رئيس التحرير
عصام كامل

شتان بين عمالقة الفن الرفيع وبين المسخ المشوه!

حينما أشاهد مطربى هذه الأيام أشعر بحسرة وألم لما آل إليه حال الفن والطرب.. فشتان بين فناني الزمن الجميل عبدالحليم حافظ وأم كلثوم وفريد الأطرش ومحرم فؤاد وموسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب والصوت الذهبي أسمهان.. وما كانوا عليه من شياكة وهندام حسن ومظهر يحترم الجمهور في ارتداء الملابس التي تنم عن ذوق رفيع وحس فني حتى في اختيار الألوان ونوعية الملابس.. وبين مطربي هذه الأيام الذين يتنافسون على تقاليع ليست من تقاليدنا ولا أصول مجتمعاتنا التي تعلى قيم الحشمة والوقار والذوق حتى في ارتداء الملابس.

Advertisements


وحين يخرج علينا عدد من مطربي ولا أقول فناني هذا الزمان، وبين اللفظين فرق شاسع يدركه أهل الفن والنقد.. حين يخرجون بلباس خادش لا يليق بالرجال أو يخلع بعضهم قميصه ليظهر جسمه وشيء من عورته فأين الفن الراقي في هذا.. وأين الرقي والتهذيب في صناعة القدوة للشباب.. 

 

الفنان يصح أن يكون قدوة لأجيال جديدة لا تعرف من دنياها إلا المطربين ولاعبي الكرة وهو ما يلقي بمسئولية كبيرة أتمنى أن يدركها هؤلاء المشاهير الذين تسبب بعضهم في انحطاط المعايير وتدني الأخلاق وذبول القيم.

رسالة الفن


زمان كنا نرى الفنان يجتهد في ملبسه ومظهره واختيار كلماته وألحانه ليرتقي بالذوق العام ويسهم في إمتاع النفوس وترقية الإحساس انطلاقًا من أن الفن رسالة تسهم في تهيئة المجتمع للتقدم وحمل الأمانة وصناعة النهضة.. أرأيتم كيف غنى حليم وكوكب الشرق الأغنية الوطنية التي تشحذ الهمم وتوقظ الوطنية والانتماء في نفوس الشعب حتى يحتشد الصف الوطني خلف الدولة.. كما حدث عند بناء السد العالي ومقاومة الاستعمار وتجاوز آثار النكسة وصولًا للعبور العظيم.


لقد كانت الأغنية مرآة يرى فيها كل واحد نفسه بل كانت لسان حال كثيرين يعيش معها الشباب بمشاعرهم الجياشة ويستعيد بها الكبار ذكرياتهم مع المشاعر الصادقة والأيام الحلوة فارتقت بالذوق العام ولم نكن نخجل من ترديد كلماتها والدندنة بها ارتباطًا بها وحبًا لها ولصاحبها.


الفن ذوق ورسالة ورقي وليس خبط ورزع وإسفاف وخروج عن اللياقة وخرق تقاليد المجتمع وأصوله.. والفنان الحقيقي صاحب رسالة يقدم ما ينفع الناس وليس مجرد ما يطلبه المستمعون؛ فليس كل ما يطلبه الناس نافعًا أو مفيدًا للمجتمع..

 

والسؤال: من السبب في انحدار الذوق وتراجع القدوة.. هل هي ثقافة الجيل الجديد.. أم من يقفون وراء شهرة البعض ممن لا يستحقون لقب فنان وبعضهم للأسف رمز للرداءة والإسفاف ونكسة الفن وانحطاط القيم.. أرى أننا كلنا مسئولون بدرجة أو بأخرى عما آل إليه حالنا.. من سمح ومن سكت ومن تجاوب ومن رضي بالقبح حتى صار قاعدة والاستثناء هو الجمال والرقي والذوق الرفيع..

 

 

انتبهوا لخطورة اتساع رقعة القبح فذلك مؤشر على انهيار الأخلاق.. وإذا ضاعت الأخلاق ضاع كل شيء.. فإنما الأمم الأخلاق ما بقيت.. فإن همو ذهبت أخلاقهم ذهبوا!

الجريدة الرسمية