رئيس التحرير
عصام كامل

تحديات شركات التأمين في التطلع نحو النمو الاقتصادي

المصرى للتأمين
المصرى للتأمين

تسارع شركات التأمين نحو ضخ استثمارات إضافية في التكنولوجيا الرقمية مستهدفة تحقيق نمو كبير وانتعاش اقتصادي خلال الأعوام القادمة، وذلك على الرغم من استمرار المخاوف بشأن متغيرات كوفيد-19.

وما زالت هناك العديد من العقبات التي تحول دون تحقيق هذا الانتعاش وتحد من تحقيق أهدافه كاستمرار التضخم وزيادة النفقات المتعلقة بالاستدامة ومخاطر المناخ والشمول المالي وتطبيق المعايير المحاسبية فضلًا عن التغير المستمر والسريع في رغبات العملاء.

كما لا يخفى التغير الشامل الذي طرأ على منظومة لوجستيات وخدمات التأمين بعد الجائحة، وسعْي شركات التأمين إلى وضع استراتيجيات مرنة وإعادة توظيف العمالة عالية المستوى، وخاصة من يتمتعون بمهارات متقدمة في التكنولوجيا وتحليل البيانات.

وتعتمد الشركات على هذه التكنولوجيا لتحسين تجربة العملاء من خلال تبسيط الخطوات التي يمر بها العملاء وتقديم خدمات مخصصة تلائم كل فئة منهم.

ولتعزيز الثقة مع العملاء تتخذ شركات التأمين خطوات لتحقيق المزيد من الشفافية في كيفية قيامها بجمع واستخدام البيانات الشخصية للعملاء، بل يتعدى الأمر ذلك إلى البحث عن حلول شاملة لمشاكل المجتمع الأكثر أهمية– مثل التخفيف من الأثر المالي للأوبئة والكوارث الطبيعية على المجتمع إلى جانب إمكانية أن تؤدي سلالات كوفيد-19 الجديدة إلى عرقلة آفاق الانتعاش الاقتصادي ونمو شركات التأمين في كثير من الدول، من المرجح أن تواجه شركات التأمين العديد من التهديدات الأساسية خلال عام 2022.. ومن أهم هذه التحديات:

1.   التضخم

قد يشكل ارتفاع معدل التضخم مصحوبًا بثبات أسعار الفائدة عقبة رئيسية أمام تحسّن نتائج شركات التأمين، حيث أدت الزيادات السريعة في الطلب على السلع والمواد والعمالة، فضلًا عن الاضطرابات المستمرة في سلسلة التوريد، إلى زيادة تكاليف المطالبات المتعلقة بخسائر الممتلكات الشخصية والتجارية، وتعد الزيادات المقابلة في أسعار مواد البناء، واستئجار المركبات، وقطع غيار السيارات (بما في ذلك الموصلات الجزئية ورقائق الكمبيوتر للسيارات الذكية) من بين النفقات التي تهدد بزيادة خسائر شركات التأمين بنهاية عام 2022، ومن المرجح أن يستمر هذا العامل وحده في دفع أسعار تأمينات الممتلكات والمسئوليات إلى الزيادة.

ومع ذلك، ظلت أسعار الفائدة منخفضة نسبيًا في جميع أنحاء العالم على الرغم من اتجاه الأسعار وتكاليف العمالة نحو الارتفاع، حيث تتطلع الحكومات إلى تجنب تقليص حركة الانتعاش وربما المخاطرة بالانزلاق إلى الركود، ومع ذلك، يمكن أن يؤدي هذا إلى تخفيض عوائد الاستثمار للصناعة ككل، بينما يؤدي إلى إعاقة نمو وربحية منتجات تأمينات الحياة والمعاشات التي تعتبر حساسة تجاه أسعار الفائدة.

2.  التكاليف الإدارية

من المتوقعأيضًا أن تستمر التكاليف الإدارية في الارتفاع،نتيجة للاستعداد للامتثال للمعيار الدولي للإبلاغ المالي(IFRS 17)، لتحديد كيفية عرض عقود التأمين ضمن الأصول والخصوم في الميزانيات العمومية للشركة. فقد يؤدي تطبيق هذا المعيار  والمقرر أن يدخل حيز التنفيذ في يناير 2023، إلى تحميل شركات التأمين العالمية بتكلفة تتراوح بين 15 – 20 مليار دولار أمريكي، وفقًا للاستقصاء الذى أجرته "ويليز تاورز واتسون".

