حان الوقت!
طبقا لتقديرات البنك المركزى واصل معدل التضخم الارتفاع خلال شهر فبراير الماضى ليتجاوز 40 في المائةً.. هذا معدل لم يصله من قبل حتى بعد تحرير سعر الصرف في خريف 2016.. والمعنى الواضح لذلك أن السبيل الذى نسلكه لكبح جماح التضخم والسيطرة على الغلاء لم يحقق ما نرجوه ونستهدفه..
بل إنه على النقيض قد أفضى إلى زيادة مشكلة الغلاء والتضخم، وبالتالى حان الوقت للبحث عن سبيل أو علاج آخر لمرض التضخم الذى أصاب اقتصادنا.. العقل يقول ذلك لنحمى انفسنا من مزيد من الغلاء.
لقد جربنا زيادة فوائد البنوك لجمع السيولة المالية من الأسواق لتخفيض الطلب على السلع.. لكن ذلك لم يساعدنا لنحقق السيطرة على التضخم، لأنه لم تصنعه زيادة في الطلب، إنما تشارك في صنعه ارتفاع الأسعار العالمية وتخفيض قيمة الجنيه، وهكذا عندما توقفت الأسعار العالمية عن الارتفاع مؤخرا لم تتراجع في اسواقنا.. وإذا واصلنا ذات العلاج لن نتمكن من علاج الغلاء والتضخم، بل سوف يشتد هذا المرض كما حدث ويحدث لنا الآن.
فنحن لدينا مشكلة إضافية تتمثل في وجود فجوة من النقد الاجنبى كنّا نعتمد في سدها على الأموال الساخنةَ، وعندما هجرتنا تلك الأموال مع بقيةَ الاقتصادات الناشئة بدأنا نعانى من هذه المشكلة بحدة..
والحل الذى نتبعه الان بالاستمرار في تخفيض عملتنا سوف يصاحبه زيادة مستمرة في الغلاء.. وهذا ما نعانى منه الآن.. أما إذا تخلصنا من هذه الفجوة التمويلية سوف يتوقف الجنيه عن الانخفاض وسوف يمكننا السيطرة على التضخم والتخلص من الغلاء..
ويمكن أن يحدث ذلك إذا قررنا أن نتقشف جميعا ونستغنى عما نقدر عليه من سلع وبضائع نستوردها من الخارج حتى تتحسن مواردنا من النقد الأجنبي التى نتحصل عليها من السياحة وتحويلات العاملين بالخارج والاستثمارات الاجنبية.. إذا اكتفينا فقط باستيراد الغذاء والدواء ومستلزمات الانتاج سوف نتخلص من الغلاء.