رئيس التحرير
عصام كامل

إرهاب من نوع آخر

مما لا شك فيه أن الإرهاب، والتطرف وجهان لعملة واحدة، وكل منهما رافد يغذي الآخر، سواء أكان ذلك بشكل مباشر، أو غير ذلك، وها قد بدأت موجة جديدة من موجات، الإرهاب الموجه تجتاح العالم كالمعتاد ضد الدين الإسلامي، وعلى مرأى، ومسمع من العالم أجمع، دون أن يُحرك المجتمع الدولي ساكنًا كعادته، حينما يخص الأمر الإسلام، والمسلمين.


لم تكاد تمر عدة أيام على جريمة حرق القرآن الكريم على يد الإرهابي المتطرف راسموس بالودان، زعيم حزب هارد لاين اليميني المتطرف، أمام السفارة التركية في ستوكهولم، بعد حصوله على إذن مسبق من السلطات السويدية للقيام بذلك العمل الإجرامي المشين؛ حتى وقعت جريمة مماثلة لا تقل بشاعة وسفالة ووضاعة في هولندا على الإرهابي المتطرف، إدوين واجنسفيلد زعيم جماعة بيجيدا الإرهابية المتطرفة، الذي قام بتمزيق نسخة من القرآن الكريم، ودنسها بقدمه، وكل ذلك تحت سمع وبصر الشرطة بالعاصمة الإدارية للبلاد.


وبرر وزير خارجية هولندا ذلك الفعل الإجرامي قائلًا: هذه حرية التعبير، وهي قيمة مهمة!! فإن كنت تقبل أن يُدنس كتابك المقدس، تحت زعم حرية التعبير فهذا شأنك، ولا يعنينا في شيء، أما أن تسيء، وتجرح مشاعر مليار ونصف مسلم حول العالم، فهذا ليس من حقك، ولن نقبل به أبدًا، إن كنت تقبل هذا على دينك فأنت حر، لكننا كمسلمين لم، ولن نقبل بذلك أبداُ، وعلى الغرب الذي يتغنى بالحرية وأنه ضد الإرهاب والذي يتشدق بنغمة الإسلام فوبيا أن يحترم دين، ومشاعر المسلمين، ولا يكون السبب الرئيسي، في تأجيج مشاعر الغضب، والكره في صدور المسلمين.


هناك أسئلة كثيرة تفرض نفسها على مائدة التباحث منها: هل التطاول على الأديان، وانتهاك مقدساتها حرية للرأي، أم تجرؤًا وتطاولًا على الله؟! ألا تُعد تلك الأفعال باعثة على الكراهية، ومحفزة، ومحرضة على العداء، ومنمية  للتناحر، والتصارع؟! هل يقبل المسيحيون، واليهود في أرجاء العالم أن يُفعل مثل تلك الأفعال المجرمة، مع كتبهم المقدسة؟!


الغرب دائما يتهم المسلمون، والإسلام بأنهم إرهابيون، وأن دينهم يُحرّض على الإرهاب، والعنف فهل حدث من أي مسلم على وجه الأرض، أن ارتكب مثل تلك الأفعال تجاه أى كتاب سماوى؟!
 

الإجابة.. لا. لكن لماذا لا يفعل المسلمون مثل تلك الأفعال الإجرامية؟! ببساطة لأن أخلاق، وآداب، وتعاليم دينهم تمنع ذلك، ولأنها تحض على التسامح، والسلام، واحترام العقائد الأخرى، بل إنها لا تفرق بين أحد من رسل الله عليهم السلام أجمعين، ولأنهم محل حب، وتقدير، وتعظيم، وإجلال في قلب كل مسلم، دون استثناء مهما كانت درجة تقواه، وإيمانه، فكيف لمن كانت هذه أخلاق دينهم، أن يكون هو نفس الدين الذي يُحرّض على الإرهاب؟!


يجب على الغرب أن يتوقف تمامًا، عن السماح بتلك الأفعال الإجرامية، وبالمناسبة أين موقف قادة دول العالم الإسلامي، من كل ذلك؟! لماذا لا يثيرون هذا الأمر في الأمم المتحدة، ولماذا لا تتخذ الدول الإسلامية موقف موحد، ضد تلك الدول الراعية لذلك الإرهاب.. ألا تُعد تلك الأفعال إرهابًا لا يقل خطورة، بل يزيد عن مفهوم الإرهاب الذي نعرفه؟! 

للأسف إن الشعوب المسلمة دائمًا هي من يتخذ ردة الفعل وحدها، عن طريق التنديد، ومقاطعة منتجات تلك البلاد، ولعل موقف الشعوب الإسلامية تجاه جرائم فرنسا، تجاه الإسلام، والمسلمين ليست عنا ببعيدة.


للأسف إن الدول الإسلامية، والمؤسسات الدينية لا تتخذ أي إجراء يجاوز تصريحات الرفض، والتنديد، والإدانة، وتقريبًا تكاد تكون كل التصريحات متشابه، ومكررة سواء أكان ذلك في جرائم حرق المصاحف، أو التطاول على سيد العالمين صلى الله عليه وسلم، باللفظ، أو بالرسومات المسيئة، مع أن هناك العديد من الإجراءات التي يمكن أن تتخذها الدول الإسلامية تجاه؛ تلك الدول الراعية للإرهاب ضد الإسلام، لكنها لا تفعل ذلك حرصًا على المصالح السياسية، وعجبا لقوم يخشون دول، ولا يخشون ملك الملوك الذي بيده ملكوت كل شيء!!

 


من هذه الإجراءات التي يمكن للدول العرية، والإسلامية اتخاذها: خفض التمثيل الدبلوماسي، وسحب سفراء الدول من هولندا، والسويد. منع استيراد، وتصدير أي شيء للسويد، وهولندا خاصة الطاقة ومواد الخام. تنظيم تظاهرات سلمية أمام سفارات السويد وهولندا مع حرق أعلامهم أمام تلك السفارات. منع التأشيرات الدخول لكل الدول الإسلامية. طرد سفراء السويد وهولندا من الدول الإسلامية. وأخيرا تتبنى جامعة الدول العربية والاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، إصدار قانون معاداة الإسلام، على غرار قانون معاداة السامية.
وعلى كل الدول العربية والإسلامية ألا تخشى شيئًا، فالله أحق أن نخشاه، ولينصرن الله من ينصره.

الجريدة الرسمية