رئيس التحرير
عصام كامل

الدورتان السنويتان.. خارطة طريق لمستقبل الصين والعالم (2)

تعاملت الدورتان السنويتان بإيجابية في مواجهة التحديات العديدة المُشار إليها سابقا، وهو ما تجلى فيما أكدت عليه من مخرجات مهمة، داخليا وخارجيا. فعلى المستوى الداخلي، ومن خلال استقراء ما تضمنته تصريحات الرئيس شي، وكذلك تقرير عمل الحكومة أمام الدورتين، يمكن الإشارة إلى النتائج المهمة التالية:

 

مخرجات مهمة داخليا وخارجيا


التأكيد على أهمية دور القطاع الخاص في تحقيق الحلم الصيني، حيث أشاد الرئيس شي جين بينج في كلمته أمام الدورة الأولى للمجلس الوطني الـرابع عشر للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني بالقطاع الخاص، باعتباره قوة مهمة في السعي لتحقيق الهدفين المئويين والحلم الصيني المتمثل في النهضة العظيمة للأمة الصينية.


فضلا عن التغييرات الجديدة في النخبة الصينية، حيث شهدت الدورتان الإعلان عن التعديلات الجديدة في الوظائف الحكومية العليا السياسية والاقتصادية، بما في ذلك إعلان الرئيس الجديد لمجلس الدولة، ونوابه والوزراء الجدد. وقد تم اختيار لي تشيانغ كرئيس لمجلس الدولة. 

 

كما شهدت الدورتان انتخاب الرئيس شي جين بينغ بالإجماع رئيسا لجمهورية الصين الشعبية ورئيسا للجنة العسكرية المركزية لجمهورية الصين الشعبية. وتم انتخاب هان تشنغ نائبا للرئيس الصيني. فضلا عن انتخاب تشاو له جي رئيسا للجنة الدائمة للمجلس الوطني الـرابع عشر لنواب الشعب الصيني.


كما تم إعلان الحكومة الصينية عن استهداف تحقيق نمو اقتصادي بنحو 5% في عام 2023، والتأكيد على الالتزام بالانفتاح العالي المستوى. حيث تعهد الرئيس شي خلال حضوره مناقشات الدورة الأولى للمجلس الوطني الـرابع عشر لنواب الشعب الصيني ببذل جهود لتلبية متطلبات بناء اقتصاد السوق الاشتراكي الرفيع المستوى وتعزيز الانفتاح العالي المستوى. كما أشار تقرير عمل الحكومة إلى أنه بعد ثلاث سنوات من التباطؤ بسبب قيود مكافحة كوفيد "يشهد الاقتصاد الصيني انتعاشا قويا".


وتم طرح مشروع تعديل القانون التشريعي، والذي يتضمن موضوعا خاصا لدعم الديمقراطية الشعبية بعملياتها الكاملة وتطويرها، بهدف تعزيز الضمان القانوني للديمقراطية الشعبية بعملياتها الكاملة، "ما يسهم في  بلورة الآراء العامة للشعب وحكمته بشكل أفضل".


أما على المستوى الخارجي، فقد تضمن تقرير عمل الحكومة التأكيد على ثوابت توجهات السياسة الخارجية الصينية تجاه قضاياها الرئيسية، والتي تضمنت: التأكيد على مبدأ الصين الواحدة فيما يتصل بالتعامل مع مسألة تايوان، والتمسك بالسياسة الخارجية السلمية والمستقلة، والسير في طريق التنمية السلمية، ودفع بناء نمط جديد من العلاقات الدولية، علاوة على بناء رابطة المصير المشترك.


هذا بالإضافة إلى الإعلان عن الميزانية العسكرية الصينية لهذا العام، والتي قُدرت بنحو1553,7 مليار يوان (الدولار الأمريكي يساوي حاليا 6,8 يوانات تقريبا)، بزيادة سنوية بلغت نسبتها 7,2%، وبارتفاع في نسبة الزيادة بـ 0,1% على أساس سنوي، وذلك بهدف مواجهة التحديات الأمنية المعقدة وللوفاء بمسؤوليات الصين كدولة كبرى.

موقف الصين من تايوان وروسيا


ويضاف إلى ما سبق، ما يتيحه استمرار الصين في الانفتاح على العالم الخارجي من فرص جديدة لنمو الاقتصاد العالمي، في ظل تطلع مجتمع الأعمال العالمي إلى فرص جديدة ناشئة عن التنمية العالية الجودة والانفتاح العالي المستوى على صعيد البلاد. حيث تُعد الصين نقطة جذب قوية للاستثمار الأجنبي والتجارة الخارجية.


وفي الإطار ذاته، أفصح وزير خارجية الصين تشين قانغ، خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده على هامش الدورتين، عن أبرز ملامح وتوجهات سياسة بلاده وعلاقاتها الخارجية خلال الفترة القادمة، ومن أبرزها: عرض وتسويق مفهوم التحديث الصيني النمط، وضرورة احترام حق الدول في اتباع مسار التحديث والتنمية بما يتناسب مع ظروفها الوطنية.


والتأكيد على موقف الصين الثابت تجاه قضية تايوان، وتحذير واشنطن بأن عدم تغيير أسلوبها تجاه الصين سيترتب عليه حدوث صراع ومواجهة بين البلدين، واصفا تايوان بأنها جزء من الأراضي المقدسة الصينية.


ووصف العلاقات الصينية الروسية بأنها إستراتيجية، وتسهم في تشكيل عالم متوازن ومتعدد الأقطاب، ولا تستهدف أي طرف ثالث. وتوضيح موقف الصين تجاه الأزمة الأوكرانية، ورفضها لمنطق العقوبات والتهديدات، باعتباره لن يؤدي إلى إنهاء الأزمة، علاوة على تأكيد أن آسيا ليست أوكرانيا.

 


وأخيرا التأكيد على أهمية مبادرة الحزام والطريق في تحقيق نتائج مربحة للجميع، فهي مبادرة عملية ومنفتحة، وتتمسك بمبدأ التشاور المكثف، والمساهمة والمنافع المشتركة. ورفض الاتهامات المزعومة الموجهة للصين بخلق ما يُسمى "فخ الديون" في الدول النامية. والتأكيد على ارتكاز العلاقات بين الصين والاتحاد الأوروبي على المصالح الإستراتيجية للطرفين، وعدم خضوعها لأطراف ثالثة. حيث تعتبر الصين الاتحاد الأوروبي شريكا إستراتيجيا شاملا وتدعم التكامل الأوروبي.

الجريدة الرسمية