رئيس التحرير
عصام كامل

رسوم ترامب الجمركية، هل هي وسيلة تفاوضية أم هجوم على النظام التجاري العالمي؟.. الرئيس الأمريكي يزعم حماية اقتصاد بلاده من الممارسات غير العادلة.. وأوروبا تتأهب للحرب التجارية

رسوم ترامب الجمركية،
رسوم ترامب الجمركية، فيتو

قبل خوض الانتخابات الأمريكية خلال العام الماضي، قرر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الإعلان عن فرض رسوم جمركية ضخمة وتصل إلى 50% على الصين والمكسيك وكندا، بمجرد دخوله البيت الأبيض، وبالفعل بعد حفل التنصيب أعلن عن فرض رسوم جمركية على كندا والمكسيك، ولكنه أرجأ تطبيق القرار على الصين في نفس يوم حفل التنصيب.

رسوم ترامب الجمركية 

وأعلن ترامب خلال الأيام الماضية، تطبيق رسوم جمركية على كندا والمكسيك، ومن المقرر أن يكون التطبيق الفعلي لها بداية من اليوم الثلاثاء، ولكنه أيضا قرر الإعلان أمس الإثنين عن إرجائها لمدة 30 يوما، مما يثير العديد من الشكوك حول جدية الرسوم الجمركية التي يعلن عنها ترامب على الدول.

رسوم ترامب الجمركية، فيتو
رسوم ترامب الجمركية، فيتو

اعتبر البعض أن هذه الرسوم ما هي إلا وسيلة يتبعها رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، للتفاوض مع الدول والضغط عليها، والإذعان إلى طلباتها حتى لا تشتعل في ويلات الزيادات الكبيرة في الأسعار، مما جعل المشهد الاقتصادي العالمي في حالة اضطراب مستمر، بسبب السياسات التي يتبعها ترامب لتعيد رسم خريطة التجارة العالمية.

 

وصف الرئيس الأمريكي، الرسوم الجمركية بأنها "أفضل كلمة في القاموس" قلب الأسواق رأسا على عقب في بداية الأسبوع الجاري، بعدما أعلن في عطلة نهاية الأسبوع الماضي عن توقيع مراسيم إقرار التعرفات الجمركية التي كان يهدد بها على نطاق واسع ضد كل من كندا والمكسيك والصين، قبل أن يتراجع بحلول مساء أمس الاثنين، ويتم تعليق تطبيقها لمدة 30 يوما على الأقل على كل من كندا والمكسيك بعد التوصل لتفاهمات مبدئية.

 

حماية الاقتصاد الأمريكي من الممارسات التجارية غير العادلة 

ويرى ترامب أن التعرفات الجمركية ضرورية لحماية الاقتصاد الأمريكي من الممارسات التجارية غير العادلة، حيث استخدم الرسوم الجمركية كورقة ضغط لإجبار كندا والمكسيك على إعادة التفاوض حول اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية، ما أدى إلى توقيع اتفاقية USMCA الجديدة في العام 2020.

ترامب ورئيس وزراء كندا
ترامب ورئيس وزراء كندا

إعادة إشعال الحروب التجارية 

ومنذ حملته الانتخابية، يهدد ترامب باستخدام التعرفات الجمركية، ليس فقط ضد الصين، بل أيضًا ضد الحلفاء التقليديين مثل الاتحاد الأوروبي والمكسيك، وهي السياسة التي من شأنها إعادة إشعال الحروب التجارية، وبما يزيد من التوترات في الأسواق العالمية.

وبالرغم من تعليق تطبيق التعريفات الأخيرة، فإن سلاح العقوبات الذي يشهره ترامب قد يواجه على الجانب الآخر بـ "إجراءات انتقامية"، كما حدث سابقا عندما ردت الصين بفرض تعريفات على السلع الأمريكية، وقد لوحت كندا والمكسيك خطوات مماثلة.

وفي الوقت الذي يواجه فيه النظام التجاري متعدد الأطراف تحديات متزايدة، فإن سياسات التعريفات الأحادية قد تزيد من هشاشته، فمنظمة التجارة العالمية، التي تسعى لتقنين التجارة العادلة، باتت تواجه تجاهلا أمريكيا متزايدا.

قرارات ترامب الصادمة
قرارات ترامب الصادمة

وسيلة تفاوض أم هجوم أوسع على التجارة؟ 

أشار عالم السياسة الأمريكي، آلان كفروني، في حديثه مع CNBC عربية، إلى أن الرسوم العقابية -التي أرجأ ترامب تطبيقها لمدة 30 يومًا على الأقل- على كل من كندا والمكسيك، علاوة على الرسوم على الصين، يمكن أن تكون لها تداعيات عالمية كبيرة؛ فقد أثارت هذه الخطوة تكهنات واسعة حول ما إذا كانت التعريفات التي فرضها ترامب مجرد وسيلة تفاوضية أم أنها بداية لهجوم أمريكي أوسع على النظام التجاري متعدد الأطراف.

