رئيس التحرير
عصام كامل

رئيس "الأوبرا": هويتنا الموسيقية مهددة بالضياع.. وتدوين الألحان مشروعى الخاص.. وسنخرج بالمهرجانات للصعيد والدلتا (حوار)

خالد داغر رئيس دار
خالد داغر رئيس دار الأوبرا،فيتو

>> هدفى عودة مهرجانات الموسيقى خارج الأوبرا من جديد 
>> سنحاول الصلح بين على الحجار ومدحت صالح
>> لسنا طرفا فى خلاف أو نزاع مع أي من رموز الفن المصرى
>> نركز على تمثيل معظم دول الوطن العربى فى مهرجان الموسيقى العربية
>> افتتاح واحة الثقافة بمدينة 6 أكتوبر قبل نهاية العام
>> مهرجان القلعة للموسيقى والغناء هديتنا للأسرة المصرية
>> كل الفنانين المصريين والعرب يتنازلون عن جزء كبير من أجورهم تقديرا للدار 
>> لا نملك مسرحا بالساحل الشمالى أو الصعيد
>> لا يمكن الاستمتاع بالفن عن طريق الذكاء الاصطناعى
>> إذا أردت أن تعرف شعبا استمع إلى موسيقاه

 


«الأصالة والتطوير».. حلم يراود الفنان الدكتور خالد داغر، الذى يعمل جاهدا على تحقيقه، فمنذ توليه رئاسة دار الأوبرا المصرية، بدأنا نسمع عن مشروعات تعمل الأوبرا على تنفيذها بخلاف إقامة المهرجانات والحفلات وإنشاء المبانى والمسارح، مشروعات قومية تحمى التراث الموسيقى المصرى من الضياع، لتسير دار الأوبرا المصرية فى طريقها المنشود والتى ربما قد ضلته لسنوات.

وخلال حواره مع «فيتو» كشف الدكتور خالد داغر عن أحلامه وطموحاته وخططه المستقبلية التى يحلم بتنفيذها، وأبرز التحديات التى تواجهها دار الأوبرا المصرية والموسيقى بصفة خاصة، موضحا رأيه فى الأزمة التى حدثت بين النجمين على الحجار ومدحت صالح، بالإضافة إلى آخر الاستعدادات للدورة الـ32 من مهرجان الموسيقى العربية .. وإلى نص الحوار:

 

*توليت منصب رئيس دار الأوبرا مطلع العام الجارى.. ما أبرز الملفات التى عملت عليها وتعتزم العمل عليها؟

أولا التنظيم الداخلى للفرق والحفلات والتجديد فى برامج الفعاليات، بحيث نقدم حفلات جديدة ومتميزة وفى نفس الوقت نطور بعض الفرق التى عانت من مشكلات إدارية، واستطعت حل بعضها ونسعى لحل باقى مشكلات العازفين والفنانين والإداريين أيضًا.
وهدفى الأساسى منذ تولى منصب رئيس دار الأوبرا، هو عودة مهرجانات الموسيقى خارج دار الأوبرا من جديد مثل مهرجان المسرح الرومانى ومهرجان دندرة وأبيدوس وكلها مهرجانات لاقت نجاحا جماهيريا كبيرا، وأسعى إلى أن يشاهدها الآلاف سواء فى مصر أو الوطن العربى، ونرتب لإعادتها فى ظل تحديات كثيرة ومنها الصعوبات المالية خصوصا، ونحن لا نتعامل فقط مع الفنانين الموظفين فى دار الأوبرا، وإنما مع فنانين من كل أنحاء الدول.
فدار الأوبرا المصرية لديها مكانة خاصة عند كل الفنانين المصريين والعرب والذين يتنازلون عن جزء كبير من أجورهم تقديرا للمكان، فأى فنان من أول ظهور له يكون الهدف الأسمى له الوقوف على مسرح دار الأوبرا.

Advertisements


*تتواصل دار الأوبرا المصرية مع نظرائها عالميا وعربيا.. فهل هناك مشروعات تعاون جديدة؟


بالطبع التواصل والتعاون مستمر، فدار الأوبرا وقعت بروتوكولا مع أوبرا سلطنة عمان ونقدم بعض العروض هناك، كما نقدم بعض العروض فى دول أخرى مثل حفلات للموسيقى العربية فى الكويت، وأوركسترا السيمفونى فى ألمانيا وإيطاليا وعروض فرق الأوبرا فى إيطاليا، وشاركنا فى مهرجان جرش للثقافة والفنون بالأردن، ونتبادل بيننا وبين كثير من دول العالم الفرق والعروض.


