رئيس التحرير
عصام كامل

سيناريو الخروج من الأزمة الاقتصادية

بدأت أزمة التضخم العالمي في التنامي عالميا مع الحرب التجارية القائمة بين أمريكا والصين، وتعمقت بعد أزمة كورونا التي ألقت بظلالها على كل الأسواق والشركات الكبرى، وتركت آثارًا على سلاسل الإمداد والتوريد، وعلى قدرات الأسواق في التوازن بين العرض والطلب، نتيجة توقف عجلة التشغيل والإنتاج على مدار 20 شهرًا بسبب جائحة كورونا، كما أن إرتفاع أسعار الطاقة بشكل شبه مضاعف،  يؤثر على النمو الاقتصادي ويجر خلفه ارتفاعات في أسعار الغذاء والنقل والمواد الأخرى.

 

ويضاف لتلك العوامل أيضا ارتفاع نسب التضخم، والتي تجاوزت مستويات غير مسبوقة منذ ثلاثة عقود في أميركا، مع ارتفاعه أيضا حول العالم، إضافة إلى زيادة نسب البطالة، وارتفاع الديون بشكل حاد بسبب جائحة كورونا. وما يزيد الكارثة أن التشابك الواضح بين الدول في الأزمة الحالية يجعل البنوك المركزية تجرى حسابات معقدة لاتخاذ قرارات مناسبة بشأن مستقبل أسعار الفائدة، لإيجاد أفضل السبل للخروج من الأزمة الحالية، وفي نفس السياق الأسواق تتعرض لضرر واضح جراء النقص في الخامات اللازمة لعمليات الإنتاج، وهذا يعني مزيد من الارتفاعات في الأسعار العالمية الفترة المقبلة وصعود مستمر لمؤشر التضخم.

 

معدلات التضخم

 

أما المخاطر المتوقعة في 2022  فهي مرتبطة بمدى قدرة البنوك المركزية على التحكم في الاقتصاد العالمي وأسواق المال، مع تواصل نسب التضخم المرتفعة وسط سياسات معارضة لرفع سعر الفائدة في أوروبا تحديدا.. وبموازاة إرتفاع التضخم سوف تضطر البنوك المركزية الكبرى لرفع سعر الفائدة في الربع الثاني أو الثالث من العام، وسنرى تقلبات وتذبذبات بأسواق المال، ومن الممكن أن يحدث انخفاض في النمو العالمي، قد يصل إلى حد الركود..

 

وهو مرتبط بطبيعة السياسات المالية والاقتصادية المتخذة وهناك ثلاثة عوامل دفعت إلى ارتفاع معدلات التضخم على النحو الراهن، أولها ضخ السيولة من قبل الحكومات المركزية، وكذا الدعم المباشر من الحكومات خلال أزمة كورونا لمحاولة التعافي الاقتصادي والحفاظ على النمو، وثالث تلك العوامل مرتبط بالاختناقات في سلاسل التوريد، والتي من المتوقع أن تستمر في 2022.

 

ومن الطبيعي أن تتأثر مصر لأنها ضمن الاقتصاد العالمي، وقد شاهدنا الفترة الأخيرة إرتفاع أسعار بعض السلع خاصة السلع الغذائية مثل القمح، لأننا دولة مستوردة للعديد من السلع الغذائية، وبالتي فإن تكلفة السلع المستودة مع تكاليف الشحن ستؤثر على جميع دول العالم وليست مصر فقط. ومعني تزايد التضخم هو تناقص القوة الشرائية للعملة المحلية، وهو ما يؤثر علي تكلفة المعيشة مما يؤدي في النهاية إلي تباطؤ النمو الاقتصادي، علما بأن زيادة أسعار السلع العالمية  لها تأثيرها السلبي علي زيادة الأسعار في مصر حيث أن فاتورة الإستيراد المصرية تجاوزت ال 60 مليار دولار..

 

تخفيض سعر الصرف

 

 لذا فقد آن الآوان لإعادة النظر في سعر صرف الجنيه المصري مقابل العملات الأجنبية الأساسية.. لأنه حاليا مقوم بأعلي من قيمته.. بل وأحيانا إرتفاع قيمة الجنيه مقابل الدولار في حين أن الميزان التجاري في حالة عجز واضح ومعدل التضخم في مصر أعلي من معدلات تضخم الدول الأخري منذ ٢٠١٢ حتي اليوم.. ولذلك فإن تثبيت سعر الصرف في وقت يكون تخفيضه تدريجيا أمر تحتمه الإعتبارات الموضوعية الاقتصادية لتحريك وزيادة الصادرات وخفض الواردات وتشجيع السياحة..

 

ومن جهة أخري يجب على المواطنين تجنب تخزين السلع الأساسية، حيث أن زيادة الطلب سيترتب عليها إرتفاع السعر، كما أنه يتوجب على الدولة أن تتبع إجراءات احترازية لتسيطر على الأزمة وتقلل من آثارها السلبية، مثل تفعيل الأمن الغذائي ودعم الفلاح المصري، وزيادة الإنتاج الزراعي بقدر المستطاع وتوفير مدخلات الزراعة من مبيدات وأسمدة وتقاوي. 

 

 

كما يجب توفير زريعة الأسماك للمسطحات المائية، ما يترتب عليه توفير الاحتياجات الأساسية للمواطنين من السلع والمنتجات الغذائية المهمة والرئيسية، وترشيد الإنفاق الحكومي أصبح ضرورة ملحة، بالإضافة إلى الإهتمام بالقطاعين الزراعي والصناعي فلابد من دعم القطاع الصناعي والتعامل بحرص مع أسعار الطاقة وتثبيت أسعارها، ما يعطى ميزة تنافسية للصناعة المصرية، والتركيز على برامج الحماية الاجتماعية لأهميتها في تلك الظروف الراهنة، لأنها المنوط بها تعويض المواطنين بقدر المستطاع عن إرتفاع الأسعار.

الجريدة الرسمية