رئيس التحرير
عصام كامل

عواقب.. ثم عقوبات بلس!

هذا أسبوع التوتر الأمريكي السعودي بلا جدال والتداعيات مفتوحة رغم محاولة الطرفين حصرها في إطار يمكن السيطرة عليه، فمنذ القرار الاقتصادي الذي اتخذه تحالف أوبك بلس بخفض الإنتاج في سوق النفط بمقدار مليوني برميل يوميا، والولايات المتحدة لديها شعور بالإهانة وأنها تلقت لطمة قاسية، من دولة صديقة هي المملكة السعودية الحليف التقليدي الاستراتيجي.


تحالف أوبك بلس تأسس في ٢٠١٨، ويضم ٢٣ دولة منتجة ومصدرة للنفط، من بينها الأعضاء ال١٣ الأساسيين لأوبك الأم والتى سيطرت لسنوات علي سوق النفط في السبعينيات وحتى نهاية القرن وما بعده بقليل، وكان السبب في إنشاء التحالف الجديد هو الحفاظ علي مصالح الدول المنتجة بفرض سعر عادل اقتصادي، دون إزعاج السوق النفطية، ودون التأثير على منافع ومصالح الدول المستهلكة. 

 

ومع قرار أوبك بلس، وطبعا السعودية هي اللاعب الإقليمي والعالمي الأكبر فيه، ومعها روسيا، سقطت هيبة بايدن وباتت زيارته إلى الرياض كأنها بلا جدوى، وإن الرياض فرضت مصالحها علي حساب المصالح الأمريكية، بل سخر الإعلام الأمريكي من بايدن لأنه خضع وزار السعودية التى توعدها كثيرا قبيل انتخابه، وبعد انتخابه وهددها بالمحاسبة وفتح تحقيقات جديدة حول مقتل الصحفي المعارض جمال خاشقجي، ثم زارها، واستقبلته الرياض بحفاوة..

السعودية وواشنطن

وعرف بايدن إن ولي العهد في صدارة المشهد، وحفاظا على ماء الوجه صرح بايدن بأن زيارته للرياض ليست من أجل زيادة إنتاج النفط، بل تأتي في إطارالصداقة والتحالف الاستراتيجي، وما إلي ذلك من عبارات هروبية، كان الإعلام الغربي والعالمي يعلم أنها زيارة طلب نفط، تعويضا عن حرمان أوروبا من النفط والغاز الروسي، ولجم التضخم الذي دمر أجور ومعيشة المواطنين علي جانبي الأطلنطي، أوروبا وأمريكا بسبب الغلاء الجنوني!


وأول أمس قال بايدن إنه ستكون هنالك عواقب ضد السعودية، وأنه سيتخذ اجراء، وإن الكونجرس سيعمل على ذلك ودعا نواب في الكونجرس إلى سحب القوات الأمريكية من السعودية. وتحفل أروقة الكونجرس حاليا بأسئلة من نوع هل مازالت السعودية حليفا لواشنطن!


حين اتخذت السعودية موقفا اقتصاديا بحتا يحقق مصالحها، اعتبرته أمريكا تحديا لها وتحالفا مع روسيا. ما لا تفهمه إدارة بايدن أن عهود الإملاءات انتهت وولت، وأن جيل الحكام الحالي في الخليج، يتسم بالوعي. والقدرة على استخدام كافة الأوراق لحماية مصالح شعوبهم. ما تفعله أمريكا بالعالم من شرور، تفعله تحت ذريعة مصالحها وأمنها، وإذا حاولت دولة أخرى أن تحمي مصالح شعبها ورأت واشنطن أن هذه المصالح لا تتوافق مع شروطها، انطلقت تهدد وتتوعد. 

أغرب تهديد من حليف لحليف هو وقف مبيعات السلاح للرياض لمدة عام، ومعنى ذلك وقف تصدير قطع الغيار والشفرات وأعمال الصيانة والإصلاح.

 


فعلوا ذلك تماما مع مصر في عهد أوباما، فقد أوقفوا توريد قطع غيار وعمرات الطائرات، لأن مصر ركلت الإخوان حلفاء أوباما صانع فوضي الخراب العربي.
تحية للقرار السعودي الوطنى، صحيح سيرفع أسعار النفط ونحن سوف نتأثر، لكن ما أناقشه هنا، بعيد عن آلام رفع أسعار النفط وزيادة التضخم، أن دولة عربية كبيرة قالت لأمريكا: نحن أولا..
بوتن يجيد اللعب ويلقى بالأوراق.. وبايدن يكنس وراءه.

الجريدة الرسمية