رئيس التحرير
عصام كامل

10 مليارات دولار هدية للحكومة!

بدأ تنفيذ قانون منح بعض التيسيرات الجديدة للمصريين المقيمين في الخارج وهو حق استيراد سيارة ركوب خاصة واحدة للاستعمال الشخصي معفاة من الضرائب والرسوم مقابل وديعة بنكية يستردها بعد خمس سنوات بسعر العملة في هذا الوقت، كما يمنح هذه الميزة لأفراد أسرة المصرى بالخارج أيا كان عددهم. 
طبعا هدف الحكومة من القانون هو زيادة تحويلات المصريين بالخارج والتي تمثل موردا من موارد النقد الأجنبي للبلاد من جهة، ومن جهة ثانية الرغبة في تحقيق الاستفادة القصوى من تلك التحويلات سواء بالنسبة للدولة أو للمصريين المقيمين بالخارج والذي يقترب عددهم من 12 مليون شخص، تستحوذ دول الخليج العربي على نصف هذا العدد، وفقا للتقديرات الرسمية.
ومن المتوقع كما يرى الدكتور فخرى الفقى رئيس لجنة الخطة والموازنة بالبرلمان أن يستفيد نحو نصف مليون مصري مقيم في الخارج من تيسير استيراد السيارات بقيمة ودائع متوقع 5 مليارات دولار، مما يسهم في زيادة الاحتياطي النقدي لمصرو زيادة الموارد من النقد الأجنبي بقيمة تصل إلى 5 مليارات دولار، وهي قيمة أعلى من التمويلات التي نحصل عليها من صندوق النقد الدولي، إضافة إلى أن هذه القيمة متوقع أن تحصل عليها الحكومة خلال 4 شهور من بدء تطبيق اللائحة التنفيذية للقانون مما يزيد من حجم المعروض من النقد الأجنبي، وهذه القيمة مرشحة للزيادة طبعا على المدى الطويل.
 

زيادة العملة الصعبة

 

والسؤال لماذا لا نضاعف من حصيلة الهدف وهو زيادة حصيلة الخزانة من العملة الصعبة من مصادر أخرى.. على سبيل المثال يقترح مهندس صلاح طاحون صاحب احدى الشركات في رسالة تلقيتها منذ أيام أن يتم تطبيق هذا القانون على المواطنين أو المقيمين بالداخل باعفاء سياراتهم الجديدة التي يستوردونها الآن من الخارج من الجمارك بعد إيداع مبالغها بالعملة الصعبة في البنوك ولمدة 5 سنوات مثل المصريين بالخارج. واطرح الفكرة للنقاش من عدة جوانب على سبيل المثال:
اذا كان الهدف هو زيادة رصيد الخزانة العامة من العملات الصعبة فلماذا لا نحققه بل نعمل على زيادة الحصيلة بأى شكل حتى بتطبيقه على المصريين أو المقيمين داخل مصر وقد تصل الى نحو 10 مليار دولار تكون هدية فورية للحكومة في هذا الوقت!
والأمر لا يتوقف على استيراد سيارات ولكن يمكن التوسع فيه من خلال مصادر أخرى وأعتقد أن الحصيلة قد تفوق ما تحصل عليه خزانة الدولة في هذا الاتجاه من المقيمين بالخارج، بدليل هذا المشهد المثير من الطوابير والزحام على فروع توكيل بيع سيارة شهيرة مؤخرا أقل فئه فيها بنحو مليون جنيه! والتي تعيد للأذهان زحام الجمعيات الاستهلاكية وطوابير الخبز زمان.
نعم الهدف من اعفاء سيارات المصريين بالخارج من الجمارك بعد إيداع قيمتها في الخزانة العامة هو إدخال العملة الصعبه للبلاد.. في حين أن الاقتراح يستغل العملة الصعبة الموجودة بالفعل داخل البلاد. وطبعا هناك فارق بين ادخال عملة للبلاد واستغلال عملة موجودة بالفعل داخل البلاد، لكن اعتقد أن النتيجة هنا ربما تكون واحدة وهو دخول هذه العملة الصعبة إلى الخزانة العامة في هذا التوقيت الصعب!
ومناقشة هذا الاقتراح يطرح العديد من القضايا على بساط النقاش منها على سبيل المثال لا الحصر: 
هناك من يمتلك رصيدا من العملة الصعبة سواء في حسابات بنكية أو تحت البلاطة كما يقولون، فلماذا لا يستفيد منها المواطن والحكومة في آن واحد؟ والمهم هنا تحويلها إلى الخزانة العامة تحت أى مسمى. يمكن التطبيق أيضا للشركات أو الكيانات التجارية بمنحها فرصة استيراد ما تريد من السيارات مقابل إيداع قيمة جماركها ورسوم الاستيراد وخلافه بالعملة الصعبة في خزانة البلاد مثل المقيمين في الخارج، وأعتقد إن النتيجة ستكون جيدة اذا جددت العديد من الشركات والكيانات الكبرى اسطولها من السيارات أو زيادة عدده.

تيسيرات جديدة


يمكن تطبيق ذلك على الأجانب المقيمين داخل البلاد وهنا سنضرب عصفورين بحجر واحد، أولا إدخال عملة صعبة للبلاد ثم الاستفادة منها في خزانة الحكومة. يمكن منح تيسيرات اكبر للسيارات الكهربائية أو التي تعمل بالغاز الطبيعى وسنكون بذلك قد ساهمنا في حل مشاكل التلوث والانبعاثات الكربونية والحرارية من جهة وتم تكهين السيارات القديمة. 
تطبيق هذا الاقتراح سيوقف من جهة مافيا المغالاة في سوق السيارات الجديدة عند حدها، ويعود السعر الفعلى للسيارات مثل الموجود في أى بلد حتى بعد الجمارك، ومن جهة ثانية حل أزمة نقص المعروض من السيارات مما يؤدي إلى الحد من ظاهرة الأوفر برايس، وهي فرض سعر إضافي مقابل تسليم فوري للسيارة.
هذا الاقتراح قابل للتكرار في صور أخرى يمكن مناقشتها من جميع الأوجه على سبيل المثال: لماذا لا تطبق سياسة إدخال العملة الصعبة للبلاد عن طريق طرح اراضى أو وحدات سكنية بالعملة الصعبة للموجودين بالداخل على غرار ما تم فعله للمصريين بالخارج مثل مشروع بيت الوطن المخصص للمصريين في الخارج لتوفير وحدات سكنية وأراضي مقابل سدادها بالعملات الأجنبية، وبالفعل تم طرح 8 مراحل من هذا المشروع وفرت أكثر من 22 ألف قطعة أرض سكنية وآلاف الوحدات السكنية.

 


فاذا طبقنا ذلك على المطروح الآن من وحدات سكنية وتجارية أعتقد ستكون الحصيلة جيدة.. تطبيق الاقتراح بسداد أى رسوم من الأجانب أو الهيئات الأجنبية أو العربية بالعملة الصعبة! أخيرا وبعيدا عن الأهداف الاقتصادية التي ذكرناها قد يؤدى هذا الاقتراح إلى المساوة بين المصرييين في الداخل والخارج. 
yousrielsaid@yahoo.com

الجريدة الرسمية