المسجد حاليا، وكان مكان المسجد معبدا يهوديا، فدخله سيدنا زين العابدين من مكان ذلك الحجر، وكان هذا الحجر بمثابة الباب السرى للمعبد، وحينما وجده كاهن أو حاخام المعبد سأله: كيف حرك الحجر؟! فأشار سيدنا زين للحجر بيده فارتفع الحجر وانفتح الباب، فسأله الكاهن عن شخصيته فأجابه الإمام زين العابدين، فأسلم الكاهن وأصبح المسجد من يومها مكانا لتعبده منذ قدومه إلى مصر.

وهناك حكاية أخرى، ربما تكون الأقرب للحقيقة، تقول: إن والى مصر "محمد على" باشا إبان العصر العثمانى حينما أعاد بناء الكعبة الشريفة بعدما هدمتها السيول، وانهارت بعض جوانبها، أحضر هذا الحجر من بقايا البناء المنهار للكعبة، ووضعه بالمسجد تشريفا له، ويقال: إن المقام بُنى داخل بناء قديم فى بادئ الأمر لم يبق منه إلا مدخله بالواجهة القريبة فى الفتحة الصغيرة وبها مكان مقبض حديدى، وهو ما يعتقد الناس أنه آثار أصابع الإمام زين العابدين، وهو المقبض المحاط بحلق من الجرانيت.
وشهد المسجد أكثر من عملية تطوير منذ عهد الملك فاروق الذى جدد الواجهة الخاصة به، وتعرض الضريح للاحتراق فى مايو 2017.
ثم قامت وزارة الآثار بترميمه ليُفتتح فى مارس 2018 بعد الانتهاء من عملية ترميمه على يد فريق متخصص، حيث تم ترميم المقصورة النحاسية بالضريح وإعادة تنظيفها بما يتفق مع قيمتها الأثرية والفنية، بالإضافة إلى أعمال الترميم الخاصة بالمقصورة الخشبية الداخلية، حيث أزيلت الدهانات المستحدثة وتم فك وتركيب الأجزاء الخشبية والزجاجية والرخامية والنحاسية لإعادة ترميمها، كما جرى توسعة ساحة الصلاة لتستوعب 5 آلاف مصلي، فضلًا عن تطوير المنطقة المحيطة بالمسجد لوجوده ضمن خطة التطوير لشارع الأشراف.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا
