رئيس التحرير
عصام كامل

تويتر وأخواته.. خطر لو تعلمون عظيم!

ما حدث ويحدث وسيحدث في تويتر وفيسبوك وواتس وسناب وجوجل.. الخ من وسائل التواصل الاجتماعي ومحركات البحث وأنشطتها المتعددة المعلنة والسرية يطرح العديد من التساؤلات المهمة ومنها: من يمتلك هذه الشركات؟ ولصالح من تعمل؟ وما الخدمات التي تقدمها علنا أو فى السر.. ولمن؟ وما هي الإنجازات أو المكاسب أو المصالح التي حققتها لأصحابها أو للمساهمين فيها؟!

 
مثلا حين تصل صفقة بيع تويتر فقط إلى نحو 44 مليار دولار دفعها رجل الأعمال إيلون ماسك، الذي تبلغ ثروته نحو 250 مليار دولار فعلينا أن نتساءل عن المساهمين معه في هذه الصفقة وأثر الاستحواذ على أكبر منصة اجتماعية واسعة التأثير وما الأهداف وراء ذلك؟!


طبعا تختلف الآراء وهذا من طبائع الأشياء، بعيدا طبعا عن الغرض والمرض، حيث يوجد فريق يشجع عمليات البيع والإستحواذ باعتبارها إحدى صور الاقتصاد الحر و إحدى تجليات الرأسمالية مدعمين قولهم أن الصفقة رابحة وتستحق على الأقل من وجهة نظر فريق إيلون ماسك كرجل اقتصاد يعرف قيمة الدولار، وفيما ينفقه، فهو ورجال الثروة أبعد مايكونون عن المنظرة والمظاهر الكاذبة!

 
وعلى الجانب الآخر، الذي قد يبدو بريئا في مظهره والباطن محتشد بالشكوك والظنون عن الأهداف الخفية وراء هذه الصفقة ووصل الأمر في مؤتمر صحفي انعقد بالبيت الأبيض مؤخرا إلى سؤال الرئيس الامريكي بايدن من أحد الصحفيين: "هل تظن أن إيلون ماسك يمثل تهديدا للأمن القومي الأمريكي، وأنه ينبغي على الولايات المتحدة، عبر سلطات بيدك، أن تحقق في عملية استحواذه على تويتر بالشراكة مع حكومات أجنبية؟


و رد بايدن: "تعاون إيلون ماسك أو علاقاته التقنية مع بلدان أخرى أمر يستحق النظر". وأضاف: "هل يفعل إيلون ماسك أي شيء غير مناسب أم لا؟ ليس هذا ما أقصد.. إنما أقصد أن الأمر يستحق النظر. هذا هو كل ما أقول".


وهنا يكون التناقض واضح هم يدعون إلى تدخل الاستثمارات الاجنبية في شراء الشركات الوطنية هنا وهناك، لكن في أمريكا يسألون عن الأمن القومى الامريكى ويخافون عليه من استحواذ البعض على حصص في تويتر؟!


مواقف تدعو للدهشة

إذا استعرضنا 3 مواقف فقط لمالك تويتر الجديد إيلون ماسك وما خفى قد يكون أعظم نكتشف أن الأمر ليس بالبسيط الساذج أو الاقتصادى البحت رغم موافقتي على بعض آرائه، لكن موافقتي تنطلق من موقف سياسي قد يختلف معه البعض لكنه بعيدا عن المصلحة لأنني ببساطة لا أملك ثروة ماسك أو على الأقل 10%  منها حتى الآن!


مثلا إيلون ماسك ينكر في البداية بأنه تحدث إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قبل أن ينشر ماسك استطلاع رأي على تويتر حول مقترحات له بإنهاء الحرب مع أوكرانيا، لكن يكذبه إيان بريمر رئيس مؤسسة أوراسيا جروب لاستشارات المخاطر السياسية، إن ماسك تحدث إليه بشكل شخصي بشأن المحادثة مع بوتين.