في البداية، بدا الاحتمال الأخير هو الأكثر ترجيحا، لا سيما بعد أن أعلنت كندا والمكسيك آنذاك عن تدابير انتقامية كبيرة، بينما تقدم الصين دعوى ضد الولايات المتحدة أمام منظمة التجارة العالمية، وشهدت الأسواق الآسيوية تراجعًا في الأسهم والعملات ومع ذلك، وبعد مكالمة هاتفية مع الرئيسة المكسيكية كلوديا شاينباوم، أرجأ ترامب تنفيذ التعرفات لمدة شهر بعد أن وافقت على نشر الجيش المكسيكي عند الحدود لمنع تهريب الفنتانيل إلى الولايات المتحدة، كما تم التوصل لاتفاق مماثل مع كندا.

التهديد بالتعريفات وسيلة لإعادة التفاوض

ويضيف: "يبدو أن ترامب يعتبر التهديد بالتعريفات وسيلة لإعادة التفاوض على اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية (USMCA) المقرر مراجعتها في العام 2026، ومع ذلك حتى هو يدرك أن نشوب حرب تجارية داخل التكتل سيكون كارثيا، لا سيما على صناعة السيارات. وقد وعدت الصين باتخاذ تدابير مضادة، لكنها لم تحدد أي إجراءات بخلاف اللجوء إلى منظمة التجارة العالمية".

كما أن أوروبا باتت ضمن أهداف ترامب، حيث صرح بأن الاتحاد الأوروبي عاملنا بطريقة سيئة للغاية، ووصف العجز التجاري الأمريكي مع الاتحاد الأوروبي بأنه مأساة.

ووفق كفروني، فمن المرجح أن تندلع حرب تجارية مع أوروبا أكثر من اندلاعها داخل أمريكا الشمالية، نظرا لتكاملها الاقتصادي الوثيق، مما قد يترتب عليه آثار مدمرة، خاصة على الصناعة الألمانية التي تعاني بالفعل، لكن مثل هذه الحرب سيكون لها أيضا تداعيات واسعة على الاقتصاد العالمي ككل.

أما على الصعيد الداخلي، فإن خطط ترامب لفرض التعرفات لها تداعيات واضحة، فهو يسعى إلى خفض الضرائب على الشركات، ويعتقد أن التعريفات، وهي في الأساس ضريبة على الاستهلاك، يمكن أن تعوض العواقب المالية لخفض الضرائب الذي يستفيد منه الأمريكيون الأثرياء.

ضعف الهيمنة الاقتصادية للولايات المتحدة

يدافع ترامب عن سياساته باعتبارها ضرورية لاستعادة الوظائف وحماية الصناعات المحلية، لكن منتقديه يرون أنها قد تؤدي إلى ارتفاع الأسعار على المستهلكين الأمريكيين، وإضعاف القدرة التنافسية للمنتجات الأمريكية في الأسواق العالمية، كما أن التصعيد التجاري قد يدفع الشركات إلى البحث عن بدائل توريد جديدة، ما قد يضعف الهيمنة الاقتصادية للولايات المتحدة.

تصعيد النزاعات

من الولايات المتحدة، يقول الأستاذ بكلية ثندربيرد للإدارة العالمية بجامعة ولاية أريزونا، ألين جيه موريسون، وهو المدير السابق لمركز الرؤساء التنفيذيين العالميين في IMD، يقول لـ CNBC عربية: "في هذه المرحلة، من المستحيل التنبؤ بدقة بكيفية تأثير تعريفات ترامب الجمركية على أنماط التجارة العالمية؛ فهناك حالة من عدم اليقين بشأن هذه التعريفات ومدتها، وكيفية استجابة الدول الثلاث المستهدفة كندا والمكسيك والصين، وإمكانية تصاعد النزاعات مع هذه الدول، والخطوات التالية التي قد يتخذها ترامب.. وبينما تتكشف هذه التطورات، يراقب العالم وينتظر ويضع خياراته".

ويبدو المشهد الراهن كما لو أن لعبة شطرنج عالمية بدأت، ولا أحد يعرف كيف ستنتهي، حتى دونالد ترامب نفسه، وفق الأكاديمي الأمريكي الذي يعتقد بأن الخيار المنطقي لترامب والاقتصاد الأمريكي هو إنهاء هذه اللعبة بسرعة وبطريقة تعتبر عادلة ومتوازنة في نظر بقية العالم.

