رئيس التحرير
عصام كامل

2400 مليون سائح في مصر!

يمكننا الآن أن نحول مصر إلى أكبر مقصد سياحي ديني في العالم.. مسيحي وإسلامي ويهودى.. والعدد المستهدف مليارات البشر، والسياحة الدينية تتميز عن الثقافية أنها تدخل في نطاق العقيدة التي تجعل الإنسان يبذل الغالي والنفيس للفوز بها.. 
ومنذ أيام نجحت الجهود الدبلوماسية المصرية في تسجيل ملف الاحتفالات المتعلقة برحلة العائلة المقدسة بها على القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للإنسانية في منظمة الـ يونسكو خلال دورتها السابعة عشرة التي أقيمت في العاصمة المغربية الرباط.


وأعتقد من المهم أن تتجه كل اهتمامات الدولة المصرية إلى هذه المهمة الضخمة والخطيرة والتي يمكن أن تنقل مصر إلى أولى البلاد السياحية الدينية في العالم وما يتبعه من مكاسب معنوية ومادية ضخمة، وهى مكاسب متجددة ومستمرة.. ومن المهم من وجهة نظرى إنشاء لجنة عليا من الوزارات المعنية تتولى الإشراف على هذا الملف، وتنفيذه ومتابعته حتى يصبح مصدر الدخل الأول لنا، والمهم أيضا أنه سيضع مصر في قلوب العالم أجمع.

 
أقول ذلك وقد تكاملت كل العناصر والمؤثرات والمقومات ولم يبق إلا التنفيذ.. البداية مع محطات زيارة العائلة المقدسة في مصر التي وصل عددها إلى 25 موقعا حطت فيه العائلة المقدسة الرحال هروبا من بطش الرومان في فلسطين وما حولها لتكون صالحة للزيارة والإقامة والاشعاع الديني والإعلامي والثقافي.

رحلة العائلة المقدسة


ونقاط الدعم في هذا الملف متعددة في مقدمتها بعد المقومات المكانية دعم بابا الفاتيكان لرحلة مسار العائلة المقدسة في أكتوبر 2017، واعتبارها رحلة حج مسيحي، بعد أن كانت رحلة العائلة المقدسة لمصر غير رسمية حتى زيارة بابا الفاتيكان البابا فرنسيس لمصر ومباركته لأيقونة مسار رحلة العائلة المقدسة نهاية عام 2017، وكان مايو 2018 هو بداية إدراج مصر في برنامج حج الفاتيكان.


وإتمامًا لاعتراف بابا الفاتيكان بمسار العائلة المقدسة في مصر، وضعت إيطاليا وأوروبا مسار رحلة العائلة المقدسة علي خريطة المسارات السياحية الدينية في إيطاليا وأوروبا. فهل يوجد دعم دولى ودينى أكثر من ذلك؟


وعلى نفس المستوى يقف بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية قداسة البابا تواضروس الثاني حين دعا وبارك هذه الرحلة مستشهدا بالتاريخ المسيحى بقوله: "إن البابا ثاؤفيلس البطريرك الـ23 في أواخر القرن الرابع وأوائل القرن الخامس الميلادي، كان يصلي للرب لكي يعرف تفاصيل هذه الرحلة، وقد أعلنت له السيدة العذراء تفاصيل هذه الرحلة، ومنها عرفنا أن العائلة المقدسة عاشت في مصر حوالي 3 سنوات و6 أشهر".


ويؤكد البابا تواضروس أن "رحلة العائلة المقدسة هي سبب البركة لبلادنا مصر، كانت بركة في الماضي ومازالت بركة في الحاضر، وبركة للمستقبل لأن العمل على الاهتمام بمسار العائلة المقدسة هو من عوامل الجذب للسياحة الدينية في مصر، كما أن زيارة هذه الأماكن المقدسة تساعد على تقوية الإيمان لدى كل إنسان".


يعنى دعوة أخرى للمسيحيين الأرثوذكس إلى جانب الكاثوليك.. يعنى إجماع بين جميع الطوائف المسيحية على حقيقة وأهمية هذه الرحلة التي تعتبر بمثابة رحلة حج مسيحية تستهدف نحو 2400 مليون مسيحي في العالم.

كرنفال سياحي ديني


فماذا نحن فاعلون للاستفادة من رحلة العائلة المقدسة لأرض مصر، ويشمل برنامج رحلة العائلة المقدسة لمن لا يعرف نحو 25 موقعا حطت فيه العائلة المقدسة الرحال وتبدأ من الفرما إلى تل بسطة حتى مسطرد ثم إلى سخا وبعدها وادي النطرون الذي يحتوي على 4 أديرة (دير الأنبا بيشوي ودير السيدة العذراء ودير البراموس ودير القديس أبو مقار).

 

ويتابع المسار طريقه إلى المطرية في القاهرة، وتتجه بعد ذلك مسيرة الأماكن المقدسة إلى مجمع الأديان في القاهرة، وبعدها إلى كنيسة المعادي ثم إلى البهنسا وصولا إلى كنيسة جبل الطير الأثرية التي تحتوي على المغارة المقدسة، ويكمل مسار العائلة المقدسة الرحلة إلى دير المحرق بأسيوط حيث أول كنيسة شيدت في مصر (تحقيقا للنبوءة المذكورة في سفر أشعياء)، حيث أقامت العائلة المقدسة لأكثر من 6 أشهر وبعدها إلى جبل درنكة أو مغارته التي تضم مجموعة من الأيقونات.


والزيارة متاحة طبعا طوال العام لكن يمكن الترويج لأوقات الذروة التي سجلتها الاحتفالات المرتبطة برحلة العائلة المقدسة وهما حدثان: الأول: عيد مجيء العائلة المقدسة إلى مصر، وهو حدث ليوم واحد يقام بشكل عام في بداية شهر يونيو من كل عام. أما الحدث الثاني، فهو ميلاد العذراء، وهو وليمة تقام في العديد من البلدات والمدن، بما في ذلك درنكة بأسيوط والقاهرة، بين مايو وأغسطس من كل عام.


وطبعا يمكن أن تتحول مصر إلى كرنفال سياحى دينى وثقافى ينقل إلى العالم كله ويشمل كل الأنشطة التي تقام في هذه الاحتفالات من الغناء والألعاب التقليدية والرسم على الجسد، وإعادة تمثيل الرحلة والمواكب الدينية والعروض الفنية ومشاركة الأطعمة التقليدية، حيث تمتلئ الاحتفالات بالوظائف الاجتماعية والمعاني الثقافية، بما في ذلك النسيج الاجتماعي والثقافي الموحد بين المسيحيين والمسلمين في مصر والذي يظهر سنويا خلال الاستعدادات والاحتفالات.


وإلى جانب هذه المواقع يمكن أن تمتد الرحلة إلى سائر المواقع الأخرى مثل سانت كاترين وجبل موسى.. الخ، باختصار يمكن أن تتحول مصر إلى قبلة للسياحة الدينية المسيحية في العالم ويمكن أن تتحول أيضا إلى قبلة للسياحة الدينية الإسلامية واليهودية وللحديث بقية ولن أمل من الحديث فيه.
yousrielsaid@yahoo.com

الجريدة الرسمية