رئيس التحرير
عصام كامل

مراقد آل البيت ومشاهد الصحابة في حضن الإهمال (7)

يحتل مشهد السيدة رقية مرتبة تالية من حيث الاهتمام، بعد مسجدي الإمام الحسين، والسيدة زينب، حيث جدد منذ فترة قريبة، وعلى الرغم من ذلك لم يحل ذلك دون سقوط الطبقة السفلي من الجدران داخل غرفة ضريح السيدة رقية، بسبب ارتفاع نسبة الرطوبة في القبة.

السيدة رقية التي تتشرف أرض مصر باحتضان رفاتها الطاهر، هي أصغر بنات الإمام الحسين من زوجته أم إسحاق، التي حضرت كربلاء، وشهدت السيدة رقية استشهاد أبيها وآل بيته، وأنصاره يوم عاشوراء.

 

القدوم إلى مصر

 

وبعد حضور السيدة رقية إلى مصر بصحبة السيدة زينب، وباقي سيدات آل البيت، صار منزلها قبلة للمحبين، والزوار، والمريدين، والعلماء أيضًا. وتوفيت السيدة رقية في السابع من شهر صفر سنة 61 هجري، وجدد المقام لأول مرة 1125 والمرة الثانية في عام 1399هـ، وظل مئات السنوات يتم تجديده من قبل الأهالي بالجهود الذاتية، وأخيرًا تم تجديد القبة في 2015 من قبل إحدى الجمعيات العاملة مع وزارة الآثار لترميم هذه المناطق.

 

ويضم مقام السيدة رقية قبة السيدة رقية وضريح السيدة زبيدة زوجة محمد المرتضي، ومقام محمد المرتضى، ومقام محمد الفرغلي، ومقام أسماء خدمة السيدة رقية، ومقام مجمع الأولياء.

 

مسجد السيدة رقية

 

ويقع المسجد في نطاق حي الخليفة، المشهور بمساجده التاريخية؛ حيث يجاور البوابة الموصلة إلى السيدة نفيسة، وبالقرب من جامع شجرة الدر. كما يقع بجوار المسجد، مقام ومسجد السيدة سكينة بنت الإمام الحسين، ومقام ومسجد سيدي محمد الأنور، عم السيدة نفيسة، وحفيد الإمام الحسن، إضافة إلى عدد غير قليل من مساجد الصالحين.

 

وأهم ما يلفت النظر في مسجد ومشهد السيدة رقية، هو المحراب الذي يعد قطعة زخرفية رائعة الجمال، ومن أهم ما يمكن للمشاهد رؤيته في المسجد أثناء دخوله في وسط الإيوان أمام المحراب الكبير، تابوت من الخشب محلى بزخارف بارزة جميلة، وكتابات كوفية مزخرفة اشتملت على آيات من القرآن الكريم وعلى تاريخ صنعه.

 

تطوير المسجد والمشهد

 

ومؤخرًا، تم تكليف محافظة القاهرة، بتطوير مسجد ومشهد السيدة رقية، ضمن المشروع القومي لتطوير مسار آل البيت. وأطلقت محافظة القاهرة مشروع إحلال وتجديد وتوسعة المسجد، وفق رؤية هندسية ومعمارية شاملة شارك فيها استشاريون ومصممون إلى جانب عدد من شركات المقاولات.

التطوير يمضي على قدم وساق، في مجهود غير منكور، وقد أوشكت الإنشاءات للمقام والمسجد على الانتهاء.

 

الشكل المزمع إقامته قريب الشبه بمسجد ومقام سيدنا علي زين العابدين، إلا أن تطوير مسجد سيدي علي زين العابدين، والذي جرى في عهد الدكتور أحمد فتحي سرور رئيس مجلس الشعب ونائب دائرة السيدة زينب الأسبق وقتذاك، لم يمس الضريح، بل أبقى عليه مع ترميمه، فقط، وتم بناء المسجد بأسلوب جديد تمامًأ، فهو يعلو الضريح، ويتم الدخول إليه عبر سلالم منفصلة عن مدخل المقام.. ووقتها تم إزالة بعض المقابر العشوائية، فحسب.. وكانت النتيجة رائعة.

في حالة السيدة رقية، تم هدم الضريح، والأضرحة المجاورة له، تمامًا، مع هدم القبة الأثرية شديدة الروعة، وبذلك تم تدمير تاريخية المكان، ومحو أثريته، وبناء قبتين جديدتين تمامًا، وإنشاء مسجد بديع بجوار القبتين. أنا على يقين بأنه ليس في الإمكان أبدع مما كان، لكن ثمَّ حزنًا في النفس، وأسى وأسف، على ما ضاع من نقوش وآثار جميلة.

الجريدة الرسمية