رئيس التحرير
عصام كامل

"دولة الإنقاذ".. قصة التدخلات التاريخية لمصر باللحظات المصيرية لمساندة السودان.. تأسست الوحدة السياسية في عهد محمد علي.. ودعم جمال عبد الناصر الاستقلال

استقلال السودان،
استقلال السودان، فيتو

على مدار التاريخ المشترك بين السودان ومصر، كانت الأخيرة دائمًا دولة الإنقاذ التى تتدخل فى اللحظات الأخيرة لمنع الأذى عن شريكة وادى النيل، ودافعت مصر بكل قوة عن جارتها ولم تتركها أبدا فى مواجهة الصعوبات، فالقضية ليست فى الأزمة الأخيرة، بل ضاربة فى أعماق التاريخ.

 

وتعود تاريخ مساندة مصر للسودان ضد الإخطار المحدقة به إلى عهد الأسرة الثالثة عام 2600 قبل الميلاد، وتحديدا عهد الملك المصرى "بيبى الأول"، عندما جنَّدت مصر جيشًا من السودان لإخضاع بعض القبائل العاصية فى شرقى السودان، وكان آنذاك جزءا من الدولة المصرية.

 

Advertisements

 

حاصرت مصر الحركات الانفصالية التى عرفها السودان منذ فجر التاريخ، وشق المصريون القدماء طريقًا للسفن بين صخور الشلال الأول فى عهد الأسرة السادسة، تحت إشراف المهندس المصرى أونا، وكانت السفن تجرى فى النيل بين مصر والسودان، وأعيد العمل فى الطريق خلال عهد الملك أوسرتسن الثالث من الأسرة الثانية عشرة، ١٨٥٠ قبل الميلاد؛ لتسهيل نقل الجيش والسفن الحربية والمعدات لتأديب المارقين ويرصد ذلك كتاب تاريخ السودان المتقدم للدكتور حسن كمال، والعقد الثمين لأحمد كمال باشا.

 

كما وصلت جيوش "أمنمحات الأول"، 1٥٨ قبل الميلاد إلى جنوب الخرطوم، كما جاء فى لوحة حجرية وُجدت فى مدينة "مروى"؛ وعين ملك مصر أمنمحات الأول ابنه تحتمس الأول حاكمًا عامًّا على السودان، ولقَّبه بأمير كوش، الإقليم المعروف الآن بإيتيوبيا، وكان محل إقامته فى النوبة، وقسم البلاد التى بين الشلال الأول والنيل الأزرق إلى مديريات أو أقاليم، يدير شئون كل منها حاكم مصرى تابع لأمير كوش، وأصبحت البلاد السودانية إلى النيل الأزرق جزءًا من مصر، تسود فيه النظم الإدارية والسياسة المصرية.

 

استمر مبدأ المصير المشترك يحكم علاقة مصر والسودان فى العصور الوسطى، ولم تترك مصر السودان دون سند حتى عندما خضعت للاحتلال اليونانى والبطلمى ثم الحكم الرومانى عام 30 قبل الميلاد، حيث مدت مصر القديمة صلاتها وتفاعلها السياسى والحضارى إلى المناطق الجغرافية الجنوبية وتدخلت دائمًا فى أشد الأزمات لإنقاذ السودان وأهله.

 

فى الدولة الحديثة التى أنشأتها محمد على عام 1805، دخلت الجيوش المصرية الأراضى السودانية لتدخل تحت راية الحكم المصرى بسبب التهديدات التى زادت آنذاك للحدود الجنوبية، وبدأ البلدان تاريخا جديدا فى تأسيس الوحدة السياسية لوادى النيل فى ظل الدولة الحديثة.

 

تأسس على التدخل المصرى فى السودان إقامة الكيان الجغرافى الموحد للسودان الذى نعرفه الآن، حيث اتسعت رقعة البلاد الجغرافية، وشملت سلطنة تقلى وكردفان وبلاد البجا بما فيها كسلا وسواكن، ومع اندماج السودان بمديرياته الاستوائية مع مصر عام 1869 مرة أخرى، أصبح بلدًا يتنقل الحكم فيه بطريقة الوراثة من الخديو إسماعيل إلى أكبر أولاده.