كما أشار استطلاع رأي أجراه "مركز ديلويت للخدمات المالية"في يونيو 2021 إلى أن 37% من الشركات على مستوى العالم استكملت استعداداتها لتبني المعيار الدولي لإعداد التقارير المالية رقم 17، ومع ذلك، فإن ثلث الشركات التي أجري عليها الاستطلاع ما زالت بعيدة إلى حد ما أو أنها بدأت للتو في الاستعداد لإجراء الانتقال لتطبيق هذا المعيار.

و تعد الولايات المتحدة إحدى الدول القليلة التي قررت عدم تبني المعيار الدولي لإعداد التقارير المالية  ونتيجة لذلك، اعتمدت العديد من شركات التأمين العالمية التنفيذ الموازي لمعيار"التحسينات المستهدفة طويلة الأجل (LDTI) بدلًا من " المعيار الدولي لإعداد التقارير المالية رقم 17"، والذي سيسري أيضا بتاريخ يناير 2023، واستمرت جهود تنفيذ  معيار LDTI منذ أوائل عام 2019، حيث أفاد المشاركون في الاستطلاع بأنهم مستعدون بنسبة 42٪ لتطبيق المعيار.

3. المخاطر المناخية والاستدامة

من المرجح أن تستمر الخسائر المالية الناتجة عن مخاطر المناخ في تقليص ربحية شركات التأمين حيث قدّر معهد سويسري قيمة خسائر ممتلكات الكوارث الطبيعية المؤمنة عالميًا بنحو 40 مليار دولار أمريكي حتى شهر يونيو 2021 - وهو ثاني أعلى رقم يتحقق في نصف عام خلال عقد من الزمان، وأعلى بكثير من متوسط السنوات العشر السابقة البالغ 33 مليار دولار أمريكي.

و أضاف إعصار إيدا في الولايات المتحدة وحدهما بين 31 مليار دولار أمريكي و44 مليار دولار أمريكي إلى الخسائر المؤمنة البرية والبحرية في النصف الثاني من عام 2021.

وتكثّف العديد من شركات التأمين جهودها لتحديد المخاطر المناخية ومعالجتها في كل من محافظ الاكتتاب والاستثمارات، مدفوعة جزئيًا بتزايد الطلب من جانب أصحاب المصالح، وقد اعتمدت اللجنة التنفيذية للرابطة الدولية لمراقبي التأمين IAISورقة عمل لمساعدة الجهات الرقابية على "تعزيز نهج متسق عالميًا لمعالجة المخاطر المتعلقة بالمناخ"، وبالفعل أطلق عدد من الهيئات الرقابية مبادراتهم الخاصة بهذا الشأن.ومع ذلك، يظل المناخ مجرد جزء واحد من اهتمامات الصناعة الأكثر شمولًا للتعامل مع مجموعة من المخاوف الملحة البيئية والاجتماعية والحوكمة (ESG).

4.      عمليات الاندماج والاستحواذ في سوق التأمين العالمي

استقر نشاط الاندماج والاستحواذ(M & A) في مجال التأمين العالمي  منذ النصف الأول من عام 2021، وتم الانتهاء من 197 صفقة تقريبًا، وكان أكثر من نصف تلك الصفقات إقليمية، حيث سعت المزيد من شركات التأمين إلى النمو من خلال التوسع خارج أسواقها المحلية.

وأشارت أحدث توقعات الاندماج والاستحواذ الصادرة عن مركز ديلويت للخدمات المالية في مجال التأمين إلى أن "الآثار المدمرة الناتجة عن كوفيد-19 كانت أقل تأثيرًا على نشاط التأمين مقارنة بقطاعات الخدمات المالية الأخرى"، وعلى العكس، فقد أدى الوباء إلى زيادة الوعي بالحاجة إلى مضاعفة بعض الأعمال والقدرات وإعادة تقييم المحافظ باعتبارها أساسية وعلى العكس بالنسبة لإدارة رأس المال والعوائد.

وقد تلاحظ بعد الموجة الرابعة التي تسبب فيها المتحور دلتا، حدوث زيادة مستمرة في نشاط صفقات الاندماج والاستحواذ في معظم قطاعات التأمين.

كما تشير التوقعات بصفة عامة إلى أن عام 2022 سيشهد المزيد من استراتيجيات الاندماج والاستحواذ النشطة، مع توقع أكثر من ثلث المشاركين في الاستطلاع  أن يكون نشاط الاستحواذ المتزايد أمرًا مرجحًا للغاية، بهدف توسيع النطاق الجغرافي خارج موطن الشركة الفعلي، وإضافة قدرات تقنية جديدة. 

