المناطق العازلة، مفهوم إسرائيلي خبيث لتنفيذ استراتيجية توسعية بزعم الحدود الآمنة.. هل تتحول إلى حدود دائمة تفرضها تل أبيب على الأرض؟
لطالما كانت الحدود مساحات للصراع وإعادة رسم الخرائط، حيث تحاول القوى الكبرى فرض إرادتها تحت ذرائع مختلفة. ومع تغير طبيعة الحروب في العصر الحديث، لم تعد المعارك تحسم فقط بالسلاح، بل أيضا بتحولات جغرافية تفرض كأمر واقع، يتجاوز الحسابات العسكرية إلى أبعاد سياسية وأمنية معقدة.
في هذا السياق، تعيد إسرائيل إحياء مفهوم "المناطق العازلة"، ليس فقط كإجراء أمني تدعي أنه ضروري لحماية مستوطناتها، بل كجزء من سياسة تهدف إلى توسيع نفوذها وفرض واقع جديد على الأرض. فهل هي مسألة أمنية بحتة، أم أنها سياسة مدروسة لإعادة تشكيل حدود السيطرة الإسرائيلية؟
قطاع غزة.. الأمن كذريعة لفرض وقائع جديدة
تروج إسرائيل لمفهوم المنطقة العازلة في قطاع غزة باعتبارها وسيلة لمنع تهريب الأسلحة وتأمين حدودها. لكن تحليل الواقع يكشف أبعادا أخرى لهذه الخطوة، تتجاوز المخاوف الأمنية إلى سعي ممنهج لإعادة رسم الخريطة الجغرافية والسياسية للقطاع.
منذ سنوات، تحاول إسرائيل توسيع نفوذها عبر التذرع بالضرورات الأمنية، وهو ما يتجلى في استغلال محور فيلادلفيا كحجة لفرض تواجد عسكري دائم في أجزاء من القطاع. ورغم أن مصر اتخذت منذ 2014 إجراءات صارمة للقضاء على الأنفاق في هذه المنطقة، لا تزال إسرائيل تصرّ على الحاجة إلى "إجراءات إضافية"، ما يثير تساؤلات حول الأهداف الحقيقية لهذه السياسة.
يرى محللون أن هذه التحركات تأتي في إطار إستراتيجية أوسع لإضعاف أي سيادة فلسطينية مستقبلية على غزة، وخلق "مناطق أمنية" تتيح لإسرائيل التوغل متى شاءت، مما يعكس رغبة في إبقاء القطاع في حالة من عدم الاستقرار المستمر.
الضفة الغربية.. التوسع تحت غطاء الأمن
في الضفة الغربية، تأخذ المناطق العازلة بُعدًا آخر، حيث يتم الترويج لها كوسيلة لحماية المستوطنات. لكن الواقع على الأرض يظهر أنها ليست مجرد إجراءات أمنية، بل تكتيك لإضفاء شرعية على التوسع الاستيطاني.
تعتمد إسرائيل في الضفة سياسة "التوسع التدريجي"، حيث تبدأ بإنشاء مستوطنات صغيرة، ثم يتم إعلان محيطها "منطقة أمنية"، مما يؤدي عمليًا إلى ضم مساحات جديدة. ومع مرور الوقت، تتحول هذه المناطق إلى جيوب إسرائيلية محصنة، تمنع أي إمكانية لإقامة دولة فلسطينية ذات تواصل جغرافي.
هذا النهج لا يهدف فقط إلى حماية المستوطنات القائمة، بل إلى منع أي سيناريو مستقبلي لإخلاء هذه المستوطنات، كما حدث في غزة عام 2005. وهكذا، تتحول المناطق العازلة في الضفة إلى أداة تكريس لواقع استيطاني يصعب تغييره سياسيًا أو ميدانيًا.
الحدود الشمالية.. احتواء النفوذ الإقليمي
لا تقتصر سياسة المناطق العازلة على الأراضي الفلسطينية، بل تمتد إلى الحدود الشمالية، حيث تسعى إسرائيل إلى فرض واقع جديد على الجبهتين السورية واللبنانية.
في جنوب لبنان، يُنظر إلى التحركات الإسرائيلية على أنها محاولة لإحياء تجربة "الشريط الأمني" الذي فرضته لسنوات قبل انسحابها عام 2000. ورغم انسحابها الرسمي، إلا أن الغارات الجوية المتكررة والتوغلات المحدودة تشير إلى أن إسرائيل لا تزال ترى الجنوب اللبناني كساحة نفوذ يجب التحكم بها.
أما في سوريا، فتبدو الاستراتيجية أكثر تعقيدًا، حيث تعمل إسرائيل على إيجاد "منطقة آمنة غير معلنة" عبر استهداف الوجود العسكري لقوى إقليمية تعتبرها تهديدًا لأمنها. ومن خلال الغارات الجوية والدعم غير المباشر لبعض الفصائل المحلية، تسعى إسرائيل إلى فرض منطقة نفوذ تمنع أي تهديد مستقبلي من الاقتراب من الجولان المحتل.
الأبعاد الجيوسياسية.. أكثر من مجرد أمن
إذا كانت إسرائيل تبرر هذه السياسات باعتبارات أمنية، فإن التحليل العميق يكشف أهدافًا أوسع تشمل إعادة رسم الخرائط الأمنية والجغرافية، عبر فرض مناطق فارغة من أي وجود فلسطيني أو معادٍ، مما يعزز نفوذها على المدى الطويل، هذا بالإضافة لتحصين المستوطنات في الضفة الغربية، ومنع أي انسحابات مستقبلية عبر تحويلها إلى جيوب محصنة لا يمكن التفاوض حولها.
كما تستهدف استخدام المناطق العازلة كورقة مساومة في أي مفاوضات سياسية مستقبلية، حيث تتحول إلى جزء من المساومات بدلًا من الالتزام بالحدود المعترف بها دوليًا، بجانب تعزيز الوضع السياسي الداخلي، حيث يسعى صانعو القرار الإسرائيليون إلى كسب دعم التيارات اليمينية عبر تبني سياسات توسعية تحت غطاء "الأمن القومي".
إلى أين تتجه الأمور؟
مع استمرار إسرائيل في فرض مناطق عازلة جديدة، يزداد الجدل حول تداعيات هذه السياسة على مستقبل المنطقة. فبينما تصرّ تل أبيب على أنها إجراءات مؤقتة لحماية مستوطنيها، تظهر الوقائع أنها جزء من استراتيجية طويلة الأمد لإعادة رسم موازين القوى.
وفي ظل غياب موقف دولي حاسم، يبقى السؤال مفتوحًا: هل ستتحول هذه المناطق العازلة إلى حدود دائمة تفرضها إسرائيل على الأرض، أم أن التغيرات السياسية والأمنية قد تفرض معادلات جديدة؟
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا
