رئيس التحرير
عصام كامل

خطة الإخوان لاستغلال أزمة تونس في تحريض الغرب على دول المنطقة

راشد الغنوشي.. زعيم
راشد الغنوشي.. زعيم الإخوان في تونس

خطة جديدة تحبكها الآن مراكز الدعاية الإخوانية داخل أوروبا، لإنتاج دعاية مضادة ضد دول وبلدان المنطقة العربية المعادية لها وتتخذ مواقف موحدة ضدها، وهذه المرة تحاول بكل الطرق استغلال ما يحدث في تونس، للتأكيد على أنهم الأكثر حرصا على الديمقراطية، والأكثر احتراما للمؤسسات.

فصل السلطات
ووفقا لمصادر “فيتو” فإن الإخوان تدلل على روايتها بما أنتجته من قوانين ترسخ للفصل بين السلطات في تونس، بغض النظر عن الإخفاقات المتتالية لهذه القوانين في تحقيق آمال وطموحات الناس، وهذه الرواية تعمل على تسويقها على نطاق واسع، وتسوق بجوارها روايات أخرى تزعم إدارة مصر لمستقبل بلدان الربيع العربي، وآخرهم تونس.

وهي رواية ساذجة بامتياز وعارية من الصحة، بخلاف أنها تتعامل مع السيادة الوطنية للدولة باستخفاف يؤكد على ضعف العقلية الإخوانية وانهزاميتها، لم تثبتها أي مؤسسة إعلامية أو بحثية أو حتى أمنية في العالم، إلا المواقع المحسوبة على الإخوان والتيارات الدينية في المنطقة ذلك.


وذكرت المصادر أن الإخوان تضع آمالا عريضة على قدرة المراكز البحثية المتعاقدة مع الإخوان، في تسويق رواية الجماعة عن قصة صعودها مع السلطة، وتركز على تفاصيل تتصور أنها تؤهلها للاستحواذ على احترام الجماعات المعنية بالديمقراطية ومراكز صنع القرار في كبري البلدان الغربية، وتكثف الإخوان روايتها عن ربط ما يحدث في تونس والضربة المزدوجة التي وجهها الرئيس قيس سعيد لحركة النهضة الإخوانية  وأصبح على بعد خطوات من اقتلاعها من جذور الدولة التونسية، بفترة ولايتها السياسية القصيرة، والتي أطاح فيها المصريون بالرئيس الإخواني محمد مرسي عام 2013 في ذكرى مرور عام على انتخابه.

 

الحس السياسي للغرب
وأضافت: تلعب الإخوان على الحس السياسي للغرب، بإعادة تسويق تحالفاتها السياسية للتأكيد على أنها جماعة سياسية بامتياز، وتركز على نسب يحترمها العقل الغربي، مثل حصولها على 38 % من أصوات الناخبين في الانتخابات البرلمانية 2011، مما يعني الأجدر من كل التيارات التي تحترم الصندوق والإجراءات السياسية، لكن تغفل الجماعة أن هناك روايات أخرى أصبح يعرفها الغرب عن ظهر قلب بحسب العديد من المصادر، وتشير جيدًا للأسباب الحقيقية لإسقاط الإخوان في كل بلدان المنطقة، بجانب الأسباب الموضوعية لانقراض جماعة دينية كانت قوية في يوم من الأيام وتنافس على كل مواقع السلطة.


ووفقا للمصادر، تلعب الجماعة على طرف خيط تتمسك به دائما، وهو امتلاكها لرؤية إصلاحية للإسلام، وتحاول تسويق نموذجها باعتباره مدنيا، دون أن تلفت الجماعة لمشكلة جوهرية في هذا النموذج، وهي التركيبة الخطرة لأي سياسي خارج من عباءة الإسلام السياسي عموما، والإخوان خاصة، وسعيها لتأسيس دولة بنمط استبدادي يتحامى في الشرع والدين. 


تجهل الإخوان أن كل بلدان العالم أصبحت تكافح الحركات الإسلامية وتمنعها من الاستقرار والاستمرار في تأسيس ثقافة وحياة موازية على أراضيها، وكل نقاشاتها مع دول المنطقة حول الإخوان تتمحور حول ضمان معاملة قانونية وحقوقية لهم وليس أكثر من ذلك.


