رئيس التحرير
عصام كامل

يا خلق هوه فيه حاجة غلط في الاقتصاد المصري

كتبت مقالا بتاريخ 15 من يوليو الماضي تحت عنوان "خدعة نمو الاقتصاد وكشف كذب الحكومة "، وقد عبرت في هذه المقالات عن وجود كوارث في إدارة الملف الاقتصادي المصري، فالمؤسسات الرسمية للدولة تعطي للشعب بيانات على خلاف الحقيقة، فتؤكد أن الاقتصاد المصري قوي ومتين ومتقدم، ففي النصف الثاني من عام 2021 وفي مثل هذه الأيام، ذكر الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، أن الحكومة المصرية تستهدف تحقيق معدلات نمو مرتفعة خلال السنوات الثلاث والأربع المقبلة، بنسب تصل إلى 7%، مرجعًا سبب توقعه إلى إشادة كبرى المؤسسات الدولية ببرنامج الإصلاح الاقتصادي بعدما انعكس على تراجع معدلات البطالة والتضخم وزيادة الناتج المحلي الإجمالي وقيمة الاحتياطات الدولية وعجز الموازنة. 

 

وجاء بجريدة اليوم السابع في 10 يونيو 2021 عن الحكومة، أنه في دلالة واضحة على استمرار تحسن أداء الاقتصاد المصري ونجاح تطبيق سياسات برنامج الإصلاح الاقتصادي التي تبنتها الدولة منذ عام 2016، حقق الاقتصاد المصري أعلى معدل نمو له خلال 7 سنوات عامًا، وتصدر معدلات نمو أهم اقتصاديات المنطقة لعام 2020، وللعام الثالث على التوالي، استطاعت مصر أن تحقق معدل نمو حقيقي موجب خلال عام 2020، والذي يعد الأعلى على مستوى العالم رغم جائحة كورونا. وأكد صندوق النقد -وقتها- أن الاقتصاد المصري أبدى صلابته، متوقعًا أن يبلغ معدل النمو 2.8% في السنة المالية 2020/2021، على أن يرتفع إلى 5.2% في السنة المالية 2021/2022.

 

كل هذه الأخبار الوردية الصادرة من كبار المسئولين مثل رئيس مجلس الوزراء ووزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية الدكتورة هالة السعيد، كانت تؤكد متانة الاقتصاد المصري ونموه غير المسبوق، ولكن فجأة في هذه الشهور القليلة فقط وليس في سنوات فوجئ المصريون بأن الاقتصاد المصري هش وضعيف، وأنه عكس ما كانوا يروجون له.

زيادة الديون


وضع الرؤوس في الرمال نتائجه كارثية، فمن المفترض من خلال تصريحات رئيس الوزراء والمسئولين المصريين منذ عام واحد فقط أن يكون اقتصاد مصر مزدهر، وبالتالي تقل الديون الخارجية والداخلية ولو بصورة بسيطة جدا.. لكن ما حدث كان العكس حيث زادت هذه الديون بصورة كبيرة ومتسارعة، وبصورة تشكل خطرا على الدولة التي تحاول معالجة الأمر بمزيد من الديون الخارجية، فقد شهد الدين الخارجي لمصر ارتفاعا جديدا في الربع الأول من 2022 حيث سجل 157.8 مليار دولار في نهاية مارس الماضي، مقابل 145.592 في نهاية ديسمبر الماضي؛ أي ببساطة شديدة في ثلاثة شهور فقط ارتفع الدين إلى أكثر من 12 مليار دولار وبلغت نسبة الارتفاع في الدين الخارجي لمصر في الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري 8.4 بالمائة.


وتعاني الموازنة العامة للدولة في مصر من أعباء الدين العام (الخارجي والمحلي) حيث تبلغ أعباء الدين حوالي 54 بالمائة من إجمالي استخدامات الموازنة العامة. وبدأت مصر بوقت سابق مفاوضات مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض لدعم اقتصادها في مواجهة الآثار الاقتصادية للأزمة في شرق أوروبا. وكانت مصر قد أبرمت اتفاقا مع صندوق النقد الدولي في نهاية العام 2016 حصلت بموجبه على قرض بقيمة 12 مليار دولار لمدة ثلاث سنوات، مقابل إجراء مصر إصلاحات اقتصادية شملت تحرير سعر الصرف ورفع الدعم عن الوقود وتطبيق ضريبة القيمة المضافة. كما حصلت على قرض آخر في أعقاب انتشار وباء "كوفيد-19" لمواجهة الآثار الاقتصادية للوباء، بقيمة حوالي 8 مليارات دولار؛ الأمر الذي جعل مصر لأول مرة في تاريخها الحديث أكبر عميل لصندوق النقد الدولي بعد الأرجنتين.

ترشيد الاقتراض


وعلى الرغم من تشكيل الحكومة المصرية في شهر إبريل من عام 2021 لجنة لترشيد ملف الاقتراض من الخارج، وقصره فقط على المشروعات ذات الأولوية، لكن لم تفلح اللجنة وزادت القروض بنسب غير مسبوقة. وعلى الرغم من حديث الحكومة المصرية في شأن أن الديون ما زالت في الحدود الآمنة، لكن حجم الأزمة يظهر بشكل واضح في فوائد الدين العام، إذ كشف البيان المالي الخاص بمشروع الموازنة العامة للدولة في العام المالي (2022 – 2023) أن إجمال الفوائد التي سيتم دفعها للديون المحلية والأجنبية خلال العام المالي الجديد تبلغ 690 مليار جنيه (37.196 مليار دولار)، تمثل نحو 7.6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وبنسبة زيادة بلغت نحو 19.1 في المائة عن الأرقام الواردة في موازنة (2021 – 2022). 

 

البيانات والإحصاءات تشير إلى ارتفاع حجم الديون الخارجية لمصر منذ عام الثورة في 2011 وحتى نهاية مارس 2022 بنسبة 320 في المائة، مسجلة زيادة بنحو 122.6 مليار دولار، إذ قفز الدين الخارجي لمصر منذ مستوى 34.9 مليار دولار عام 2011 إلى نحو 157.8 مليار دولار بنهاية مارس 2022. ووفق هذه الأرقام فإن الديون الخارجية لمصر ترتفع بقيمة 11.06 مليار دولار بشكل سنوي خلال السنوات الـ 10 الماضية، فيما سجلت نسبة الزيادة السنوية 31.7 في المائة. 

 

 

وعلى صعيد الدين المحلي، تشير البيانات إلى ارتفاعه منذ العام 2011 وحتى نهاية 2021 بنسبة 426.8 في المائة، إذ صعدت من مستوى 1044 مليار جنيه (56.28 مليار دولار) في 2011 إلى نحو 5500 مليار جنيه (296.495 مليار دولار) بنهاية العام 2021. ووفق هذه الأرقام فقد سجلت الديون الداخلية متوسط زيادة سنوية بقيمة 445.6 مليار جنيه (24.021 مليار دولار)، فيما يبلغ متوسط الزيادة السنوية نحو 42.6 في المائة خلال السنوات العشر الماضية. وفي عام 2021، احتلت مصر المرتبة 158 بين 189 دولة في نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي، والمرتبة 100 في نصيب الفرد من الديون. 

الجريدة الرسمية