رئيس التحرير
عصام كامل

ترشيد الإنفاق أم ترشيد التصريحات؟!

كنت أرجو أن تكون تصريحات الحكومة استباقية في الشأن الاقتصادي؛ حتى لو كانت للطمأنة وفتح أبواب الأمل أمام المواطنين الذين يعانون من ارتفاع الأسعار وانفلات الدولار دونما أي حلول عملية في الأفق.. اللهم إلا تصريحات إعلامية نقلًا عن مسئولين لا يذكرون أسماءهم صراحة حتى يستوثق الناس من المعلومة.


لا شك أننا نمر بأزمة اقتصادية ربما تكون هي الأشد، ورغم ذلك فلا تكف الحكومة عن التصريحات تارة بتسعير السلع الاستراتيجية، وهو ما لم نر له أثرًا في الأسواق وتارة بترشيد الإنفاق، وهو ما لم يحدث إطلاقًا، فهل تخلى المسئولون والوزراء عن مواكب وأساطيل السيارات التي تصحبهم في الذهاب والإياب؟

Advertisements

 

هناك من المسئولين بالجهات والهيئات الحكومية من لا يزال يشترى أحدث السيارات بأثمان باهظة وبعملات أجنبية نحن أحوج ما نكون لها لتنضم إلى موكبه وأسطوله.. وهل يستطيع الوزراء التخلي عن المستشارين الذين يتقاضون أرقامًا كبيرة من الأجور والمكافآت، ناهيك عما تتقاضاه القيادات العليا من حوافز شهرية وسنوية بالملايين، وليتها حوافز لقاء أرباح حقيقية حققوها أو قيمة اقتصادية مضافة نجحوا في إحرازها للدولة لكنه حوافز اعتيادية لا أكثر ولا أقل.. فهل تتوقف تلك المظاهر؟! 

قرارات ترشيد الانفاق الحكومى


منذ أكثر من شهرين حددت الحكومة 14 التزامًا على الجهات الحكومية، لرفع كفاءة الإنفاق الحكومي، وترشيد المصروفات وتعظيم الإيرادات، من بينها عدم إنشاء صناديق وحسابات خاصة إلا بقانون والالتزام بمصادر تمويل معتمدة، وعدم تحميل الموازنة العامة أي أعباء إضافية تخص الصناديق والحسابات الخاصة.. 

 

وفي حالة كان الإنفاق بالمشاركة بين عجز الموازنة والصناديق والحسابات الخاصة فيتم صرف حصة الصناديق والحسابات الخاصة أولًا بالكامل قبل الصرف من حصة عجز الموازنة ومحاسبة المسئولين إذا ما أصدروا قرارات ترتب عليها إهدار مال عام..

 

وعدم تجاوز التكاليف والمصروفات المقررة والمعتمدة وعدم إصدار قانون الموازنة العامة للدولة وقوانين موازنات الجهات- إلا بعد موافقة مجلس النواب، وحظر تبادل أو تقديم هدايا عينية سواء من مال عام أو خاص، أو تقديم مزايا مالية أو عينية للعاملين بتلك الجهات خلال المناسبات لكونها ليست من مستلزمات أعمالهم.. فهل نفذت الحكومة شيئًا من تلك الالتزامات أم ظلت حبرًا على ورق؟!


ومنذ أيام تساءل النائب محمود قاسم عضو اللجنة التشريعية بمجلس: ما فائدة اصدار الحكومة قرارات ترشيد الإنفاق، وهى لا تلتزم بها، ومنها مثلًا  مشروع قرار رئيس مجلس الوزراء بشأن ترشيد الإنفاق الاستثماري بالجهات الداخلة في الموازنة العامة للدولة والهيئات العامة الاقتصادية في ظل الأزمة الاقتصادية الحالية.. 

 

وهو نفس القرار الذي أصدره مجلس الوزراء منذ عدة أشهر، وللأسف الشديد لم تلتزم الحكومة بتنفيذه، مطالبا الحكومة بصفة عامة، ورئيس مجلس الوزراء، ووزير المالية بصفة خاصة، بمتابعة مثل هذه القرارات، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية التي تمر بها مصر.. 

 

كما أشار النائب إلى أن الأهم من إصدار مثل هذه القرارات، هو متابعة تنفيذها على أرض الواقع، واتخاذ جميع الإجراءات القانونية ضد كل من يخالفون مثل هذه القرارات المهمة.. مؤكدًا أن الحكومة دائمًا ما تطلب من المواطنين ترشيد الإنفاق والاستهلاك في الوقت الذي لا تلتزم هي بالقرارات التي تصدرها لترشيد الإنفاق الحكومي..

 

 

فمتى تكون الحكومة قدوة للمواطن في ترشيد الإنفاق والاستهلاك والتقشف.. وليتها تخرج ببيانات مشفوعة بأرقام حقيقية تقول لنا كم وفرت من النفقات، وكم قدمت من الإنجازات في الاكتفاء الذاتي في السلع الأساسية التي يعانى المواطن في الحصول عليها؟!

الجريدة الرسمية