 

انفصلت الأراضى السودانية عن مصر من عام 1885 حتى 1898، عندما قامت الدولة المهدية فى السودان، لكن هذه الدولة انتهت على أيدى القوات البريطانية التى دخلت السودان، وعادت السودان مرة أخرى إلى الوحدة مع مصر؛ ولكن بمشاركة بريطانيا التى كانت تحتل مصر آنذاك وعُرف ذلك باتفاقية الحكم الثنائى 1899، وتم رفع العلمين المصرى والبريطانى معًا على الأراضى السودانية.


وتدخل الجيش المصرى من جديد لإعادة الترابط لأرجاء السودان، حيث أسهم فى مشروع مد خطوط السكك الحديدية، وقام بعمل حواجز لمقاومة فيضان النيل الأزرق الذى كان يهدد الخرطوم.

 

أثر قيام ثورة يوليو عام 1952 فى مصر، رغب القوميون السودانيون فى الاستقلال بحكم بلادهم بعد 4 سنوات من قيام ثورة يوليو 1952، لترحب مصر بذلك، وتم إعلان استقلال السودان فى ديسمبر 1955، وحصلت الخرطوم على استقلالها رسميًا فى يناير 1956.


شهدت فترة التسعينيات حالة من التوتر بين مصر والسودان، خاصة فى يونيو 1995، عندما تعرض الرئيس الراحل مبارك لمحاولة اغتيال فى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، واتهمت القاهرة جماعات إسلامية بالتورط فى تنفيذها، وأيضًا نظام البشير بالتخطيط لها وتمويلها، ونفت الخرطوم ذلك، لكن العلاقات دخلت فى مرحلة من التوتر، وشهدت سحب السفراء والإبقاء على قائم بالأعمال.

 

ومع ذلك أكدت مصر دومًا على استقرار السودان، وأن أمنه جزء لا يتجزأ من أمن مصر القومى، ومنذ اندلاع الثورة السودانية فى 19 ديسمبر 2018، أكدت مصر على احترام خيارات الشعب السودانى، وأظهرت الدعم الكامل للحكومة السودانّية الجديدة، لتحقيق تطلعات الشعب السودانى.

 

وبادرت مصر باستضافة قمة تشاورية للشركاء الإقليميين للسودان فى 23 أبريل 2019، لرأب الصدع وحل الخلافات بين كافة الأطراف السودانية بشقيه المدنى والعسكرى. حيث استضافت القاهرة فى 10 أغسطس 2019، اجتماعا بين قوى الحرية والتغيير والجبهة الثورية السودانية لإجراء مفاوضات استمّرت يومين، متضمنة وثيقة الإعلان الدستورى للإسراع فى تشكيل السلطة المدنية الانتقالية وتحقيق اتفاق سلام شامل.

 

وحضرت مصر ممثلة فى شخص رئيس الوزراء مصطفى مدبولى، التوقيع على اتفاق تقاسم السلطة بين المجلس العسكرى الانتقالى وممثلو المعارضة فى 17 أغسطس 2019، الذى ينّص على تكوين مجلس حكم انتقالى من المدنيين والعسكريين.

 

مع أحداث السودان الأخيرة، والاشتباكات التى وقعت فى 15 أبريل 2023، أكدت مصر أن ما يحدث فى السودان شأن داخلى ولا ينبغى التدخل فيه، وحدد الرئيس عبد الفتاح السيسى موقف مصر من الأزمة السودانية قائلا: "إن الدور الذى يمكن أن نلعبه هو إعادة الهدوء واستعادة أمن السودان والاستقرار بين الفرقاء، ليستكمل بذلك دور مصر التاريخى فى مساندة السودان فى أشد المحن والأزمات".

 

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا، دوري أبطال أفريقيا، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

الجريدة الرسمية