5.      اجتذاب الكفاءات المناسبة

قد يكون اجتذاب الكفاءات المناسبة هو التحدي الأكبر الذي تواجهه شركات التأمين في عام 2022، حيث يجب أن تتجاوز شركات التأمين الحدود الجغرافية والخلفية المهنية للاستفادة من مجموعة أوسع من الكفاءات، كما يجب عليها أيضًا الاتجاه نحو استبدال الوظائف الدائمة بوظائف مؤقتة ووظائف انتقالية وتعاقدية للوصول إلى الكفاءات ذات الخبرة والتجربة المتخصصة.

قد يتم سد جزء من فجوة الكفاءات من خلال إعادة التوظيف في الإدارات التي تضررت في عام 2020 نتيجة لتخفيض عدد الموظفين، حيث قامت شركات التأمين بتقليص نفقات التشغيل في بعض المجالات استجابة للتداعيات الاقتصادية المبدئية للجائحة، وهناك خيار آخر يتمثل في مطالبة الموظفين المتقاعدين بالعودة بدوام جزئي و/أو البحث عن علاقات انتقالية مماثلة مع الموظفين الحاليين الذين اقترب موعد إحالتهم للتعاقد، لكن من المرجح أن يترك ذلك فجوة كبيرة، مما يجعل جذب الكفاءات والاحتفاظ بها أكبر تحد تشغيلي للصناعة في عام 2022 وما بعده.

كما يجب على شركات التأمين اتباع نهج متنوع لجذب وتدريب والاحتفاظ بالعاملين المتمرسين في مجال التكنولوجيا، وذلك من خلال:

‌أ.        البحث عن الكفاءات ذات المهارات القابلة للتكيف

•        تحديد الوظائف التي يمكن فيها تدريب الكفاءات على القيام بالمهمة بدلًا من البحث عن مهارات فورية بنسبة 100٪، (على سبيل المثال، عند البحث عمن يشغل وظيفة محلل بيانات، يجب البحث عن أولئك الذين لديهم خلفيات في العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات والذين يمكن أن يكتسبوا مهارة بسرعة بدلًا من قصر البحث على علماء البيانات الراسخين).

‌ب.      تحسين مهارات الموظفين الحاليين

• لا يحتاج كل الموظفين أن يتميزوا بمهارة فنية فائقة في بداية عملهم. بل يمكن أن يساعد تدريبهم على التكيف مع التقنيات الناشئة على تسريع وتيرة الابتكار لديهم.

• يمكن لعمليات التشغيل الآلي Automation أن تحرر الموظفين من العمليات اليدوية والإدارية الروتينية وتسمح بتحويل القوى العاملة إلى مهام أكثر تحديًاتثري الوظائف والمهن.

6.      إعادة تنظيم بيئة العمل بعد الجائحة

بالرغم من أن التوقعات كانت ترجح أن العاملين العائدين إلى أماكن عملهم بعد الجائحة لن يمارسوا عملهم بنفس الطريقة التي كانوا يتبعونها قبل الجائحة، إلا أنه من المرجح أن يعود جميع الموظفين إلى العمل من مكاتبهم كما كانوا من قبل.

و يجب على شركات التأمين أن تسعى جاهدة لتوفير مكان عمل مجهّزرقميًا يمكنه استيعاب أولئك العاملين بموقع العمل وغيرهم من العاملين عن بُعد، مما يوفر بيئة رقمية مشتركة يتم تمكينها من خلال التعاون الافتراضي وأدوات الاتصال.

ولكن بخلاف البنية التحتية الرقمية، يجب اعتماد نهج جديد للكفاءات أيضًا، لذلك يجب على شركات التأمين البدء في دراسة كيفية تغير مهام وأنشطة وأوضاع كل موظف واحتياجاته الفعلية، بالإضافة إلى تقييم آثار النظام المختلط(الذي يجمع بين العمل بالمكتب والعمل عن بعد) على ثقافة الشركة وسياسات الموارد البشرية،وبغض النظر عن النتيجة النهائية، من غير المحتمل أن يكون هناك نهج موحد يناسب الجميع،لذا يجب أن تكون التجربة والخطأ هي القاعدة حيث تختبر شركات التأمين خططًا مختلفة وتحكم على تأثيرها على الإنتاجية والتعاون والابتكار ورضا القوى العاملة بشكل عام بمرور الوقت، وإجراء التعديلات اللازمة عليها كلما تطلب الأمر ذلك.

