رئيس التحرير
عصام كامل

الشيخ الشعراوي يشرح المقصود برحمة الله وهدايته للخلق

الشيخ محمد متولى
الشيخ محمد متولى الشعراوى

يدعو الإنسان ربه في كل وقت أن يهديه الله ويرحمه من أجل كسب رضاه والعيش في رضا وهنا فما المقصود برحمة الله وهدايته التي نتمناها جميعا؟ ويجيب فضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي في خواطره ويقول:

 يريد الحق تبارك وتعالى بالتسمية الاستهلالية (بسم الله الرحمن الرحيم) أن يذكرنا دائما أننا ندخل عليه من باب الرحمة أكثر من أن ندخل عليه من باب العمل، والإنسان خلق عطاء، والإنسان خلق ظلوما، وسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لن يدخل أحدكم الجنة بعمله إلا أن يتغمده الله برحمته" قيل:حتى أنت يارسول الله؟ قال عليه السلام "حتى أنا".
وأنت إذا استعنت بالله فإنك تستعيذ برحمة الله سبحانه وتعالى، لأنك لو لم تستعذ بعدل الله الذى لا يترك صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، ولولا رحمة الله ما بقيت لنا نعمة، ولو يؤاخذ الله الناس بذنوبهم..ما أبقى على ظهرها من دابة.

الاستعاذة بالله 

وأنت لو لم تستعذ بالله لما وجدت سبيلا إلى جنته، فذنوب الإنسان في الدنيا ومعاصيه لا تحصى ولا تعد: اذا تكلم فقد ينم، وإذا حكم فقد يظلم، وإذا ظن يسيء، و‘ذا تحدث فقد يخطئ، وإذا شهد فقد يبتعد عن الحق.. هذه أشياء يرتكبها كل واحد منا مئات المرات.

رحمة الخالق 

ومن أجل ذلك يصور لنا رسول الله معنى رحمة الخالق بالإنسان وجحود الإنسان لربه: "قالت الأرض: يا رب ائذن لى أن أخسف بابن آدم الأرض فقد طعم خيرك، ومنع شكرك، وقالت السماء: يا رب ائذن لى أن أسقط كسفا على ابن آدم، فقد طعم خيرك ومنع شكرك، وقالت الجبال: يارب ائذن لى أن أخر على ابن آدم فقد طعم خيرك ومنع شكرك، وقالت البحار:يارب ائذن لى أن أغرق ابن آدم ن فقد طعم خيرك ومنع شكرك".
إذن كل العوالم التي سخرها الله تعالى للإنسان ضجت من معصيته وطالبت الله سبحانه وتعالى طالبة الإذن ان تفنى بنى آدم من الوجود جزاء له على معصيته، ويمضى الرسول مكملا (وهنا يقول الله تعالى: لو خلقتموه لرحمتموه، دعونى وعبادى فإن تابوا إلى فأنا حبيبهم وان لم يتوبوا فأنا طبيبهم).

إذن هي رحمة الله بخلقه تلك الرحمة التي جعلته يسخر لنا مافى الكون، ثم يمنع كل ما هو مسخر من أن يخرج عن طاعة الإنسان.. هذه هي رحمة الله وصبره على عباده وعدم مواجهة الإساءة بالعقوبة، وفتحه باب التوبة والمغفرة لكل نادم على معصية، وفتحه باب رحمته لكل عاص.
إن الله لم يأمر الأرض أن تهلك من فوقها بزلزال مدمر، ولم يأمر المياه أن تغرق الأرض ولم يأمر السماء أن تسقط كسفا على الناس.. بل منح كل هذا برحمته وفتح التوبة والمغفرة ووضح لنا منهج الحياة.. ومع ذلك فنحن نعصاه.

طريق الخير والصلاح 

وحينما نطالع آيات في القرآن لابد أن نستحضر كل المادة فتبين آيات فيها نفى وأخرى فيها إثبات مثلا الله يقول لرسوله صلى الله عليه وسلم (وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم) ثم يقول في آية أخرى (إنك لا تهدي من أحببت) فأثبتها له مرة ونفاها عنه مرة ولا يمكن أن يكون النفي والإثبات متعلقين بمعنى واحد في الهداية، بل الهداية هنا لها معنيان:
هداية بمعنى الدلالة، وهداية بمعنى المعونة، أما التي للرسول عليه السلام فهى هداية بمعنى الدلالة (وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم) أي تدل الناس وترشدهم إلى طريق الخير.

الجريدة الرسمية