رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

الحسد الإلكتروني!

هل ما يحدث لنا حقيقي؟ هل صحيح أن العين على صفحات التواصل الاجتماعي تخرق الفضاء الإلكتروني، وتصل رأسا إلينا حيثما كنا، فتنقلب السيارة التى نشرنا صورتها مزهوين بها فرحين؟ هل فعلا تأثير الحسد عبر المحمول أشد فعالية من تأثيره وفعاليته وجها لوجه؟ لا ريب في وجود الحسد، لأننا نؤمن بالله وكتابه الكريم، وكل البشر يؤمنون بأن هنالك بعض الناس لديهم عيونا تفلق الحجر. عيون الناس على الفيس وانستجرام صارت تفلق الحجب وتمرق إلى اللحم والدم والحديد وتحرقه!


جرب كثيرون منا أن ينشروا صورهم في الأفراح، وفي مناسبات اجتماعية سعيدة، ومنا من ينشر صورة سيارته الجديدة، أو يتباهى بشهادة مرموقة أو منصب كبير، وتمر ساعات بعدها ترى الشخص نفسه يبث دموعه وصورة سيارته محطمة على الطريق! كيف يكون الفضاء وهميا وخارقا حارقا؟ كيف يصل الشعاع المارق من بين الحاجبين في الجبهة، موضع بؤرة الحسد، إلى شخص لا تعرفه ولا يعرفك، عفوا لا أقصد حضرتك بأنك الحاسد، لكن صحيح كيف يحدث هذا وفورا؟

أسباب الحسد

ترددت كثيرا قبل أن أناقش هذه الفرضية معكم، فكل الناس اليوم إما قراء للبوستات والتغريدات أو مشاركون، أو متفرجون، ولاحظت لسنوات أنه ما يكاد أحدهم ينشر صورته فرحا بما حصل عليه حتى تصيبه مصيبة! يخرج علينا بعدها يشكو، ويسب العين الراصدة.
 خطورة السباب واللعنات التي يمطر بها المنكوبون من يظنون أنهم حاسدوهم أن الانقسامات تتفشى داخل حلقة الأقارب، وربما دائرة الأصدقاء والجيران، وساعات يشعر أحدهم أو احداهن أن الملاعنة تقصدها هي، فتتحسن رأسها ومكان البطحة فيها وعلى الفور يقع فوران داخلي، تشتعل معه الصفحات، ويدخل على الخط المحاسيب والمحاذير، ثم حفنة من العقلاء، يقررون المشاركة لتهدئة نيران الفتنة.. ومع تطاير السكاكين والسيوف والنصال، ووقوع جرحى علاقات كثيرين، سرعان ما يشعر الجميع أنها معركة خاسرة لقد وقع ما وقع، والخسارة تمت، ففيم الفضائح؟

هل يتعظ أحد؟ لا أحد يتعظ، فبعد وقت تراه ينشر أخباره، ماذا أكل وماذا اشترى وأين قضى ليلته وزوجته، ودائما هي زوجته على فكرة، وإلى أن تحدث له ضربة عين قاتلة سوف يواصل البث الكيدي الرخيص. ومع تكرار الإصابات يتحول المصاب المحسود إلى واعظ ومرشد، فيسدى النصح لمن يدخلون دائرة سبق أن أحترق فيها. هذا تقرير رصد، ومتابعة لظاهرة اجتماعية، والحق أن منصات التواصل كلها بمثابة مجال عريض لدراسة التغيرات الاجتماعية واستجابة المصريين لها والتفاعل معها.. إن كنت تخاف الحسد فاتلو المعوذتين، وداري على شمعتك تقيد، فإما التباهي وإما الندم !

Advertisements
الجريدة الرسمية