رئيس التحرير
عصام كامل

من الطفولة للزعامة.. محطات في حياة عبدالناصر بوطنه الأصغر «بني مر»|فيديو

منزل جمال عبد الناصر
منزل جمال عبد الناصر ببني مر

“وإذا التقيت بكم وشعرت أننى ألتقى بأهلي في هذا الوطن الأصغر؛ فى بنى مر، فإنما أشعر أننى ألتقى بأهل الوطن جميعًا؛ الوطن الأكبر الذين يمثلون الغالبية العظمى من أبناء هذا الوطن".

“الوطن الأصغر”.. هكذا صور الزعيم جمال عبد الناصر بلدته الصغيرة في صعيد مصر بني مر التابعة لمحافظة أسيوط ووصفها رغم ضآلة حجمها بالكبر في إحدى زياراته لها ليعبر عن تبجيله واحترامه لأصوله الصعيدية وجدوده وعشقه لمنزله ولقريته طفلا، وحينما استقبلته بكباشبي وحتى بعد أن صار رئيسا وقائدا وزعيما.

حالة من الصدمة في مصر والوطن العربي

تحل علينا اليوم الثلاثاء، الذكرى 51 لرحيل الزعيم جمال عبد الناصر، الذي رحل عن عالمنا فى يوم 28 سبتمبر من عام 1970، تاركا خلفه خسارة كبرى شعر بها الشعب المصري بصفة خاصة، وشعوب العالم العربى عامة.

ففي يوم 28 سبتمبر من عام 1970 وتحديدا بعد انتهاء القمة العربية عانى الزعيم جمال عبد الناصر من نوبة قلبية ونقل على الفور إلى منزله، حيث فحصه الأطباء وتوفى بعدها بعدة ساعات، وبعد الإعلان عن وفاته، عمت حالة من الصدمة فى مصر والوطن العربى وحضر جنازته فى القاهرة ما يزيد عن خمسة ملايين مشيع.

وترصد “فيتو” خلال هذه الذكرى مكانة منزل عائلة جمال عبد الناصر بقرية بني مر والذي يظل شاهدا حتى تلك اللحظة على زيارته لجده ولقاء الضباط الأحرار هناك مرات ليكون أحد محطات زعيم قاد حركات التحرر فى مختلف دول العالم، وقدم نموذجا يحتذى به فى الاستقلال والإخلاص للوطن.

شهدت قرية بني مر ومنزل عائلة عبد الناصر زيارة الزعيم في عدة مرات طوال ٤ مراحل من حياته بدأت منذ كان طفلا وانتهت به رئيسا للبلاد فرغم انه ولد بالإسكندرية في ١٥ مايو ١٩١٨ بحي باكوس إلا أنه لم ينس يوما أصوله الصعيدية في الصعيدية وعائلته العريقة التي تضرب جذورها في قلب الصعيد وخاصة محافظة أسيوط حيث موقع ولاده أبيه وأجداده فظلت في ذاكرته رغم انتقال أسرته للعيش بالإسكندرية ثم للقاهرة حتى وفاته.

في قرية بني مر الصغيرة بمركز الفتح بوسط الصعيد وبمنزل من الطوب اللبن كان يملكه فلاح قوي يدعى الحاج حسين خليل سلطان جد الرئيس جمال عبد الناصر عادت أسرة الزعيم جمال للعيش فيه وهو طفل في عمر ال٣ أعوام عام ١٩٢١م ونقل مع والده الإسكندرية مرة أخرى ومنها للقاهرة التى التحق فيها بالمدرسة الابتدائية.

وللمرة الثانية يقرر الحفيد زيارة منزل جده ولكن لوضع نواة وبذور ثورة عظيمة غيرت مجرى التاريخ وبالفعل ثورة ٢٣ يوليو وكانت اجتماعات الضباط الاحرار بعيدا عن أعين البوليس السياسي واعين الملكية فحول الحفيد منزل جده البسيط لأحد أهم معالم الثورة.

وعقب ذلك وحينما بدأت مصر عهدا جديدا استقبلت قرية بني مر حفيدها برتبة بكباشي وبالتحديد في ٢٤ من مارس عام ١٩٥٣ أثناء استقبال اللواء محمد نجيب رئيس الوزراء وقال حينها عبد الناصر موجها كلامه لنجيب "باسم أبناء هذا الإقليم أرحب بك من كل قلبى، وأعلن باسم جميع الفلاحين أننا آمنا بك، فقد حررتنا من الفزع والخوف، آمنا بك مصلحًا لمصر ونذيرًا لأعدائها.

