رئيس التحرير
عصام كامل

العمل الفني القاتل وزلزال النصف قرن!

الطالب الفاشل.. ظاهرة موجودة في مصر كما هي في كل مدارس ومعاهد العالم.. شلة الطلبة الخارجة عن سياق الدراسة والتعليم موجودة في مصر كما في كل العالم.. في مصر حولت مناقشة الظاهرة إلي مسرحية شهيرة وفيلم سينمائي يحمل عين العنوان عرضا قبيل منتصف السبعينيات وكلاهما كتبه علي سالم الشهير بالتطبيع مع العدو! وقتها ضحك الناس واعتبروا العملين نموذجا في الكوميديا إلا من عدد من خبراء التعليم ومعهم رموز النقد الفني ممن حذروا من تأثير ذلك علي الأخلاق في البلاد وعلي التعليم ذاته! 

 

تحطيم المقدسات

 

وبعدها لم تتعرض مسرحية للهجوم كما تعرضت مدرسة المشاغبين! التي أتت أصلا فكرتها منقولة أوروبيا لعملين شهيرين الأول هو "إلى سيدى مع حبى" والثاني "الصعود من سلم الهبوط" وكانا قبل العملين المصريين بسنوات قليلة أي إنها كانت ظاهرة في جيل واحد تقريبا  لكن ناقدنا ومؤرخنا الفني الكبير محمود قاسم يبرز الفرق بين التناول والمعالجة والرسائل هنا وهناك، وكيف كان الفرق بين الشغب في المدارس البريطانية وبينما كانت البلطجة في المدرسة المصرية إلي حد الاعتداء علي المعلمة وتمزيق ملابسها فضلا عن الألفاظ الخارجة والجنسية المباشرة وبالإيحاء! 

 

وبعيدا عن أن العملين تحولا إلي عملين وليس ل ١٨ مرة! وبلا خجل! وكأنها سيرة مقدسة! لكن ننقل من مقال لـمحمود قاسم السطور التالية حرفيا كان كتبها في "الشروق" بعنوان المسرحية الشهيرة حيث يقول: 

"وأكتب عن هذه الظاهرة بامتعاض شديد، وهى موجودة في بلادنا منذ نصف قرن ساعدت في تحطيم المقدسات البالغة الأهمية في حياتنا، خاصة فى مجال التعليم الذى يجب أن نمر به جميعا لسنوات طويلة يتم فيها تكويننا العقائدى والثقافى والاجتماعى، ويكون في حياتنا قدوة أو أكثر منهم العاملون بالتعليم سواء المعلم أو المدير أو الناظر، فإذا بالفن يتكالب لهدم جميع ما تعلمناه بقوة من خلال أكثر من عمل فنى مغموس بقدر كبير من العسل أو الضحك..

 

إنها مسرحية «مدرسة المشاغبين»، والفيلم السافل الذى يحمل الاسم كتبه نفس المؤلف وقام ببطولته كبار نجوم السينما فى تلك الفترة علما أن المسرحية صنعت من ممثليها النجوم الأكبر فى جميع مجالات الفن، ما شجع على تفاقم لظاهرة الإفيهات السيئة التى نعيشها، فقد بدأت بتكسير الهالة الكبرى التى كنا نحتفظ بها لكل من هو قدوة" !

 

 

انتهي التعليق المقتبس من أهم مؤرخ وناقد فني مصري الآن متعه الله بالصحة لكن بقي أن تعرف إن هذه السطور لم تكن نقدا للمسرحية الشهيرة في أواخر السبعينيات ولا منتصف الثمانينيات ولا أواخر التسعينات ولا نهاية الألفينيات.لا لا.. كان في العام ٢٠٢٠ حيث نعاني وتعاني مصر ويعاني التعليم فيها من أثرها حتى اليوم!!

بالطبع كل من ضحكوا وأيدوا المسرحية وقتها وقالوا "وإيه يعني.. مش الظاهرة دي موجودة.. هو إحنا ليه نحط راسنا في الرمال" كلهم.. جادلوا في المسلمات.. كلهم بلا استثناء اختفوا خجلا وجبنا! 

الجريدة الرسمية