رئيس التحرير
عصام كامل

عباقرة ولكن مجهولون، "برهان الدين الزرنوجي" رائد التربية والتعليم

أهم مؤلفات الزرنوجي،
أهم مؤلفات الزرنوجي، فيتو
18 حجم الخط

على مر التاريخ الإسلامي لمعت أسماء عباقرة في مختلف المجالات مثل: ابن الخطاب، والصديق، وعلي بن أبي طالب، وعمر بن عبد العزيز، والبخاري، والشافعي، وابن حنبل، ابن سينا.. ابن رشد.. الكندي.. الفارابي.. الخوارزمي.. الطبري.. أبو حامد الغزالي.. البوصيري.. حتى محمد عبده.. المراغي.. المنفلوطي.. رفاعة الطهطاوي.. طه حسين.. العقاد.. أحمد شوقي.. عبد الحليم محمود.. محمد رفعت.. النقشبندي.. الحصري.. عبد الباسط.. وغيرهم، في العصر الحديث.


لكن هناك أسماء مهمة كان لها بصماتها القوية على العلم والحضارة، ولا يكاد يعرفها أحد، وفي هذه الحلقات نتناول سير بعض هؤلاء العباقرة المجهولين.

 


برهان الدين الزرنوجي رائد التربية والتعليم


برهان الدين الزرنوجي هو رائد التربية والتعليم، وطرائق التدريس. وهو أحد علماء القرن السادس الهجري، اهتم بكتابة مؤلفاتٍ مستقلةٍ في التربية الإسلامية.
جاءت شهرته من خلال كتابه "تعليم المتعلم طريق التعلم" الذي حدد فيه أساليب تحصيل العلم، وأسس التربية الإسلامية، وصفات المعلم والمتعلم، وكان له تأثير كبير على الفكر التربوي الإسلامي لقرون.
في كتاب “تعليم المتعلم طريق التعلم” شرح الزرنوجي أثر هذه التربية في بناء الشخصية المسلمة، ودعا إلى ضرورة غرس القيم الإسلامية في نفوس الطلاب، مثل: الإيمان بالله تعالى، وحبّ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، والتخلق بالأخلاق الجميلة مثل: الصدق، والأمانة، والعدل، والإحسان.

وشدد الزرنوجي على أهمية دور المعلم في عملية التربية، وبيّن صفاته وواجباته، وقدّم نصائح قيّمة للطلاب عن كيفية تحصيل العلم، مثل: الاجتهاد، والمثابرة، والصبر.
وكان لكتابه هذا تأثيرٌ كبيرٌ على الفكر التربوي الإسلامي، حيث اعتُبر مرجعًا أساسيًّا للعلماء والمُربّين في القرون اللاحقة، وتُرجم إلى العديد من اللغات، ونُشِرَ في مختلف أنحاء العالم الإسلامي.

نشأة الزرنوجي

نشأ برهان الدين الزرنوجي في بلدة زرنج، وهي مدينة في بلاد فارس والعاصمة المقدسة السابقة لإقليم سجستان.

لم تذكر كُتب التاريخ والطبقات والتراجم سنة ولادته؛ واختلف المؤرخون في تحديدها.

بدأ الزرنوجي، كغيره من الأطفال، بالتعلم في الكتّاب؛ شأنه شأن ما كان يتبعه سواد الناس في تعليم أولادهم، وكانت الكتاتيب شائعة ومنتشرة في عصره، لا يكاد يخلو منها إقليم من أقاليم الدولة الإسلامية، وكان معظم ما يفيد الصغير في هذا الكتّاب تعلم القرآن الكريم والخط العربي وأمور الدين الرئيسية وشيء من الحساب ومبادئ اللغة والنحو، وقليل من الشعر والأدب.

تتلمذ الزرنوجي على يد أستاذه برهان الدين المرغيناني في سمرقند وبخارى، حيث عقدت في مساجدهما مجالس العلم لهذا الأستاذ الكبير.
وتمثلت ثقافة الزرنوجي في حفظ القرآن الكريم والحديث الشريف والفقه، خاصة الفقه الحنفي، واللغة والشعر والأدب بجانب الثقافة الفارسية بما فيها من أدب وحكمة وفلسفة ومنطق وفلك وعلم النجوم.

شيوخه

أخذ الزرنوجي العلم عن عددٍ من المشايخ وعلماء عصره المشهورين أمثال: محمد بن أبي بكر الجوغي، المتوفى سنة 573هـ، وصاحب مؤلف (شرعة الإسلام)، وحماد بن إبراهيم بن إسماعيل بن أحمد بن إسحاق بن شبيب قوام الدين ابن الإمام ركن الدين إبراهيم الصفار المتوفى سنة 576هـ، وهو من أهل بخارى، ومسعود بن الحسين بن محمد بن إبراهيم الكشتاني الملقب بركن الدين صاحب المختصر السعودي، المتوفى سنة 573هـ، والحسن قاضي خان المتوفى سنة 592هـ.

