رئيس التحرير
عصام كامل

رضا.. شريف

أتناول في هذه السطور إعلاميين، نموذجين للنجاح، كلما شاهدت أو سمعت أحدهما أتذكر قدرة الله، وكرمه، وحكمته في خلقه.. الأول نجاح وكفاح وشجاعة منقطعة النظير. والثاني صبر ومثابرة وإصرار.

الأول هو رضا عبد السلام، المذيع المتميز، الذي أختير رئيسًا لشبكة القرآن الكريم لكفاءته، ولم تحل إعاقته دون تبوئه المنصب، لكن لو أننا في غير زمن الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي قلب الموازين في عديد من جوانب الحياة في مصر، لما نالها رضا.

أعترف رضا عبد السلام  بنفسه بذلك، حين عبر عن فخره الشديد بتعيينه أول رئيس لشبكة القرآن الكريم من متحدي الإعاقة في مصر، قائلا “إنّ الرئيس عبدالفتاح السيسي له دور كبير في هذا التعيين، لاهتمامه البالغ بمتحدي الإعاقة وأصحاب القدرات الخاصة منذ توليه مقاليد الحكم..

 

البعض كان ينظر في السنوات الماضية إلى الشخص بصورته وهيئته ويقيّمه على هذا الأساس، لكن الأمر الآن مختلف، فالشخص يقيّم بمجهوده وقدراته على التغيير والتصحيح، هذا الأمر ليس في الإذاعة المصرية فقط، بل في جميع مؤسسات الدولة المصرية".. انتهى كلام رضا عبد السلام.

وإن كانت الدولة المصرية قد عدّلت عددًا من القوانين لتعزيز حقوق أصحاب القدرات الخاصة وذوي الهمم في المجتمع، إلا أنهم ما زالوا ينتظرون الكثير والكثير من الرئيس والحكومة.. وقد فصلت ذلك في أكثر من مقال.

صبر شريف مدكور

أما الإعلامي شريف مدكور، مذيع "البرامج اللايت" على بعض القنوات الخاصة، فإنه مثال حي لـ "التوجع بالحمد"، وأسأل الله أن يشفيه شفاءً لا يغادر سقمًا؛ حيث أصيب بمرض السرطان، في القولون، ثم بمرض مناعي، وأخيرًا بالصفراء.. أي إنسان هذا وأية قوة منحه الله إياها. لو أن إنسان سواه أصيب بمرض واحد من تلك القائمة المرعبة لانتهت حياته تمامًا.

الأغرب في حالة شريف مدكور أنه ينظر إلى جوانب مغايرة لما نعرفه عن المرض، فهو مثلا يرى أن "الكيماوي" لم يؤثر على شعره بالسلب فيجعله يتساقط، بل جعله أكثر نعومة وجمالًا.. يا الله! كم أنت شديد اللطف بعبادك.. تعين كل مبتلى على تحمل الابتلاء.

شريف مدكور يقول عن تجربته مع السرطان: "باشوف السرطان لما بييجي للواحد بيغير شخصيته للأحسن، وكان لي السرطان اختبار وهدية حلوة من ربنا، وكنت باحاول أغير مفهوم المرض عند الناس، هو أي مرض وحش وأي حد بيشوفنا وعنده سرطان أو لسة مكتشف إصابته بالمرض، الطب تقدم وأهم حاجة النفسية مع المرض ده، ولازم يكون عندك إيمان بربنا ونفسك أنك هاتخف".. "شكرا يارب أنه أدتني المرض علشان اكتشف نفسي أكتر فمناخدهوش بطريقة مرعبة، وأنا فعلا ماتصدمتش من المرض، ولما عرفت رحت كملت شغلي عادي، لأني لما كنت قبلها بأربعة أشهر باعمل عمرة، وطلبت من ربنا أي رسالة أنك بتحبني، وجالي السرطان وشفت حب الناس". هكذا إعتبر شريف مدكور السرطان، الاسم المرعب، رسالة من الله بأنه يحبه.

نماذج مضيئة

الهدف من الكتابة عن رضا عبد السلام، المذيع المتمكن، أن الدولة يجب أن تزيد من اهتمامها بذوي الاحتياجات الخاصة "ذوي القدرات الخاصة"، وأن تحذف مصطلح "معاقين" من قواميسها.. وأن تهتم بإتاحة جميع الخدمات والمرافق لهم، وأن تغير الثقافة المجتمعية تجاههم، فأنا أعرف الكثيرين منهم يفوقون الأصحاء المعافين في الكثير من المواهب والإمكانيات، وليس محمد شعراوي، أول مدرب كمبيوتر كفيف، وزوجته، ومحمود بسطاويسي، الصحفي المجيد، ومعد البرامج البارع إلا نموذجين من مئات، بل وآلاف.

أما شريف مدكور، فرغم أني لست من متابعيه، إلا أنه يضرب به المثل في الصبر وحسن الحمد، وعدم الشكوى.. ترانا نتأوه من أبسط الإصابات وأقل الجروح، وهو صامد، شامخ في وجه أعتى الأمراض.. شفاك الله يا شريف من الأمراض، ومن أذى أعداء النجاح، وهواة التنمر، ومنَّ عليك بنعمة العافية، بنفس قدر ما حباك من فضيلة الصبر الجميل.

الجريدة الرسمية