رئيس التحرير
عصام كامل

ما الحكم الشرعي في الذهاب للعراف وتصديقه

ما الحكم الشرعي في
ما الحكم الشرعي في الذهاب للعراف وتصديقه

العرَّاف هو الشّخص الذي يدّعي معرفة الغيب، وقيل: لفظ العراف يشتمل الكاهن والمنجِّم والرمَّال وغيرهم مِن الذين يزعمون معرفة الغيوب، وهذا معنى عام للعرافة، ويدل عليه اشتقاقه مِن المعرفة؛ لأنه يشمل كل من يتعامل بهذه الأمور، ويدّعي المعرفة بها، ومن الأمثلة على ذلك: الشخص الذي يزعم أنه يعرف مكان شيء مسروقٍ أو ضائع، أو يزعم معرفة اسم السارق وما يشبهه من الأمور.

 

 حكم تصديق العراف 

تصديق العرَّاف بمزاعمه معصية كبيرة قد توصل صاحبها إلى الكفر، فعن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: (مَن أتى عرَّافًا أو ساحرًا أو كاهنًا فسألَهُ فصدَّقَهُ بما يقولُ فقد كفرَ بما أنزلَ على محمَّدٍ والمُصدِّق للعراف يشبه في حاله حال المنكر للنبوة، بحسب ما جاء في حديث: (مَن أتى كاهِنًا فصدَّقَهُ بما يقولُ، أو أتى امرأةً حائضًا، أو أتى امرأةً في دُبُرِها، فقد بَرِئَ ممَّا أنزلَ اللَّهُ على محمَّدٍ).

 والمقصود بكفر الذاهب إلى العراف بنبوة محمد وكونه قد بَرِئ منها: أي إنه يجحد تصديق النبي الذي أخبرنا بكذب العرّاف، أو قد يكون المعنى على الحقيقة -الكفر المخرِج من الملة- إذا استحلَّ ذلك واعتقد صِدقَ العرَّاف بعد معرفته بتكذيب النبي للعرَّافين، والأفضل التوقف، وتوكيل الحكم بكفره -والجزم ببيان حاله- إلى الله -تعالى-.

 

 الحكم الشرعي للذهاب إلى العراف بدون تصديقه 

إذا ذهب بداعي الفضول والتجريب نصَّ الحديث الصحيح الواضح على أنَّ: (مَن أتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عن شيءٍ، لَمْ تُقْبَلْ له صَلاةٌ أرْبَعِينَ لَيْلَةً)، فهذه الصلاة التي يؤديها المسلم الذي ذهب إلى العراف قد سقطت فريضتها ولا تلزم إعاداتها، ولكن مصليها لا ثواب له فيها، وهذا ما نقله النووي عن جمهور الشافعية. إذ إن صلاة الفرض -وغيرها من الواجبات- إذا قام بها مؤديها على الوجه الكامل لها يترتب عليها شيئان: سقوط الفرض وأخذ الثواب، لكن الذي يذهب للعراف يسقط الفرض بلا ثواب.

 

 إذا ذهب لمحاججة العراف وإنكار المنكر عليه ورد في الحديث الصحيح أن الرسول ذهب إلى عراف كنيته "ابن صياد"؛ ليُظْهِر كذبه أمام الناس وليتعرف على حقيقته، وهذا الحديث يدل على أنَّ فاعل ذلك بهذا القصد لا بأس بفعله، وذلك حين أضمر النبي سورة الدخان ثم سأل ابن صياد -الذي كان يزعم بأنه يعرف الغيب عن طريق الوحي- عمّا أضمره، فلم يعرف ابن صياد، فقال له النبي: (اخْسَأْ، فَلَنْ تَعْدُوَ قَدْرَكَ).

سؤال العراف

عادة جاهلية تنافي العلم والإيمان كانت العِرافة في الجاهلية إحدى أبرز أوابد الجاهليين -ويُقصد بها العادات الثقافية التي تلبس لباسًا دينيا-، وقد شكَّلت الكهانة حيزًا كبيرًا في تفكيرهم، وكانت أداة لسيطرة الحكام على العوام، لذا أشغلوا بها فكر عوامهم؛ لدرجة أنهم كانوا يعُدُّون أيّ مفكّر حكيم فيهم بين مُتكهن وراقٍ ومنجِّمٍ وعرَّاف.

 وكان العرَّاف يدَّعي الاتصال بعالم الغيب عن طريق وسيطٍ كالجن أو الصنم، وكان الوسيط يسمى: تابعًا أو رئيًا لذا جاء الإسلام ليرفع شأن العلم والأخذ بالأسباب المادية وعدم التعلق بغيبيات لم تثبت بالأدلة القطعية. فقد (سَأَلَ أُنَاسٌ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ عَنِ الكُهَّانِ؟ فَقالَ لهمْ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: لَيْسُوا بشيءٍ قالوا: يا رَسولَ اللهِ، فإنَّهُمْ يُحَدِّثُونَ أَحْيَانًا الشَّيْءَ يَكونُ حَقًّا، قالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: تِلكَ الكَلِمَةُ مِنَ الحق يَخْطَفُهَا الجِنِّيُّ، فَيَقُرُّهَا في أُذُنِ وَلِيِّهِ قَرَّ الدَّجَاجَةِ، فَيَخْلِطُونَ فِيهَا أَكْثَرَ مِن مِئَةِ كَذْبَةٍ).

 

الجريدة الرسمية