رئيس التحرير
عصام كامل

دعوة لحرب أهلية أمريكية

يعيش دونالد ترامب الرئيس الأمريكي السابق المثير للجدل أوقاتا سعيدة بلا أدنى مبالغة، بالرغم من مثوله المقرر أمام المدعي العام في نيويورك للتحقيق معه في قضايا تعاملات عقارية، إلى جانب قضايا خاصة بالضرائب والتهرب من سدادها، وربما تمثل  لحظة المثول والتحقيق القضائي لأي شخص رهبة وجزعا، لكنها بالنسبة ل ترامب حياة تحت الضوء الباهر، يتنفسه بشغف، لكي يستعيد الانتباه المحلي والعالمى، ومكايدة غريمه الحالي جو بايدن. 

 

بالطبع فإن أمريكا كلها حاليا تعيش أجواء توتر عنيف وانقسام عميق وصفتها شبكة إن بي سى نيوز   بحرب أهلية باردة، بعد  قيام عناصر مكتب التحقيقات الفيدرالي بمداهمة المقر الشتوى لترامب ويحمل المنتجع إسم مار الآ جو  في ولاية فلوريدا. كان ترامب في برجه الذي يحمل إسمه في نيويورك، حين داهمت المباحث الفيدرالية بأمر قضائي المنتجع وفتحت خزائن ترامب وقلبت بيته رأسا على عقب، واستردت صناديق مطلوبة لدواعي الأمن القومي كان يجب علي ترامب، كما يفعل أي رئيس تنتهي ولايته، تسليمها للأرشيف الوطنى الأمريكي.

 

هو سبق وسلم صناديق بالفعل بلغ عددها ١٥صندرقا، لكن علمت وزارة العدل الأمريكية أنه لايزال يخفى صناديق مستندات تتعلق بمراسلات ومكاتبات وتفريغ اتصالات مع زعماء، من بينهم كيم جونغ أون زعيم كوريا الشمالية. الأمر القضائي صحيح، لكن لم يطبق الأمر ذاته علي بيت وزيرة خارجية أوباما هيلاري كلينتون التي استخدمت الإيميل الخاص بها في تلقي المعلومات الحرجة والحساسة.
غضب ترامب العارم سببه إنه يكاد يكون الرئيس الأمريكي الوحيد الذي تنتهك حرمة مقره، وفي غيابه، وهو إتهم بايدن بأنه علم بالهجوم والتفتيش والبيت الأبيض ينفي علمه.


تتفاعل الواقعة تفاعلا سريعا وخطيرا، ووصف  حاكم فلوريدا مداهمة مقر ترامب في ولايته بأن أمريكا صارت جمهورية موز، إشارة إلى دول أمريكا اللاتينية، التي تمثل الفناء الخلفي للولايات المتحدة، بينما وصف ترامب بلاده بأنها صارت من دول العالم الثالث.

علام يدور الصراع ؟ 


ترامب يميني شعبوى، له أسلوبه الغوغائي في التعامل مع قضايا بلاده الداخلية والخارجية، وهو لدي محللين نفسيين جامح وغير متزن، وهومبتز بوقاحة وسفور وباعتباره تاجرا فهو يقايض قوة بلاده بأموال الغير ليوفر لهم مظلة حماية، فعلها وسيفعلها مع الخليج، وساوم أوروبا علي أمنها بأن تدفع له مقابل الحماية. وهو يتطلع بجنون إلى انتخابات العودة إلى منصبه ٢٠٢٤، ويرى أن مداهمة مقره الشتوى الجميل علي حد تعبيره إجراء مقصود به منعه قانونا عن خوض السباق بعد عامين، رغم أن الدستور الأمريكي لا يمنع قط مواطنا من خوض الانتخابات علي أي مستوى طالما لم يصدر حكم.


يرى الشعب الأمريكي في اقتحام منتجع ترامب وتفتيشه إهانة لا تجوز لمنصب رئيس سابق، ويرونها عملًا من أعمال الثأر تنفذه إدارة بايدن. إذا كان ترامب يمينيا شعبويا، فإن بايدن صار موصوما وادارته باليسار الراديكالي، المتطرف أيضا، وهذا هو الوصف الذي نجح ترامب وآلته الإعلامية في تسويقه وتوسيع دائرة القبول به، وخاصة أن بايدن مع الجائحة وتداعياتها، والحرب مع روسيا في أوكرانيا وتداعياتها، ألزمته باجراءات حماية اجتماعية اشتراكية، تثقل الموازنة المترنحة أساسا في الوقت الحالي.


أنصار ترامب الذين اقتحموا مبني الكونجرس، بدعوة من ترامب ذاته، لكي لا يسلم البيت الأبيض لبايدن قبل عامين، يحتشدون، ليس فقط حول منتجع مار الآ جو، بل تحولت منصاتهم الاجتماعية، ولهم اتباع بالملايين إلى مكبرات صوت تحرض علي الثورة، تحت شعارجهز سلاحك، بل إن تايل سليكر المحرض الأول والمتهم الأول في اقتحام الكونجرس والذي ينتظر حكم المحكمة في هذه القضية، هو من يتولى حاليا الدعوة الى الحرب الأهلية وتمرر بوست التحريض جهز سلاحك  ١٢٠٠مرة.

 


يرى ترامب أن أمريكا بلد فاسد، وأن مباحث بلاده تعامله معاملة أسوأ مما يجب  أن تعامل به هنتر بايدن، إشارة إلى ابن بايدن الذي كانت له معاملات وصفقات مشبوهة  في أوكرانيا مع رئيسها الحالي زيلنسكي، وإتهم في قضايا فساد هناك برأه منها الأخير! ما أصعب تفاصيل الصورة وتداخلاتها، لكن هكذا العالم اليوم يمور ويفور، ويثور، والفقراء يدفعون الثمن عجزا وقهرا وتخلفا.. 
ونتابع    

الجريدة الرسمية