*شاركت مؤخرا فى إحدى جلسات الحوار الوطنى.. ما أهم النقاط التى طرحتها؟


دُعيت للحوار الوطنى بصفتى فنانا كمؤلف وموسيقى، وجلسة الحوار الوطنى كانت تناقش "الثقافة والهوية الوطنية"، وتحدثت عن مشكلة الهوية الموسيقية التى أصبحنا نعانى منها، بسبب الزخم المنتشر على السوشيال ميديا من أغانى وأسلوب ليس مصريا، ومعظمها يقلد أساليب غربية، وفى نفس الوقت أبناؤنا أصبحوا مرتبطين بتلك الأشكال الموسيقية الغريبة عن هويتنا.
وهنا علينا إيجاد الطرق والحلول المناسبة التى تجعل أبناءنا يتمسكون ويحبون هويتهم الموسيقية دون إجبار، وهذه قضية فى غاية الأهمية، وأراها أنها المشكلة الحقيقية، فإذا أردت أن تعرف شعبا فاستمع إلى موسيقاه، فالموسيقى تعبر عن مدى ثقافة الشعوب ورقيهم وفنونهم، فهى اللغة الأولى التى يفهمها العالم بأكمله.

 

 

*كيف رأيت الجدل بين الفنان مدحت صالح والفنان على الحجار بسبب مشروع "الأساتذة" و"100 سنة غنا".. وما السبب فى تصاعد الأزمة بينهما؟

 

الجدال لم يكن بين الطرفين، فالفنان مدحت صالح لم يتحدث أو يتدخل مطلقا، القضية كانت عند الفنان على الحجار، وكان يرى أن مشروع "الأساتذة" هو مشروعه، وأن الفنان مدحت صالح أخذه منه، وعرفت فيما بعد أن الفنان على الحجار ظهر فى عدد من القنوات الفضائية، وقال بعد إذاعة أولى حفلات "الأساتذة"، وسمع ما قدمه مدحت صالح بأنه ليس مشروعه.
وبالنسبة للأزمة التى حدثت، أصدرت بيانا يوضح وجهة نظرى، فدار الأوبرا ليست طرفا فى خلاف أو نزاع مع أي من رموز الفن المصرى، وتكن لهم كل الاحترام والتقدير، وتحتضن كافة الأفكار والمشروعات الفنية والموسيقية والغنائية لنجوم الأغنية المصرية والعربية أيضًا.
وحفل الفنان مدحت صالح الذى يحمل اسم "الأساتذة ومدحت صالح" يختلف شكلا ومضمونا عن مشروع الفنان على الحجار "١٠٠ سنة غناء"، فمدحت صالح يقدم مجموعة من الأغانى المختارة لأشهر قامات التلحين والموسيقى فى مصر والعالم العربى، بينما يتناول مشروع الفنان على الحجار مسيرة الأغنية المصرية على مدار مئة عام، راصدا فتراتها الزمنية المختلفة وتطورها.


*وهل دار الأوبرا ممكن أن تتدخل لحل الخلاف بين النجمين والصلح بينهما؟


ليس لدينا مشكلة على الإطلاق، وسنحاول الصلح بينهما لأنه فى النهاية، على الحجار ومدحت صالح فنانان كبيران وعندهما جمهور مهم، وهما حراس منطقة مهمة جدا فى تاريخ الفن المصرى، بالإضافة إلى عدد آخر من الفنانين كالفنان محمد الحلو ومحمد ثروت وهانى شاكر خصوصا فى فترة الثمانينيات والتسعينيات، فهما يمثلان تاريخا مهما، وإن شاء الله نقدر نصلح ما بينهما.


