رئيس التحرير
عصام كامل

إهانات الهام شاهين!

كنا نحترمها في مواجهة المتطرفين وقوى الظلام التي تتربص بها لا لشيء إلا لدعمها الدولة المصرية وكنا نقدرها لدعمها للشقيقة سوريا في محنتها وزيارتها للأشقاء كتعبير عن تضامن شعبنا وفنانينا مع أهلنا هناك.. أما اليوم فندعو علنا لمحاكمتها بتهمة إهانة الملايين من المصريين الذين آمنوا بالسينما النظيفة وانتصروا لها وكانوا سببا في شهرة مني زكي نفسها وأحمد حلمي نفسه، وقد ذهبوا بالرضا الكامل وأسرهم مطمئنين إلى السينما لمشاهدة "صعيدي في الجامعة الامريكية" و"أفريكانو" و"أبو علي" و"أولاد العم" و"الناظر" و"٥٥ إسعاف" و"عسل إسود" و"كده رضا" وغيرها وكانت أفلام ناجحة.. وفق ما تتطلب حدوتة الفيلم لا ابتذال ولا خروج عن مقتضيات العمل ولا نعتقد أن شعبنا كان في  تخلف وهو يدعم هذه الأعمال ولا كان أحمد حلمي وزوجته في تخلف وهما يقومان ببطولتها!

 

تضرب إلهام شاهين المثل بفيلم "الحرام" كدليل على وجود أعمال في الستينيات بها اغتصاب لسيدة والإنجاب في الحرام! ولأن إلهام شاهين لم تنتبه للفيلم جيدا فلم تستوعب أن عملا عظيما من أهم أعمال السينما المصرية في تاريخها كتبه عميد القصة يوسف إدريس وكتب سيناريو الفيلم واحد من أهم كتاب السينما في تاريخ مصر سعد الدين وهبة وأخرجه العظيم بركات يناقش ظلم الفلاح قبل ثورة يوليو وكيف يعيش في إذلال دائم وسطوة بعض الإقطاعيين ممن اغتصبوا الأرض والعرض ومع ذلك فهم المشاهد ما جرى دون أي إسفاف ولا ابتذال ولا حرف خارج واحد والفيلم كله دليل ضد ست إلهام وليس العكس!

 

جرس إنذار

 

وفي الستينيات لن تحدثنا إلهام شاهين عن سلسلة أفلام شادية وصلاح ذو الفقار ولا عن صباح وليلي مراد مع محمد فوزي وغيرها وكيف يمكن تصنيفها؟ صحيح ناقشت السينما موضوعات حساسة جدا لكن العبرة بالمقصد وبالتناول.. كانت الأفلام تقدم أجراس إنذار كما في فيلم إحنا التلامذة، أو تقدم حلولا كما في فيلم أنا حرة.

  

ضرب المثل بعمارة يعقوبيان يؤكد منطق المعارضين لفيلم مني زكي من أن هذه الموجة بدأت من وقتها ثم مرت ببعض الأعمال الدرامية على الشاشة الصغيرة للأسف -وكلها هاجمناها ورفضناها- وكلها كانت مسيئة للمجتمع المصري وصورته وشكل المرأة المصرية تشجع على الانحلال ولا تحذر منه ولا تكشفه كما كانت الدراما تفعل طوال تاريخها!

 

الزعم بوجود حالات في المجتمع كأبطال الفيلم فهل توافق الهام شاهين علي أفلام عن الإلحاد؟! وعن جرائم المحارم؟! دون معالجة لمصلحة المجتمع؟! كما أن الاستدلال بفيلم حمام الملاطيلي السقطة الوحيدة في التاريخ المجيد لمخرج الواقعية العظيم صلاح ابو سيف دليل عليها وليس معها حيث موجة أفلام المقاولات في سينما السبعينيات وأعمال عديدة كسرت حواجز عديدة في السينما والمجتمع مثل المذنبون وإمرأة ورجل والعاطفة والجسد وغيرها حيث المشاهد الساخنة تتغلب على الموضوع والمضمون والتناول في سباق محموم على الإيرادات ولم تنج من هذا التيار إلا بعض الأعمال عن حرب أكتوبر وبعض أعمال يوسف شاهين مثل العصفور وعودة الابن الضال وبعض الأعمال الاجتماعية مثل أريد حلا وإمبراطورية ميم!

 

 

أي تخلف الذي تتحدث عنه إذن الهام شاهين؟ وأي تخلف هذا الذي تقصده؟ ولماذا لم تعبر عن آرائها باحترام مخالفيها؟ أم أن الحرية فقط أن يفعلوا ما يشاءون وحدهم دون حسيب أو رقيب أو محتج؟! 

رفقا بمجتمعنا.. يكفيه ما فيه.. حتى شكل الجريمة فيه تغير.. ولذلك نردد مع يوري بي مانوف رجل المخابرات الروسي الشهير المتخصص في إسقاط الدول سلميا حين قال: "إسقاط الدول يبدأ باستهداف عدة منظومات تستغرق في حدود العشرين عاما. البداية لا تكون باستهداف منظومات القانون ولا التعليم.. دورهم تالي إنما البداية باستهداف منظومة الأخلاق"!

ارحموا مصر!

الجريدة الرسمية