رئيس التحرير
عصام كامل

المجتمع عصبي وأنتم السبب !

العصبية الشديدة التى نراها فينا، ساعة الغضب، أو قبيل انفجار خناقة بالبيت أو على الطريق أو في مكان العمل، هى انعكاس لضيق هائل وحرج يمور بالصدور، ونحن لا تضيق صدورنا ولا تحرج عادة الإ عند شدة الحاجة، وليست شدة الحاجة بالضرورة نقص المال، وهو مهم ومؤلم وشائع، بل شدة الحاجة الآ يكتمل الشئ كما تحب أن تراه، وأن ترى الشياطين تلهو وتركل الأبرار، وأن ترى الهرم الأكبر قد انقلب، فانغرست قمته فى الوحل!

 

لا يمكن عمليا حصر المنغصات ومسببات التوتر العام، ولن نتطرق إلى الغلاء والوباء، ولا حتى حالة الصمت المريب، تحته محيطات مصرية في ثوران ينمو، لكن يمكن عمليا مثلا أن نقول إن الذين يقومون بأعمال انشائية في الشوارع والطرق السريعة -ومع التسليم القطعي بحسن نواياهم- يمارس قطاع منهم هوايته المفضلة في الإهمال القاتل، كما أن بعض ألوان الأداء يشوبها نقص الإبداع والتفكير، بالنسبة لهواة ترك العمل ناقصا معيبا.

 

بعد التسوية والتمهيد والرصف، سيتركون للذكرى الخالدة حفرة بالوعة، أو غطاء بالوعة يستقبل أحشاء سيارتك بالهرس والفرك والخبط، فيخر الزيت خرا، وينسكب انسكابا، ولحظتها تتفجر عروقك دما وغلا وغيظا ويطلق لسانك رصاصات لاعنة علي ذلك المهندس الذي عاين الطريق وتسلمه راضيا كاذبا أنه غير قاتل، هل تابع أحد حسن التشطيب؟ عورات الطرق السريعة والداخلية بين الأحياء خير دليل على الإهمال العمدى الجسيم، وهو عمدى لأنه متكرر، ولا ينتهى.

طريق المنصورة

 

مثال آخر صارخ على مسببات التوتر وتدمير أعصاب الناس أكثر مما هي مدمرة حاليا، فحين تسافر إلى المنصورة، مدينتي حبيبتي، ستأخذ الدائرى إلى طريق بنها الحر الجميل، قبل عام كان الطريق غير مطروق، وعدد السيارات بالتالي قليل، والبوابات أكثر من كافية، واليوم وبعد ثلاثة أعوام وأكثر من التشغيل، صارت السيارات تتراكم صفوفا طويلة أمام نوافذ تحصيل رسوم العبور..

 

ومهما بذل الموظف من جهد وسرعة لإنهاء التراكم، فإنه لن يلاحق مجئ أعداد كبيرة من السيارات خاصة أيام الخميس والإجازات، ومع الصبر النافد، ومع النفخ ومع الزهق، ستبلغ نافذة الموظف، وتضع يدك في جيبك لتخرج مائة جنيه، لكن لا توجد لدى الموظف فكة! وهكذا يطول الوقت بحثا عن فكة، وتزأر الكلاكسات، ويفتش السائق في جيوبه عن فكة والموظف يغادر محله لمحل زميله يسأله الفكة!


الذين عملوا طريق السويس أكثر ذكاء وخبرة وخيالا من الذين نفذوا بوابات بنها الحر، فقد صنعوا بوابات متتالية متراحلة، علي مسافات، بعد مسافات، بحيث لا يختنق الجميع في عنق زجاجة واحد، بل تترحل المنافذ، بسلاسة وهوادة. نرجو تدارك الوضع الخانق عند بوابات شبرا بنها الحر، وصنع بوابات متتالية متباعدة، لفك الأزمة. 

ما إن تخرج من هذا الطريق إلي طريق يفضي بك إلى كفر شكر فميت غمر فالمنصورة، حتى تجد أمامك فتحة طريق قبيل الفتحة القديمة التقليدية التى يحفظها معظم الناس، فسوف تجد إذا دخلت النزلة الجديدة طريقا مرصوفا جديدا، موازيا للطريق القديم المتهالك، وستمضي فرحان بالرصف الجيد، وبعد نحو عشرين كيلومترا، ستجد الطريق مسدودا! لماذا فتحتم بدايته وأغلقتم نهايته مادام الطريق بعد تحت الإنشاء؟ لماذا لا تنبهون المواطنين بدلا من حرق الدم والبنزين؟

 

 

ستعود أدراجك لاعنا، ساخطا، سبابا، المشكلة أننا لا نتقن العمل ولا نصبر عليه، ولا ننهيه كما يجب، وحتى من يتابع ويوقع بإتمام الطريق، واضح أنه ضعيف النظر والضمير.. من أجل هذا نعود بيوتنا وكلنا براكين، وزوجتك التى تتوقع منها أن تهدئ من روعك هي أيضا بركان بسبب ضغوط العيال ونقص المال، كان الله في عوننا جميعا، لنر آخرتها..

الجريدة الرسمية