رئيس التحرير
عصام كامل

حدود رفح.. حدود الصبر المصرى!

تطورات كثيرة إيجابية ظهرت على سطح النار في غزة خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية؛ فبينما كانت كل المؤشرات تفضى إلى استخلاص منذر بأن العلاقات المصرية الاسرائيلية بلغت أسوأ مراحلها وربما تنفجر..

وفيما صدرت عن الإدارة الأمريكية مطالبات لمصر بفتح معبر رفح وأن على مصر ألا تمنع مرور المساعدات عبره، وفيما ردت مصر ردها الغاضب الهادئ الواثق بأن المعبر لن يفتح الإ اذا كان الفلسطينيون على رأس المعبر، وأنها لن تعطى شرعية للاحتلال بالتعامل معه في تلك النقطة الحرجة علي حدود مصر.. 

 

وفيما كان هذا كله يجرى، كانت تيارات ودوامات كثيرة تجرى تحت مياه النهر السطحية بين القاهرة وتل أبيب والدوحة وباريس وواشنطن، ويمكن القول ببساطة وطمأنينة أن صلابة الموقف المصرى، ورفضه الأكاذيب الاسرائيلية عن تحريف قام به الوسيط المصرى في نصوص الاتفاق الذي فشل في أخر جولة تفاوض مع حماس، فضلا عن البيان الحازم الحاسم للمصدر رفيع المستوى وكان بمثابة تحذير لاسرائيل بأن معاهدة السلام لن تمنع مصر من استخدام كافة السيناريوهات المتاحة.. 

ليس فقط للحفاظ علي الامن القومي المصرى بل أيضا للحفاظ على الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني، ثم تصريحات وبيان القائد العام للجيش المصرى الفريق محمد زكي، نقول أن هذه العوامل مجتمعة دفعت الجيش الاسرائيلي للتراجع عن استفزاز القاهرة وأعلن المتحدث باسم جيش النازية الاسرائيلية أن مصر مهمة جدا وووسيط مهم جدا، وأن الجيش سيضمن الأ تؤدي عملياته في رفح إلى عبور السكان في غزة إلى الحدود المصرية..

 خسائر إسرائيل

ثم جاء إتصال الرئيس الأمريكي بايدن مع الرئيس السيسي أول أمس وفيه تقدير كبير للوساطة المصرية، وفجأة، وليس في السياسة فجأة أبدا، لكن سنصدق أمريكا بأن اسرائيل فاجأتها بأنها سوف تقبل استئناف مفاوضات صفقة التبادل ووقف القتال مع حماس عبر مصر وقطر، بل قالت إسرائيل أنها قدمت مقترحا جديدا، ووسعت صلاحيات فريق التفاوض، بعد إجماع مجلس الحرب فضلا عن الضغط الشعبي العنيف وغير المسبوق الليلة الماضية علي نتياهو..


شئ ما حقيقي تجرى بلورته في الوقت الراهن، مع أن الطرف الأساسي، حماس، لم يبلغ بعد من أي وسيط بأن إسرائيل هي من يريد التفاوض، ومن الملفت للنظر إعلان هيئة البث الاسرائيلية أن إسرائيل مستعدة لسحب قواتها من معبر رفح لأسباب سياسية وعسكرية.. فتش عن مصر وقوتها وغضبتها المؤيدة بقوة جيشها وقيادتها.


مئات الألوف خرجوا ليلة أمس في كافة أرجاء إسرائيل يطالبون بالإسراع بالتفاوض لإعادة أبنائهم أحياء، ويطالبون باجراء انتخابات عامة مبكرة، وينددون بموقف نتياهو الانتهازي، يمدد الحرب ليستمر علي رأس الحكومة. رغم الدماء التى تراق من الجانبين.. فخسائر إسرائيل في هذه الحرب مروعة، ليس فقط في عدد القتلى والجرحى بل السقوط العسكري المخزى لجيش الاحتلال الفاشل في تحقيق أي هدف سياسي له!

 


حماس متشككة في جدوى إعادة التفاوض وتساءلت عمن سيضمن تنفيذ الاتفاق لو تم؟ ملامح إدارة معبر رفح تتبلور في دور للإتحاد الأوروبي كما حدث من قبل بديلا للوجود الاسرائيلي وفي دور للسلطة الفلسطينية، وكلاهما قبلت به مصر سابقا ونظن لاحقا أيضا..
مغزى أحداث الأربعة أيام العصيبة الماضية أن مفتاح الموقف كله بقبضة مصر القوية الفاعلة.. عاقلة وحكيمة ولكن للصبر حدود.
ونتابع..

الجريدة الرسمية