لكن لا أحد أصبح مقتنعا بإعادة الإسلام السياسي للسلطة، والاستمرار في خطة الاختراق القديمة لتأسيس أنظمة متحالفة دينيا، تجمع بين الانغلاق والتسلط الديني كأداة للبقاء في السلطة لأطول وقت ممكن. 


تجهل الإخوان أيضا، بحسب المصادر، أن العالم والمراكز البحثية المعنية تعرف جيدا أن الجماعات الدينية بشكل عام لا يمكنها البقاء ما لم تصبح قوية بما يكفي للسيطرة على مؤسسات الدول بالكامل، وهي مخاوف حقيقية لا يمكن للغرب التدخل مرة أخرى لضمان تغير الفكر الديني لهذه الجماعات، ودفعها للإيمان بالدولة المدنية الكاملة ومجتمع المواطنة الذي لا يفرق بين أبنائه على أساس الدين أو الفكر.  

الصندوق الانتخابي
ويقول محمد عبد الغني، الباحث في شئون الجماعات الدينية: إن جهود الإسلاميين تتلخص في السعي للسيطرة على مؤسسات الدول عبر الصندوق الانتخابي، ويؤكد أنهم يستطيعون النجاح في البداية بسبب صدمة المجتمع من تخطيهم كل معارضيهم، لكن مع الوقت تحدث هذه السيطرة رد فعل عنيف، يقلّب عليهم النخب السياسية ومؤسسات القوة، وهذه الفرضية يعرفها الغرب جيدا ويؤمن بها، على حد قوله.

يضيف: كل بلدان المنطقة ترى هذه الجماعات ضد الدول ومستقبلها، ولن تسمح لها بالعودة مرة آخرى، ولن ترضخ لأي ضغوط لإعادة تسريبهم داخل الحياة الاجتماعية، بما يمكنهم مرة آخرى من تأسيس منظمات مجتمع مدني تعيد الحياة لأفكارهم ومشروعهم من جديد.


لفت الباحث إلى صعوبة تحديد أجندة سياسية صريحة لهذه التيارات بسبب استمرار تنظيماتها السرية وعدم إجرائها مراجعات حقيقية تنقي أفكارها، وتعزل الأجيال الكبرى عن مراكز صنع القرار، وتنهي على مسيرة الجماعة وتنظيمها السري، وتتحول لممارسة السياسية بخطاب سياسي صريح لايقتات من المتاجرة بالدين، على حد قوله. 


أضاف: الجماعة ترفض المساس بهيكلها حتى الآن، وترفض تذويبها في كيان جديد يحمل أفكار أكثر اعتدالا تعترف بأخطاء الماضي، وهذا وحده كفيل بإجهاض كل الخطط التي تدفع فيها مئات الملايين من الدولارات سنويا على اللا شيء. 


استكمل: الإخوان ستعمل في كل بلدان المنطقة حال عودتها على تدشين دولة عميقة تنمو من أسفل على أمل استغلال أي ثغرة ثم الإعلان عن أنفسهم سريعا باستخدام نفس الشعارات القديمة التي لا يملكون غيرها.  


يوضح الباحث أن التيارات الدينية وفي القلب منها الإخوان وهي تسوق نفسها كل شهر دعاية جديدة على أمل دفع الغرب للضغط على البلدان العربية، لازالت تتعامل مع الدين باحتكار شديد، وتدير منظومة التواصل الاجتماعي لدفع المجتمعات العربية للبقاء في عزلة تامة.

مخاوف فقهية
اختتم الباحث مؤكدًا أن كتائب الإخوان تعمل حتى الآن على ضخ مخاوف فقهية عبر فتاوى تقنع العوام بأهمية استمرار الدين حكما على المسلمين، من أخلاق الحمامات إلى الحكم، على حد وصفه لاستمرار التربة متشبعة بأفكارها، لافتا إلى امتلاكها استراتيجية كاملة لاختراق القضاء والجيش والشرطة وكل مؤسسات الدولة، التي يجب أسلمتها وهذا هو الهدف النهائي لهم، والذي قد يتحقق بعد عقد أو بعد 50، وتعلمه كل أجهزة الأمن في العالم، على حد قوله.

 

نقلًا عن العدد الورقي…

الجريدة الرسمية