كما يجب أن تتاح للعاملين في مجال التأمين بشكل عام فرص أكبر لتغيير الوظائف والعمل بعيدًا عن مواقع عملهم، وتزويدهم بالخيارات والإمكانيات فيما يرجح أن يظل سوق العمل تنافسيًا للغاية على المدى الطويل.

لذلك، يجب على شركات التأمين تقديم عروض ذات قيمة واضحة للموظفين لتبرير أي استراتيجية للعودة إلى العمل بالمكتب، مدعومة بمزايا مقنعة ومسار نمو وظيفي واضح لتعزيز الاحتفاظ بالموظفين.

وقد تتمثل إحدى طرق تحقيق ذلك في تقليل التركيز على فرق العمل أو الأدوار الوظيفية (المطالبات والاكتتاب وما إلى ذلك) التي ينبغي أن تعود إلى العمل من المكتب، والتفكير أكثر من منظور الأفراد العاملين، فعلى سبيل المثال، قد يحتاج الموظفون الجدد إلى مزيد من الوقت للعمل في المكاتب حيث يُوجّهون في البداية للتعاون والتواصل الاجتماعي مع الأقران والقادة، وكذلك الاندماج في ثقافة المنظمة، ومن ناحية أخرى، قد يفضل الموظفون القدامى الحصول على بعض المرونة بالسماح لهم بالعمل من المنزل في معظم الأيام واختيار الحضور إلى المكتب لبضعة أيام كل شهر للتعلم من خلال تبادل الأفكار مع أقرانهم ورؤسائهم المباشرين.

ومع ذلك، أيًا كان النموذج الذي تتبناه شركة التأمين، يجب عليها تقديم أسباب واضحة تبرر الغرض من الحضور إلى المكتب، حتى لو كان ذلك بدوام جزئي فقط، كما يجب أن توضح المزايا التي ستعود على الموظفين وعلى الشركة.

7.      التحول التكنولوجي

يجب على شركات التأمين تقييم وصقل وتوسيع نطاق التعديلات التكنولوجية التي تم تنفيذها على عجل أثناء الجائحة، لدعم بيئة العمل الافتراضية وتلبية احتياجات العملاء، وفي الوقت نفسه يجب أن تبقىهذه التحديثات على رأس جدول أعمال مديري تكنولوجيا المعلومات، بعد أن ولىَ عهد التطبيقات القديمة. وتتطلع الشركات إلى دمج حلول البيانات والتكنولوجيا الجديدة بسرعة لتعزيز الكفاءات من خلال استخدام المنصات الافتراضية.

كما يجب استخدام الذكاء الاصطناعي والتحليلات والمواقع الافتراضية لإعادة تصور سلسلة قيمة التأمين، مع تشديد أمن المعلومات، حيث أصبح الذكاء الاصطناعي بارعًا في أداء المهام التي كان يصعب على أجهزة الكمبيوتر تنفيذها في الماضي، بما في ذلك التعرف على الصور وتحديد الكلمات المنطوقة واستخدام البيانات غير المنظمة،وفي الوقت نفسه، يشعر المتخصصون في التأمين براحة أكبر مع التوصيات الواردة من أنظمة الذكاء الاصطناعي ويعتمدون عليها في اتخاذ قرارات الاكتتاب والتسعير والتسويق والمطالبات.

وإلى جانب البيانات البديلة والتحليلات المتقدمة، يجب أن يكون للذكاء الاصطناعي تأثير كبير عبر سلسلة قيمة التأمين بأكملها - إذا تم التوسع في استخدامه  وتم تدريب المستخدمين له بشكل صحيح.

وتعمل العديد من شركات التأمين بالفعل على زيادة الاستثمار في الذكاء الاصطناعي أو روبوتات الدردشة لتسهيل الاتصالات بين مجموعة متنوعة من أصحاب المصلحة وتقليل أوقات الانتظار،ففي الاكتتاب، يمكن لحلول الذكاء الاصطناعي استخدام التحليلات السلوكية والتعلم الآلي للمساعدة في تحديد التحريف أو الاحتيال مع تحسين السرعة والدقة،ويمكن استخدامه أيضًا في معالجة المطالبات لتحديد الأنماط المشبوهة التي تتجاوز الإشارات التقليدية ووضع الأعلام الحمراء حول الطلبات الاحتيالية المحتملة.

على سبيل المثال، تستخدم شركة Mitsui Sumitomo للتأمين «نظام دعم الوكيل» المدعوم بالذكاء الاصطناعي لتحديد احتياجات العملاء المحتملة بشكل أفضل من خلال تحليل البيانات الداخلية والخارجية، مما عمل على زيادة إنتاجية الوكيل بين 20٪ و130٪، مقارنة بنموذج المبيعات التقليدي.