سيدي القائد:

باسم الفلاحين أقول: سر ونحن معك، جنود لك، فقد حفظنا أول درس لقنتنا إياه، وهو أن تحرير مصر أمر واجب، وخروج قوات الاحتلال عن بلادنا أمر لابد منه. إننا نستبشر لمصر، بعد أن رأينا تعاليمك قد وصلت إلى أقصى الصعيدإن مصر كلها تناصرك للقضاء على قوات الاحتلال" ورد عليه نجيب وقتها.. يكفي بني مر فخرا انها أنجبت عبد الناصر 
فكانت بني مر حينذاك جزوة نار لمواجهة الاحتلال"


 

في قرية بني مر الصغيرة بمركز الفتح بوسط الصعيد وبمنزل من الطوب اللبن كان يملكه فلاح قوي يدعى الحاج حسين خليل سلطان جد الرئيس جمال عبد الناصر عادت أسرة الزعيم جمال للعيش فيه وهو طفل في عمر ال٣ أعوام عام ١٩٢١م ونقل مع والده الإسكندرية مرة اخري ومنها للقاهرة التى التحق فيها بالمدرسة الابتدائية.

 

:

باسم الفلاحين أقول: سر ونحن معك، جنود لك، فقد حفظنا أول درس لقنتنا إياه، وهو أن تحرير مصر أمر واجب، وخروج قوات الاحتلال عن بلادنا أمر لابد منه. إننا نستبشر لمصر، بعد أن رأينا تعاليمك قد وصلت إلى أقصى الصعيدإن مصر كلها تناصرك للقضاء على قوات الاحتلال" ورد عليه نجيب وقتها.. يكفي بني مر فخرا انها أنجبت عبد الناصر 
فكانت بني مر حينذاك جزوة نار لمواجهة الاحتلال"

IMG_٢٠٢١٠١١٥_١٥٤٢١٥
IMG_٢٠٢١٠١١٥_١٥٤٢١٥


لم تنته زيارات عبد الناصر لبلدته الصعيدية حتى بعدنا صار رئيسا لمصر وللقومية العربية وتكررت ففي رحلته للوجه القبلي في ٤ من يوليو عام ١٩٥٥ زار مركز أبنوب وقرية بني مر واجتمع بأهل قريته ومكث بضع ساعات بمنزله وفي خطبته الشهيرة انذاك اطلق لسانه فخرا ببلدته قائلاإ

أخوانى أهالى بنى مر:

أشعر بالفخر من كل قلبى ومن كل روحى الآن وأنا موجود بينكم؛ وأنا موجود بين أهلى أشعر بفخر كبير وأشعر بشرف عظيم؛ فإنكم لستم إلا رمزًا للغالبية العظمى من أبناء هذا الوطن، وإن بنى مر ليست إلا رمزًا للوطن الأكبر، وإذا التقيت بكم وشعرت أننى ألتقى بأهلى فى هذا الوطن الأصغر؛ فى بنى مر، فإنما أشعر أننى ألتقى بأهل الوطن جميعًا. 

وتابع إخوانى:

لا يحق لى أن أشكركم على هذا الاستقبال أو هذه العواطف، ولكنى أرى الواجب يحتم على أن أعاهدكم كابن من أبناء بلدتكم؛ أعاهدكم - يا أبناء بنى مر - أن أعمل دائمًا على رفعة هذا الوطن،... أعاهدكم هذا من كل نفسك ومن كل قلبي، وأقول لكم إن جمال ابن بنى مر سيبقى دائمًا ابن بنى مر، أقول لكم هذا لن يغير ما فى نفسى أبدًا، ولن يغير ما بقلبى أبدًا. كلكم عارفين الحاج حسين وعارفين ولاد الحاج حسين، احنا باستمرار هنبقى كده، جمال ابن عبد الناصر ابن الحاج حسين... أنا - بإذن الله - سأجعلكم دائمًا جميعًا تفتخرون بالشرف، وتفتخرون بالعزة وكانت تلك هي المرة الأخيرة.

وحتى بعد وفاة الزعيم عبد الناصر زارها السادات حينما كان رئيسا لتقديم واجب العزاء في الزعيم بمنزل العائلة وكررها أكثر من مرة وزارها أيضا الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك حينما زار محافظة أسيوط.

وبرغم الأهمية التى يحظى بها منزل الزعيم جمال عبد الناصر بمحافظة أسيوط والذي كان قبلته طفلا وشابا بكباشي ورئيس قائدا وزعيم الا انه اضحى مثالا واضحا في الإهمال والتجاهل من قبل المسئولين ورغم صموده طوال اكثر من ١٢٠  عام منذ انشائها الا ان الشروخ والتشققات سيطرت عليه فاحتلت القمامة والمخلفات منزل الزعيم الذي طالما حارب الاحتلال والمحتلين وأضحى المكان ملاذا للحيوانات الضالة وقاب قرب قوسين او أدنى من الانهيار والسقوط رغم ذكره في الإعلام عشرات المرات ومطالبات أهل القرية مئات المرات بترميمه والاعتناء به والاستفادة منه وتحويله لمزار سياحي.

تعرض المنزل في الآونة الأخيرة للشروخ والتصدعات من الداخل وبين الجدران  فهدمت أجزاء منه ووضعت أمامه حواجز وتحذيرات للمواطنين خوفا على أرواحهم من أن ينهار على رؤوسهم.

الجريدة الرسمية