ويحكم التبادل التجاري بين كندا والولايات المتحدة والمكسيك بموجب اتفاقية دخلت حيز التنفيذ في العام 2020، وهي اتفاقية أسهم ترامب نفسه في التفاوض عليه، وإذا ظهرت الولايات المتحدة وكأنها تنتهك التزاماتها في مثل هذه الاتفاقيات بشكل تعسفي، فإن مصداقيتها كشريك موثوق ستصبح موضع تساؤل من قبل الدول الأخرى، وهذا التآكل في الثقة ستكون له عواقب كبيرة وبعيدة المدى.

ويضيف: تمثل التعريفات التي يهدد بها ترامب تهديدا لسلاسل التوريد الدولية التي استغرق بناؤها عقودا، وعلى المدى القصير، ستظل هذه السلاسل قائمة، لكن التكاليف وحالة عدم اليقين والإحباطات ستزداد. أما على المدى البعيد، فسنشهد عالمًا أكثر تكلفة، وأكثر انعزالًا، وأكثر استقطابا.

الحرب التجارية قد تدفع الاقتصاد العالمي إلى ركود عميق

وحول إلى أي مدى يمكن لأي حرب تجارية جديدة أن تعيد تشكيل المشهد التجاري العالمي، يقول موريسون في سياق حديثه مع CNNC عربية، إن مخاطر اندلاع حرب تجارية عالمية تشكل تهديدًا مدمرًا ما لم تسد الحكمة والعقلانية؛ فالعالم يواجه بالفعل حالة متزايدة من عدم اليقين، وتصاعد السياسات الحمائية، وتجدد الضغوط التضخمية، واضطرابات في سلاسل التوريد، مؤكدا أن أي حرب تجارية شاملة ستفاقم هذه المشكلات، وإذا تركت دون حل، فقد تدفع الاقتصاد العالمي إلى ركود عميق.

ويعتقد بأن إحدى القضايا الرئيسية هي كيفية تأثير هذه الحرب على التجارة الإقليمية والتحالفات الاقتصادية؛ فقبل سياسات التعرفات الجمركية الأخيرة، كانت هناك ثلاثة تكتلات تجارية كبرى آخذة في التشكل: اتفاقية USMCA الولايات المتحدة، المكسيك، كندا إلى جانب اليابان وكوريا وتايوان، والاتحاد الأوروبي، والصين، ومع ذلك، فإن هذه التعريفات قد تعزز بشكل كبير موقع الصين في الاقتصاد العالمي. 

فإذا بدت الولايات المتحدة مستعدة للتخلي عن اتفاقاتها مع شركاء موثوقين مثل كندا والمكسيك، فهل ستبدأ دول أخرى في النظر إلى الصين على أنها شريك تجاري أكثر استقرارا وموثوقية؟ وهل يمكن أن يدفع ذلك الاتحاد الأوروبي إلى الانغلاق أكثر على نفسه والابتعاد عن الولايات المتحدة؟

أوروبا تضع خطط طوارئ لمواجهة حرب تجارية مع ترامب

وبدأ مسؤولو الاتحاد الأوروبي في وضع خطط طوارئ لمواجهة حرب تجارية مع ترامب منذ الصيف الماضي. وكانت الخطوة الأولى تتمثل في التفاوض حول مجالات يمكن للاتحاد الأوروبي من خلالها شراء المزيد من المنتجات الأميركية، مثل الغاز الطبيعي المسال، بهدف تقليص العجز التجاري الذي ينتقده ترامب بانتظام، بحسب تقرير لفايننشال تايمز البريطانية.

كما تعول بعض العواصم الأوروبية على وعود بزيادة الإنفاق الدفاعي الوطني في محاولة لاسترضاء ترامب، الذي يريد أن تنفق دول حلف الناتو 5% من ناتجها المحلي الإجمالي على الجيش.

وحذر صندوق النقد الدولي من التداعيات المحتملة للسياسات التجارية الحمائية التي يعتزم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تبنيها، والتي تتضمن فرض تعريفات جمركية مرتفعة.

وخلال مشاركتها في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، أكدت نائبة المدير الإداري الأولى لصندوق النقد الدولي، جيتا جوبيناث، أن هذه الإجراءات تتعارض مع قواعد التجارة العالمية، معتبرة أنه لا يزال من المبكر تقييم تداعياتها بشكل دقيق.

وأوضحت أن الرؤية المستقبلية للسياسات التجارية لترامب، إلى جانب ردود فعل الدول الأخرى عليها، ستكون عوامل حاسمة في تحديد تأثيرها على النمو الاقتصادي العالمي. كما أشارت إلى أن توقعات صندوق النقد الدولي بنمو الاقتصاد العالمي بنسبة 3.3% خلال عامي 2025 و2026 لم تأخذ في الاعتبار إمكانية فرض رسوم جمركية مرتفعة على عدد من الدول اعتبارًا من فبراير.

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

الجريدة الرسمية