رئيس التحرير
عصام كامل

العقم الإداري

كانت فلسفة الخروج بقانون الخدمة المدنية هو إصلاح الجهاز الإدارى للدولة، حدد القانون مستويات وظيفية عدة، وأجاز التعاقد شريطة التخصصات النادرة وفقا للمادة 16 من القانون، ولم أر نادرا في العديد من المتعاقدين معهم في الجهاز الحكومى إلا ما ندر، أضف لذلك فكرة إختيار المناصب القيادية وفقا للمادة 17 من القانون والذى سعى فيها إلى الابتعاد عن الطرق التقليدية أملا في الهروب من فكرة تصعيد الأقدم إن كان غير مناسب ولتصل الدولة لأن يتولى أصحاب الكفاءات لكى يصبح الرجل المناسب في المكان المناسب بل وحدد مدة شغلها لـ 3 سنوات.
 

ولم يكن الغرض من فكرة ندب الموظف في المادة 33 التصعيد لوظائف قيادية مطلقا بالاقدمية والتى عرفها القانون بأنها المستويات الثلاثة التالية للسلطة المختصة من إدارة عامة أو مركزية أو قطاعية أو ما يعادلها، إلا أنه في التطبيق سعى الجهاز الإداري للتحايل على القانون ليعمل بنفس الأسلوب العقيم فعمل على الندب للوظائف القيادية بتصعيد الأقدام وشرع في تجديد الندب لعدة مرات، ما هو إبن المكان وحقه، ولا أعرف من أين أتى هذا الحق وأصبح يستفيد بكل الامتيازات المادية المقررة على سبيل المثال بدل ما يحصل على بدل سفر للخارج عن الليلة 150 دولارا يحصل على 300 دولار، ولم يتم تطبيق القانون الذي كان صريحا جدا باتباع آلية معينة لشغل تلك المناصب لتولى كوادر قادرة على التطوير.

التحول الرقمي


ومع توجه الحكومة إلى التحول الرقمي اقتصر الأمر في بعض الجهات على سيستم كإضافة جديدة للعمل في دولاب الحكومة وكأن لسان حال الرقمنة هو إضافة مستوى وظيفي آخر، وفي بعض الأحيان تكون المعلومة على جهاز الموظف ويطلب من مواطن طبعها من عند الأستاذة اللى هناك لإن الجزء ده تخصصها، رغم الرقمنة وتوافر المعلومة أمامه وواضحة زى الشمس، وأجزم أنه لن يكون هناك تحول رقمى ناجح إلا ومعه فكر يتناسب وما يتم من تحديثه وهو ما لا يبنى بمجرد التدريب (بتجميع الموظفين وتلقنهم كيفية التعامل مع الحاسب أو الأرشفة على السيستم بدل أرشيف باشكاتب القرن العشرين).


التحول الرقمى تلجأ إليه الحكومات لنسف روتينها القديم وبيروقراطيتها البالية، لنتحول لما يتناسب وطبيعة الرقمنة وللتسهيل والتيسير والإنجاز، وهذا لن يتم بتعدد المستويات الوظيفية كمشرفين ومديرين ومستشارين ومساعدين ونواب رؤساء ومعرفش مين، فما هى إلا مسميات سميتموها أنتم وسى الأفندى في القرن الـ19 والتى معها يجب أن تمر الورقة الحكومية بمراحل نحكيها في حكاية أدى الورقة وأدى اللى كتبها وأدى اللى رجعها وأدى اللى صححها وأدى اللى تبعها وأدى اللى بص عليها وأدى اللى قدمها وأدى اللى مضاها وأدى اللى ختمها وأدى اللى أرخها.. الخ.

 


فتقليص المستويات الوظيفية أصبح ضرورة حتمية وأول خطوة جادة للتحول الفعلى للرقمنة فلابد ألا يتعدى النظام الوظيفي لمستوين أو ثلاث على الأكثر (الفني والمشرف ومسئول القطاع) وعلى رأى المثل أسمع عن الرقمنة أصدقك أشوف روتينك أستعجب.

الجريدة الرسمية