*لاقى أول حفل لـ"الأساتذة" انتقادات بأنه لم يقدم جديدا.. فما حقيقة ذلك؟


بالطبع هناك جديد تم تقديمه، ولكن المسألة كيف قُدم، فالجديد كان فى توزيع اللحن وليس فى الألحان نفسها، ولن يستطيع أي شخص أن يضيف جديد فى الألحان، فتاريخ الألحان والأغانى الخاصة بنا عمرها ما هتتغير، وذكرت فى المؤتمر الصحفى لـ"الأساتذة" أن التوزيع الموسيقى الذى يحدث ليس بالضرورة أننا نحبه، فكل مرة يتم توزيع اللحن بموزع مختلف تكون روح العمل مختلفة تماما، فيجوز أن الموزع اللى عمل هذا التوزيع هو من وزع أغانى حفل الأساتذة وهذه هى وجهة نظره وتحترم، بالمناسبة ده الموزع الذى يعمل مع على الحجار طول سنين عمره ويعمل معه إلى وقت قريب.
وعلى سبيل المثال، إذا جاء شاب صغير سوف يوزع العمل بمنطق آخر من خلال مخزونه الذى تربى عليه، فإذا كان تربى على الكلاسيكيات كبتهوفن وتشايكوفسكى وسترافيسكى سيخرج نتائج مختلفة، وليس بالضرورة أن يكون ذلك هو الأفضل.
فالفن لا ينتهى، وإلى الآن أعمال باخ التى ألفت من مئات السنين تُعزف حتى الآن، وكل عازف يكون له بصمة مختلفة فيها.

 


*إذن ما الفرق بين مشروع "الأساتذة" ومشروع "100 سنة غنا"؟

 

مشروع الأساتذة لمدحت صالح بيتكلم عن بعض الأغانى لبعض المؤلفين وبعض الملحنين ثم يعيد توزيعها تماما مثلما أعيد إنتاج فيلم برؤية مختلفة، فهناك أغانٍ تم تلحينها أكثر من مرة، فأغنية "أراك عصى الدمع" تم تلحينها 3 مرات لأم كلثوم مرة مع السنباطى ومرة مع الشيخ أبو العلا محمد ومرة وهكذا.
وهذا مشروع مدحت صالح، وبه أغانى من يوم ولادتها لها توزيع أوركسترالى، لكن الفكرة إن إعادة الصياغة بتحدث روح مختلفة، خصوصا أنه كلما كان الموزع شابا وعنده تراكمات مختلفة عن الأجيال قبله أكيد نتائجه ستكون مختلفة.
أما مشروع «100 سنة غنا» لعلى الحجار فيرصد مراحل الغناء المصرى فى 100 سنة، هو يرصد الأغانى فى العشرينيات والخمسينيات والسبعينيات والتسعينيات، وحاليا مثلا كل فترة لها شكل مختلف، فأغانى منيرة المهدية تختلف عن أغانى أم كلثوم وأغانى شادية تختلف عن أنغام وهكذا، فكل مرحلة لها شكل غنائى مختلف.

*وهل اطلعت على الدراسة الخاصة لمشروع «100 سنة غنا» لعلى الحجار؟


لا، لم أطلع عليها، ولم تأت إلى أي دراسة أو ورق خاص بالمشروع حتى الآن، ولكن 100 سنة غنا يقصد به مراحل الغناء المختلفة، بالإضافة إلى أنه كان عايز يعمل برنامج، وإذا كان يعتمد على الرصد فقط، فهنا لا بد أن يقدم المرحلة كما هى دون تغيير فى التوزيع.

 

 

*ما آخر ترتيبات مهرجان الموسيقى العربية الـ32 وأبرز التفاصيل وأسماء المشاركين؟


نحاول عمل دورة تليق بتاريخ مهرجان الموسيقى العربية، وجار التواصل مع معظم فناني الوطن العربى، وأهم النقاط التى نركز عليها أن تتم المشاركات من معظم دول الوطن العربى، وأيضًا المؤتمر العلمى المصاحب للفعاليات الفنية ويناقش قضايا الموسيقى العربية وسبل تطويرها، وبدأ الباحثون تسجيل أفكارهم المرتبطة بمحاور الدورة الـ32، وستناقش أثناء المؤتمر، وهناك مسابقة مثل كل سنة، ولكن مختلفة هذا العام، وهى مسابقة التوزيع الموسيقى، بمعنى إعادة التوزيع الأوركسترالى لأغانى الزمن الجميل.


*يعانى المؤتمر العلمى للمهرجان سنويا من إغفال إلقاء الضوء عليه.. فما هى خطتك لحل هذا الأمر؟


هذه الدورة قمنا بشيء جديد، وهو ربط الأفكار الموجودة فى محاور جلسات المؤتمر ببعض الحفلات التى تمثل هذه الأفكار وربطها مع الجمهور أثناء الحفل.


*وكيف ستستقبل المحافظات مهرجان الموسيقى العربية؟ وهل المسارح هناك مؤهلة لذلك؟


دار الأوبرا تمتلك مسارح فى القاهرة والإسكندرية ودمنهور، ونفكر في الخروج بالمهرجان لأماكن أخرى مثل الصعيد ومنطقة الدلتا، للوصول إلى أكبر كم من الجمهور، فأبناء هذه المدن من حقهم متابعة مهرجان الموسيقى العربية أهم مؤتمر للموسيقى فى الوطن العربى. وليس هناك مسارح فى الصعيد، ولكن نحن نستطيع إنشاء مسارح خارجية كما عملنا من قبل فى دندرة وأبيدوس، ولدينا مجموعة من المعوقات ونحاول تخطيها والتغلب عليها.