وبالمثل، يمكن أن يكون للذكاء الاصطناعي دور فعال في تمكين شركات التأمين من اعتماد نماذج أعمال جديدة والاستفادة من فرص السوق،فعلى سبيل المثال، باستخدام الاكتتاب الآلي المدعوم من الذكاء الاصطناعي، يمكن لشركات التأمين العمل جنبًا إلى جنب مع تجار التجزئة عبر الإنترنت لتوفير تغطية التأمين اللازمة في الوقت الفعلي عندما يشتري المتسوقون سلعًا استهلاكية.

وتعتبر إحدى المشكلات المحتملة التي يجب على شركات التأمين الانتباه إليها هي الأسئلة التي أثارتها الجهات الرقابية ومجموعات المستهلكين حول دقة وعدالة الأنظمة التي يحركها الذكاء الاصطناعي، حيث أشارت التوقعات الخاصة بمؤسسة ديلويت للخدمات المالية إلى أن 24٪ فقط من المستجيبين يتدربون حاليًا على  برامج الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي لتحديد التحيزات الحسبية لتلك البرامج،و ضرورة أن تتخذ شركات التأمين تدابير استباقية لضمان أن يكون صنع القرار الآلي عادلًا بالنسبة لحملة وثائق التأمين وأصحاب المصلحة وألا يؤدي إلى مزيد من المخاطر المتعلقة بسمعة الشركة.

8.    الأمن الإلكتروني

مع تزايد هجمات برامج الفدية، أصبح الأمن الإلكتروني يحتل مركز الصدارة، حيث زادت الهجمات الإلكترونية العالمية في جميع الصناعات بنسبة 29٪ في النصف الأول من عام 2021 مقارنة بالفترة نفسها من عام 2020،وكان هذا الاتجاه مدفوعًا إلى حد كبير بتزايد هجمات برامج الفدية بنسبة 93%، حيث واصل المتسللون استغلال التحول نحو العمل عن بُعد نتيجة للجائحة.

ولم يستهدف المهاجمون الحصول على فدية من خلال الوصول للبيانات الحساسة التي تنتجها المنظمات فحسب، بل قاموا بتعقب سلاسل التوريد وروابط الشبكات مع الشركاء، مما جعل الهجمات أكثر ضررًا.

ويعد فرض متطلبات التحقق على أي شخص يسعى للوصول إلى البيانات أو الأنظمة، بغض النظر عن كونه داخليًا أو خارجيًا، ممارسة رائدة يمكن أن تساعد شركات التأمين على حماية أصول الشركة في ظل هذه الظروف.

كما يجب على شركات التأمين أيضًا تطوير استراتيجيات إدارة المخاطر التي تتعرض لها الجهات الخارجية التي تتعامل معها لضمان عدم تأثر الموردين وشبكات البائعين، حتى لو تم اختراق أنظمة شركات التأمين.

وقد تنظر شركات التأمين أيضًا في العديد من الإجراءات الإضافية يكشف تهديدات برامج الفدية ومنعها والتعافي منها بشكل أكثر فعالية. وهناك خيار آخر لشركات التأمين وهو اعتماد إستراتيجية لتخزين البيانات عن طريق توفير نسخًا احتياطية لعملياتها الهامة التي يتم فصلها عن الشبكة المعرضة للاختراق.

لذا يجب أن تعمل فرق أمن المعلومات باستمرار على تطوير ضوابط صارمة وتقنيات حماية لممارسة سيطرة أكبر على أجهزة المستخدم النهائي، وكذا الاهتمام بأنشطة التدريب والتوعية، التي تركز بشكل خاص على المبادئ التوجيهية ومعايير العمل عن بعد  وخاصة مع احتمال بقاء الكثير خارج إطار العمل التقليدي بمقر العمل.

 

 

كما يجب على شركات التأمين النظر في تخصيص المزيد من الموارد لتلبية المتطلبات التنظيمية الإضافية التي يتم تنفيذها أو النظر فيها من قبل العديد من هيئات الرقابة في جميع أنحاء العالم. 

وفي حين أن التحول الرقمي هو أحد أهم أولويات شركة التـامين إلا أن عليها أيضًا ألا تهمل قيمة اللمسة البشرية، نظرًا لتعقيدات المنتج التأميني والعمليات المتضمنة طوال دورة حياة التأمين.

الجريدة الرسمية