أهمية العلم

يظهر الفكر التربوي عند برهان الدين الزرنوجي بوضوح من خلال كتابه “تعليم المتعلم طريق التعلم”، وذلك على النحو التالي:
أهمية العلم: تنبه الزرنوجي لأهمية العلم كوسيلة بناء وقوة، فكان تصنيفه لهذا الكتاب عن التعلم استجابة لحاجة أحسها في مجتمعه وعلاجا لصعوبات لمسها من قبل المتعلمين. 
ويرى أن العلم هو الذي يميز الإنسان، ذلك أن سائر الخصال الأخرى من قوة وشجاعة وجرأة وغيرها يشترك فيها الإنسان والحيوان، أما العلم فهو يختص به الإنسان وحده، لما يتميز به من عقل. قال تعالى: "وَعَلَّمَ آدَمَ الأسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * قَالُوا سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ * قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ" (البقرة: 30–33).
التعلم المستمر ووجوب إخلاص النية لله:
التعليم والمعرفة عملية نامية متراكمة عبر القرون والأزمان إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وهي ليست محددة، ولا يمكن أن يتوصل إلى نهايتها بشر. قال تعالى: "وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا" (الإسراء:76). 
التدرج في التعليم: 
حيث إن تعاليم الدين الإسلامي لم تأتِ دفعة واحدة، وإنما نزلت بالتدرج؛ فبدأت أولا بالشهادة ووحدانية الله، فإن فعل المسلم ذلك يتعلم الصلاة فإن أداها يتعلم الصيام فإن استجاب يتعلم الزكاة وإن نفذ يتعلم الحج ومن ثم يتفقه في الدين. قال تعالى: "يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ" (البقرة: 185).
مراعاة الفروق الفردية: 
الأفراد تتفاوت قدراتهم العقلية واستعداداتهم وميولهم وذكائهم. وقد نبه القرآن إلى ذلك قال تعالى: "لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا" (البقرة 286). فالإسلام يراعي ويأخذ بعين الاعتبار طاقة الفرد وتحمله لأن الطاقات والقدرات تختلف من فرد لآخر، قال صلى الله عليه وسلم: “أُمرنا أن ننزل الناس منازلهم”.
التكرار:
وهو أسلوب تعليمي تربوي والتربية الإسلامية أكدت أهميته. قال تعالى: "وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِين" (الذاريات: 55).
الاتصال بمصادر العلوم أو السفر لطلب العلم:
كما أوضح الله تعالى في قصة موسى والخضر، التي وردت في سورة "الكهف".
المظهر اللائق للمعلم: 
ينصح الزرنوجي في كتابه بضرورة المظهر الحسن للمعلم أمام متعلميه مستشهدا بقول أبي حنيفة، رحمه الله، لأصحابه: “عظموا عمائمكم ووسعوا أكمامكم”، إنما قال ذلك لئلا يُستخف بالعلم وأهله.

الصفات التي يجب توافرها في المعلم

وفي مقدمة صفات المعلم عند الزرنوحي: الورع، والتواضع، والحلم والصبر.
آداب المعلم: وهي تتلخص في إرشاد المتعلم وتوجيهه إلى العلوم المناسبة، ومراعاة التدرج والفروق الفردية، والشفقة والنصيحة.
آداب المتعلم: أما آداب المتعلم فهي تتخلص في النية، والتوكل على الله، والورع، والإكثار من الصلاة والسنن، والشكر والذكر، والدعاء، وأما مع نفسه فلا بد من أن يشغل نفسه بأعمال الخير، ويحترز من الأخلاق الذميمة، ويقلل من العلائق الدنيوية، وألا يجهد نفسه حتى لا ينقطع العمل.
طرق وأساليب التعلم: المناظرة والمطارحة، والمذاكرة والسؤال، والفهم والتأمل والتفكير والتكرار، والرحلة في طلب العلم، والكتابة. 


وبهذا أسهم برهان الدين الزرنوجي في إغناء الفكر التربوي العربي الإسلامي، ولعبت آراؤه التربوية دورا مهما في ظهور المدارس التربوية اللاحقة التي لا تقل شأنًا عن النظريات التربوية الحديثة، إذا ما قيست بالظروف والمعطيات التي وجدت فيها.

وفاته

ذكرت بعض المراجع الحديثة أنّ وفاته كانت سنة 591هـ.
 

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

الجريدة الرسمية