رئيس التحرير
عصام كامل

التربص الأمريكي بالرياض.. لا يحتاج قرار أوبك

بدأت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن بالفعل مشاورات هادئة مع أعضاء في الكونجرس الأمريكي، حيث الأغلبية ديمقراطية، لاتخاذ إجراءات عقابية ضد حليف، يعتبرونه استراتيجيا، لكنهم يتعاملون مع أعدائه بحثا عن اتفاق نووى، بالطبع إيران الخصم التقليدي لمنطقة الخليج يستخدم الأمريكيون تعبير عواقب لا عقوبات، بينما مشروعات القرارات المقدمة من بعض النواب تتضمن سحب أنظمة الدفاع الجوى وثلاثة آلاف جندي بين السعودية والإمارات.. 

 

والحق أن الغضبة الأمريكية موجهة أساسا إلى الرياض، رغم التقارب الإماراتي الروسي الوثيق. ويمكن القول إن تصريحات جاك سوليفان مستشار الأمن القومي العدائية التى وجهها أخيرا إلى الإدارة السعودية ليست وليدة الشعور بأنهم تلقوا إهانة من الرياض، وبأن انضمام السعودية إلى روسيا في الموافقة علي خفض إنتاج البترول بمقدار مليوني برميل يوميا، كان بمثابة إزدراء نال من هيبة بايدن، وقوض من فرص الديمقراطيين في انتخابات التجديد النصفي أول نوفمبر المقبل، بل إن الضغائن مبيتة ضد السعودية منذ فوز بايدن بالمنصب، فقد صرح سوليفان نفسه بأن الشيك علي بياض الذي كان لدي الرياض في عهد ترامب انتهى عهده!


يعتبر الأمريكيون موافقة السعودية علي قرار أوبك بلس مخالفة لتعهدهم لبايدن بضخ مزيد من الإنتاج للحد من ارتفاع التضخم، لكن القرار الذي صدر عن منظمة أوبك بلس كان بالاجماع، ولدواع اقتصادية، فيما رأت واشنطن أن الدور السعودي الخليجي بمثابة تحالف غير معلن مع روسيا. بطبيعة الحال فإن خفض إنتاج دول أوبك للبترول سيرفع سعر البرميل.. 

انتخابات الكونجرس

 

وكان تراجع السعر حول ١٠٠ دولار سوف يفضي إلى تراجع للدائرة حول ٨٤، وبعدها ٦٠، وهكذا، وهذا ما خشيت منه الدول المنتجة، ولذلك خفضت الإنتاج ليبقي في منطقة المائة دولار، وهذا الخفض سيرفع أسعار الطاقة في الغرب، والتضخم والغلاء، وفضلا عن تدهور شعبية بايدن وحزبه الديمقراطي الحاكم.. 

 

فإن انتخابات التجديد النصفي للكونجرس بعد أسبوعين توفر فرصا أفضل للجمهوريين، وفوزهم بأغلبية يعني شل قدرة بايدن على الحركة والقضاء على حلمه بعقد إتفاق نووي مع إيران، وبالفعل ركنت الإدارة الاتفاق ضمنيا إلي ما بعد التصويت والفرز وإعلان النتيجة.  وبسبب من تخوف بايدن من هذا الاحتمال، فإنه أمر بصرف عشرة ملايين برميل من الاحتياطي النفطي، لخفض أسعار الطاقة علي المواطن الأمريكي.


ويعكس الإعلام الأمريكي حاليا اتجاهات مضادة في الوقت الحاضر لعناقيد دول الخليج، فيتكلمون عن ثروات تتراكم هناك، وفقر يزحف عندهم، شعوب تنعم، وشعوب الغرب في محنة. ويتحدثون عن أن التحالف السعودي يغذي الخزانة الروسية، بأموال النفط بعد ارتفاع الأسعار، وبذلك تكون السعودية في خندق واحد مع روسيا وهي حليف لأمريكا!


هل السعودية هى من أشعلت الحرب مع روسيا وحرضت أوكرانيا علي طلب العضوية للناتو أو الاتحاد الأوروبي؟ هل السعودية هي التى تمول الحرب لتستمر أم العقوبات الغربية الغبية جعلت الحرب استنزافا لكل الأطراف؟  هل السعودية هي من أنزلت الغلاء بالشعب الأمريكي أم ادارته التى تدير ملف العلاقات الدولية علي أساس المصلحة الأحادية فقط، مصلحة واشنطن؟ ما تفعله أمريكا بالضبط من إطالة أمد الحرب بين روسيا وأوكرانيا هو إضعاف الاقتصاد الأوروبي، وخلق هيمنة أمريكية كاملة علي القارة العجوز، ويعرف الأوربيون أن واشنطن تمدهم بالنفط والغاز بأسعار أعلي أربعة أضعاف من سعر السوق في الظروف العادية.

 


وكما قال البيان السعودي الرسمي فإن واشنطن حولت قرارا اقتصاديا إلى موقف سياسي، واللغة التى تحدث بها مستشار الأمن القومي سوليفان غير مقبولة. الموقف الخليجي ينسجم مع مصالح شعوبهم، وإذا كان للحرب الروسية من نتائج أولية فهى أنها زعزعت هيمنة واشنطن علي قرارات الدول الوطنية.

الجريدة الرسمية