*حدثنا عن مشروع تدوين الأعمال الموسيقية للحفاظ على التراث المصرى والعربى؟ وكيف يتم التدوين؟


مشروع تدوين الأعمال الموسيقية مشروعى الخاص، حفظ الألحان والأعمال الموسيقية لا يتم إلا بالتدوين، فالتدوين هو القادر على كتابة التفاصيل كما ألفها الملحن أو المؤلف، وهنا يتم الحفظ للشكل الأصلى للمؤلف، والتدوين الموسيقى موجود، ولكن لدينا العديد من الأعمال لم تدون، أيضًا كتابتها تختلف من شخص لآخر، وللتغلب على هذا شكلت مجموعة عمل، من أساتذة كبار للتدوين والمراجعة الدقيقة للكتابة لحفظ اللحن بحركته بالضبط، فالنوتة لا تكتب نغمات فقط، وإنما بتفاصيل يحفظها العازف.
وسوف نطلق الموقع الإلكترونى الخاص بالأوبرا، بحيث يمكن لأى شخص الحصول على العمل الأصلى الصحيح من مكان موثوق فيه، نحن لدينا مسئولية حفظ تاريخنا بشكل سليم، ونحن كدار أوبرا الكيان الأهم لكى نقدم هذا للعالم، وسوف تكون النوت بطبقات مختلفة للصوت، حتى لا يمكن التلاعب فى اللحن.
أما التدوين فسيكون عبارة عن حفظ الملفات بشكلين، إما باسم الملحن وإما باسم المغنى، بحيث يسهل على الباحث الوصول إلى ما يريده.

*هناك عدة مشروعات لدار الأوبرا لم تنتهِ بعد فما آخر تطوراتها كمسرح الساحل ودار أوبرا الصعيد –مدينة الأقصر- التى أعلن عن إنشائها فى 2015، وواحة الثقافة بمدينة 6 أكتوبر؟


بالنسبة للساحل الشمالى، فدار الأوبرا لا تمتلك مسرحا هناك، وإنما العام الماضى كانت هناك محاولات مع محافظ مطروح بأن نأخذ مسرح مارينا، وكان لدينا خطة هذا العام أن نقيم حفلات هناك، ولكن للأسف الوقت لم يساعدنا وهناك مسارح فى العلمين نستطيع أن نقيم عليها حفلاتنا.
ومشروع دار أوبرا الصعيد لم نبدأ فيه بعد، أيضًا لا نمتلك أرضا هناك وتخصيص الأرض سيتم من خلال المحافظة ولم تخصص بعد.
أما واحة الثقافة بأكتوبر فنحن على وشك افتتاحها خلال شهور -بإذن الله قبل نهاية العام-سوف نفتتح جزءا كبيرا منها، فبداخلها مسرح كبير يتسع لـ1300 شخص، بالإضافة إلى مبانى بها الجانب الإدارى وقاعات التدريب والورش وقاعات الرقص، وقاعات لتدريس تنمية المواهب ومخازن.


*باعتبارك من صناع المزيكا.. ما رأيك فيما أثير حول استخدام الذكاء الاصطناعى فى الموسيقى؟


أنا غير راض عنه، منذ عشرات السنين اخترعوا أصواتا مماثلة لكل الآلات الموسيقية هل الناس توقفت عن استخدام هذه الآلات فى التسجيلات، لن يستطيع أحد أن يتخلى عن العنصر البشرى مهما حصل من تطور تكنولوجى، ولذلك مرحلة الكمال فى الفن لن نستطع الوصول إليها ولا يمكن الاستمتاع بالفن عن طريق الذكاء الاصطناعى، لأنه يعمل من خلال بعض الإجابات والتحليلات لكل شيء ثم يبدأ البناء على المعلومات التى أخذها ويخرج النتيجة ولكن الفن كل يوم متجدد.

 


*وأخيرا.. ما الحلم الذى يتمنى خالد داغر تحقيقه؟


أحلم بالتطوير والعودة إلى الأصالة من خلال المأثور من الموسيقى والفن الأصيل، وليس أن يصبح ما نقدمه مجرد محاكاة للتجارب الأخرى.

 

الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو" 
 

الجريدة الرسمية