رئيس التحرير
عصام كامل

نحن والأزمة الإسرائيلية !

ما تشهده إسرائيل من أحداث جسيمة لا يلقى منا عربيا إلا التناول السطحى فقط!.. فهناك من رأوا أن إسرائيل تعيش الربيع العبرى، بعد أن داهمنا نحن الربيع العربى بعد أكثر من عقد من الزمان، وأنها سوف تتذوق ما سبق أن ذقناه نحن من مرارة انهيار دول.. بينما رَاه آخرون مثالا للحرص على استقلال القضاء والانتفاض الشعبى لحماية هذا الاستقلال في وجه محاولات مدبرة ومخططة للنيل منه.. 

 

وفي ظل ذلك غاب التناول بعمق لما يحدث في إسرائيل، والذى لم يقتصر على المظاهرات الحاشدة فقط، وإنما تخطاها للإضراب العام والعصيان داخل الجيش الإسرائيلى وإقالة وزير الدفاع، وتعرض الائتلاف الحاكم لانفراط عقده، حتى بعد أن أجل نتنياهو القراءة الثانية والثالثة لمشروع حكومته لما أسماه الإصلاح القضائى. 


غاب عنا أولا أن إسرائيل تعيش منذ وقت على صفيح ساخن، وتحديدا منذ أن تمكن نتنياهو من استعادة رئاسة الحكومة، وأن الاضطراب الذى تعيشه ليس سببه فقط مشروع نتنياهو للسيطرة على القضاء، وإنما له أسباب أخرى تراكمت حتى حدث الانفجار الحالى بعد مشروع السيطرة على القضاء.


وغاب عنا أن نتاياهو ذاته وعودته إلى الحكم رغم تورطه فى العديد من قضايا الفساد هو أمر ليس مقبولا من قطاعات واسعة داخل إسرائيل، وأن سنده الأساسى الآن فيها هم القوى والأحزاب الأكثر تطرفا.. بل إنه لم يعد مقبولا حتى من الإدارة الامريكيةَ ذاتها، وعدد من الحكومات الأوربية.

 
وغاب عنا أيضا أن حكومة نتنياهو تقوم منذ أن تشكلت تحت راية القوى الأكثر تطرفا باعتداءات واسعة وكبيرة على الفلسطينيين، وهى وإن كانت تتفادى الدخول في صراع عسكرى ضد أهل غزة، إلا أنها تنفذ بنشاط خطتها الخاصة بتؤدة كل الضفة الغربية وإتمام الاستيلاء عليها، وهو أمر يفرغ حل الدولتين من محتواه. 


كما غاب عنا أن الجيش الإسرائيلى حاضر وبقوة في تلك الأحداث.. حاضر برفض وزير الدفاع لمشروع نتنياهو للسيطرة على القضاء.. وحاضر بعصيان بعض جنوده وتذمر بعض قياداته.. وربما يعتبرون السيطرة على القضاء تمهيد قد يفضى لفقدان الجيش لنفوذه داخل إسرائيل، وهو النفوذ الذى حافظ عليه منذ نشأتها. 

 


باختصار.. ما يحدث في إسرائيل يحتاج لنظرة عميقة وعدم الاكتفاء بالتحليل الانطباعي فقط أو الذى يلجأ إلى الإسقاط، لأن تلك الأحداث سوف يكون لها تداعياتها علينا، ولعل أول التداعيات تمثل فى كبح جماح التطبيع الخليجى الإسرائيلى، وهو ما فتح أبواب تطبيع العلاقات الخليجية مع إيران.    

الجريدة الرسمية