رئيس التحرير
عصام كامل

حكيم أفريقيا الذي رحل.. ذكريات لقاء يتيم

18 حجم الخط

من حق أفريقيا، بل والعالم الحر بأسره، أن يعلن الحداد لرحيل هذا الأسمر العملاق.. حكيم أفريقيا العظيم، الدكتور سام نجوما، أبو الأمة.. الذي قاد كفاحا طويلا في بلده، ناميبيا، حتى استقلت عن جنوب أفريقيا، التي كان يحكمها البيض، ذوو الأصول الأوروبية.

الأحد الماضي تحديدا، أعلنت ناميبيا عن وفاة المناضل التسعيني ذي اللحية البيضاء سام نجوما، الذي كان أول رئيس للبلاد عام 1990، واستمر على كرسي الرئاسة لمدة 15 عاما، وتخلى عنه طواعية.

قرار التخلي عن الحكم طواعية من النوادر في أفريقيا.. لم يفعلها سوى ثلاثة.. هو، حيث نزل عن الرئاسة في نوفمبر 2004، والفريق أول سوار الذهب، الرئيس السوداني الزاهد، رحمه الله.. وليوبولد سيدار سنجور في السنغال.

البيان الذي أصدره الرئيس الناميبي الحالي نانجولو مبومبا، حول وفاة نجوما، يجعل الجلد يقشعرّ، فهو قال: "لقد اهتزت أسسُ جمهورية ناميبيا، وعلى مدى الأسابيع الثلاثة الماضية، حيث تم نقل الرئيس المؤسس لجمهورية ناميبيا والأب المؤسس للأمة الناميبية إلى المستشفى لتلقي العلاج الطبي والمراقبة الطبية بسبب اعتلال صحته" ويكمل: “للأسف، هذه المرة، لم يتمكن الرجل الأكثر شجاعة في بلادنا من التعافي من مرضه”.. "نجوما قاد الشعب الناميبي خلال أحلك ساعات نضالنا من أجل التحرير".

وكان نجوما أحد القادة القليلين، مثل جمال عبد الناصر، ونكروما ومانديلا، الذين يتمتعون بشخصية كاريزمية، وقاد بلاده إلى الديمقراطية والاستقرار بعد الحكم الاستعماري الطويل من قبل ألمانيا وحرب الاستقلال المريرة عن جنوب أفريقيا.

ومثل مانديلا، قضى ما يقرب من 30 عامًا في المنفى كزعيم لحركة الاستقلال قبل أن يعود للانتخابات البرلمانية في أواخر عام 1989، وهي أول انتخابات ديمقراطية في البلاد، وانتخبه المشرعون رئيسًا بعد أشهر في عام 1990 عندما تم تأكيد استقلال ناميبيا.

وكان نجوما آخر قادة جيل من الزعماء الأفارقة الذين أخرجوا بلدانهم من الاحتلال الاستعماري، أو حكم الأقلية البيضاء. ذلك الجيل يتقدمه نيلسون مانديلا في جنوب أفريقيا، وروبرت موجابي في زيمبابوي، وكينيث كاوندا في زامبيا، وجوليوس نيريري في تنزانيا، وسامورا ميشيل في موزمبيق.

زعامة الحكيم نجوما نجحت في إتمام عملية الشفاء والتئام الجراح، والمصالحة الوطنية، بعد الانقسامات العميقة التي سببتها حرب الاستقلال، وسياسات جنوب أفريقيا في تقسيم البلاد إلى حكومات إقليمية على أساس عرقي، مع توفير التعليم والرعاية الصحية بشكل منفصل لكل عرق.

ورغم ممارسات الأقلية البيضاء في بلاده، واضطهادهم للسود، أهل البلد الأصليين، لفترات طويلة، إلا أنه بعد توليه الحكم لم يلجأ للانتقام، بل وأشرك البيض في السلطة التنفيذية بعد أن نالت ناميبيا الاستقلال، ووضع دستورا ديمقراطيا؛ ما دفع خصومه السياسيين للإشادة به، رغم أنه وُصف بأنه ماركسي، واتهمه البعضُ بقمع المعارضة بلا رحمة أثناء وجوده في المنفى!

ولعلنا في الأيام الحالية الصعبة، والتي تزداد صعوبتها بسبب ترامب وخطابه العنصري، وشخصيته النرجسية، نستدعي كاريزما الحكيم الراحل، والذي تصدر عناوين الصحف الأجنبية بسبب خطابه العنيف المناهض للغرب، ففي مؤتمر للأمم المتحدة في جنيف عام 2000، أذهل نجوما الوفود عندما زعم أن مرض الإيدز هو سلاح بيولوجي من صنع الإنسان!

وقرر نجوما، في وقت من الأوقات، حظر جميع البرامج التلفزيونية الأجنبية، معلنًا أنها أفسدت شباب ناميبيا، وقام ببناء علاقات مع كوريا الشمالية وكوبا وروسيا والصين، ولم ينس أن هذه الدول دعمت حركة تحرير ناميبيا من خلال توفير الأسلحة والتدريب.

ومع ذلك حقق علاقات طيبة مع الغرب، وكان نجوما أول زعيم أفريقي يستضيفه الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون في البيت الأبيض في عام 1993، ووصف كلينتون نجوما بأنه "جورج واشنطن بلاده" و"بطل حقيقي لحركة العالم نحو الديمقراطية".

ولن تنمحي من ذاكرتي، مشاهد لقاء يتيم، جمعني، لأول ولآخر مرة، مع الحكيم العظيم، ذي الطلعة المهيبة، رغم بساطته، وتواضعه، وهو يتهادى إلى مبنى منظمة تضامن الشعوب الأفروآسيوية، الكائن على كورنيش النيل في المنيل، في الثالثة من عصر يوم يوم الجمعة، 13 نوفمبر من عام 2020.. 

وكنت بين جمع حاشد من جميع الأطياف، في استقباله، وعلى رأس مستقبليه الدكتور حلمي الحديدي، رئيس المنظمة، شفاه الله، والوزير الأسبق محمد فايق، متعه الله بالعافية، ومعهما السفير عمر متولي، مساعد وزير الخارجية سابقا، والخبير القانوني عصام شيحة، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، ورئيس منظمة حقوق الإنسان، والمشرف العام على منظمة التضامن، وعدد من السفراء العرب والأفارقة، ونواب الشعب والشورى، والصحفيين والإعلاميين.

وقام الدكتور حلمي الحديدي بتكريم الرئيس الناميبي الأسبق بمنحه درع التضامن الأفريقي الآسيوي، وصورة للزعيم الراحل جمال عبد الناصر، مؤسس منظمة التضامن الأفروآسيوي، إضافة إلى صورة نادرة لـ نجوما مع عبد الناصر.

وجاءت زيارة نجوما للمنظمة الأفروآسيوية، بناء على طلبه الذي تقدم به للخارجية المصرية، وبعد أن استقبله الرئيس عبد الفتاح السيسي، بمقر رئاسة الجمهورية، قبلها بأيام.. رحم الله حكيم أفريقيا، ونصر مصر على أعداء الحياة.

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

الجريدة الرسمية