وهنا لا يجد إيلون ماسك مفرا من الاعتراف بتغريدة عبر تويتر يقول فيها نصف الحقيقه: "لقد تحدثت إلى بوتين مرة واحدة فقط، وقد كان ذلك قبل نحو 18 شهرا. وكان موضوع الحديث هو الفضاء"!
ومن روسيا إلى الصين وتايوان.. وفي حوار له مع صحيفة الفاينانشال تايمز يقول إن تايوان ينبغي أن تصبح منطقة إدارية خاصة للصين.


وهنا طبعا يثنى السفير الصيني لدى الولايات المتحدة على تصريحات إيلون ماسك. لكن على الجانب المقابل، قال السفير التايواني هناك إن الحرية "ليست للبيع". وتحكم تايوان نفسها بنفسها، لكن بكين تدّعي لنفسها السيادة على تايوان.


طبعا لا دخل لي الآن لنقاش قضية الأزمة الصينية التايوانية لكن أرصد فقط بعض آراء ماسك.. فهل يمكن لرجل أعمال تقدر ثروته ب250 مليار دولار بما يعنى حجم استثمارات ضخمة أن تكون آراءه بريئة ولا أهداف حولها!، وهل يتحرك بمفرده أم لصالح أجهزة مخابرات وأجندات ومصالح متشابكة
وبعيدا عن ذلك.. كشفت صفقة بيع تويتر وما نشر منها عن وجود نسبة كبيرة من الحسابات المزيفة والتي تشكل نحو 5% من حجم النشاط اليومى..

الحسابات المزيفة

ونحن نعرف ذلك لكن الاعتراف به من قبل الشركة ذاتها شيء آخر، وهذا يفسر لنا على سبيل المثال آلية وحجم ونوعية وتوقيت حملات الهجوم الموسمي على مصر والتي تنظمها شركات دعاية عالمية لصالح جماعة الإخوان الإرهابية، ولن أذكر أمثلة لأن الكل يعرفها خاصة عندما يحدث انجاز اقتصادي أو سياسي أو اجتماعي يكون الرد من خلال هذه الحسابات المزيفة على سبيل المثال مع طرق أخرى.

 
وتأتى المفاجأة الضخمة في بلد الاقتصاد الحر وقلعة الرأسمالية الغربية عندما يصف ويسأل أحد الصحفيين الأمريكيين عن تداخل المال الأجنبي في صفقة شراء تويتر بأنه يهدد الأمن القومى الأمريكي يكون السؤال الأكثر سذاجة وماذا عن الأمن القومى للعديد من الدول الذى ينتهك يوميا بفضل هذه الشبكات الاجتماعية.

 
ومن الغرائب مثلا حظر الرئيس الأمريكي السابق ترامب -وأنا بالمناسبة مختلف معه تماما- والتنديد باقتحام الكونجرس الذى وصل إلى تأكيد بعض المشاركين في واقعة الكابيتول أنهم لبوا دعوة ترامب، وقال أحدهم: «الرئيس قال أن تفعلوا ذلك». واستطاع باحثون تحديد أكثر من 12 جماعة متطرفة شاركت في أعمال الشغب، ولأسباب كثيرة تم حظر ترامب من تويتر.


لكن في نفس الوقت تلعب هذه الشبكات الاجتماعية دورا كبيرا في تخريب وحروب وقلاقل دولنا ولم نسمع مثلا عن تنقية هذه الشبكات من الحسابات المزيفة أو التي تدعو إلى العنف والإرهاب والتطرف في بلادنا أو حظر حسابات بعض الشخصيات التي تدعو إلى العنف.. يعنى أمنهم القومي مصان وخط أحمر وأمننا الوطني والداخلي خط أخضر تحت دعاوى حرية الرأي والتعبير.

أما المشكلة الأضخم تتركز من وجهة نظرى حول المعلومات السرية لمليارات البشر من سكان الأرض الموجودة تحت يد هذه الشركات والتي تسلمها أو تبيعها إلى أجهزة المخابرات المختلفة وتستخدم في الأغراض المختلفة المشبوهة منها والمسئ.. وللحديث بقيه !! 
yousrielsaid@yahoo.com

الجريدة الرسمية