رئيس التحرير
عصام كامل

بعد إعلان وقف طبع 3 صحف حكومية يومية.. الصحافة تمرض ولا تموت.. النقاش: لا نوايا سيئة.. السناوي: دخلت النفق المظلم

الكاتب الصحفى عبد
الكاتب الصحفى عبد الله السناوى
هل اقتربت الصحافة الورقية في مصر من لحظة إسدال الستار عليها وتشييعها إلى مثواها الأخير؟ سؤال صادم فرض نفسه مؤخرًا على الجماعة الصحفية، بعد القرار المباغت الصادر عن الهيئة الوطنية للصحافة بوقف طبع 3 صحف يومية حكومية هي: المساء، الأهرام المسائي، والأخبار المسائي، وتحويلها إلى بوابات إلكترونية.


قرار صادم
لا شك في أن هذا القرار صدم الجماعة الصحفية وجدد مخاوف وهواجس الصحفيين على مهنتهم، لا سيما في ظل الحديث عن أن هذا القرار سوف تخلفه قرارات أخرى مشابهة تشمل المزيد من الصحف الورقية ضمن إستراتيجية موضوعة سلفًا ولها من الأهداف والأغراض ما لا يخفى على كل ذي عينين.

ويبدو أن تاريخ الصحافة الورقية المصرية الذي يزيد على مائتي عام يقترب من كتابة المانشيت الأخير والخروج النهائي من المشهد ورفع الراية البيضاء أمام صحافة المواقع والبوابات الإلكترونية.

يعتقد كثير من المراقبين والصحفيين والأكاديميين أن خطوة وقف طباعة حزمة من الصحف اليومية خطوة غير موفقة ومتسرعة ولم تخضع للدراسة والتدقيق واستشارة أهل الرأى والاختصاص، مع الاعتراف في الوقت ذاته بأن الصحف الورقية تعاني في السنوات الأخيرة مأزقًا عنيفًا أمام وحش كاسر يتجسد في المنصات الإلكترونية التي لا تتوقف عن بث الأخبار لحظة حدوثها.

ويرون أنه كان من الأفضل التفكير في حلول عملية وجادة وصادقة لإخراج الصحف الورقية من مأزقها، بدلا من الاستسهال في اتخاذ خطوات تدميرية لها وإهالة التراب عليها.

"فيتو".. تفتح هذا الملف وتستمع لعدد من كبار الصحفيين والأكاديميين؛ ليس للحديث عن الماضي أو البكاء على اللبن المسكوب، ولكن لمناقشة مستقبل صناعة تحتضر، وما ينبغي لها أن تحتضر، بل يجب أن يكون الخلود قرينًا لها.

أزمة حقيقية
أجمع صحفيون على أن الصحافة الورقية تمر بأزمة حقيقية، وانعكس ذلك فى قرار الهيئة الوطنية للصحافة بإغلاق 3 صحف يومية حكومية، الذى قد يتبعه قرارات أخرى مشابهة، غير أنهم أجمعوا على أن الصحافة الورقية قادرة على العودة مجددا إلى اهتمام القراء بشرط أن تكون هناك إرادة جادة لاستعادتها والحفاظ عليها.

لا نوايا سيئة
الكاتبة الصحفية أمينة النقاش، رئيس تحرير جريدة الأهالي السابق، تقول إن إغلاق ثلاث صحف حكومية وتحويلها إلى مواقع إلكترونية لا يعنى وجود نوايا سيئة تجاه الصحف الورقية التى لعبت الأعباء المالية دورا أساسيا فى التراجع أمام التطور التكنولوجى عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

وأكدت النقاش أن تزايد حجم الخسائر المالية للصحف الورقية أدى إلى هذه النتيجة ولكن يجب أن ندرك أن الصحف الورقية رغم هذه المشكلات لن تزول لأن هناك قطاع عريض من المجتمع ارتبط بالصحف الورقية.
 وأضافت الأفضل أن تتجه الدولة إلى تطوير هذه الصناعة وأدواتها بدلا من هدمها وجذب قراء لها من خلال الاجتهاد لأن الخبر لم يعد الأساس.

وإنما تحليل الخبر وما يحيط به، بالإضافة إلى العمل على وقف خسائر المؤسسات الصحفية، خاصة أن الدولة فى مرحلة قريبة توسعت فى إصدار الصحف الورقية.

النفق المظلم
الكاتب الصحفى عبد الله السناوى، رئيس تحرير جريدة العربى الناصرى، يقول: هناك أوجه عديدة لقرار إغلاق ثلاث صحف ورقية حكومية، فإذا كانت الحجة هى الأعباء المالية دون أن يكون هناك قارئ فهذا الأمر يسرى على كل المؤسسات الكبرى مثل الأهرام والأخبار والجمهورية وروزاليوسف والمصور.

وأضاف أن إدخال الصحف الورقية النفق المظلم وعدم إيجاد حلول عملية لتطويرها يعنى إغلاق السوق الصحفى، خاصة أن هذا القرار يمثل جريمة مهنية تاريخية كبرى بدليل أن جريدة المساء من أوسع الصحف انتشارا وتأثيرا، وبها مواهب وكفاءة أثرت العمل الثقافى، ونخشى أن يكون القرار مقدمة لتصفية الصحفيين فى مرحلة قادمة.

وأكد بحكم الخبرة والتاريخ أرى أن الصحافة المصرية ليس بها الآن ما يستحق القراءة طالما قضية الحرية مستمرة، بدليل أن هناك صحفا ورقية انتعشت فى بعض الدول مثل إنجلترا والهند، وبالتالى نحتاج إلى التطوير خلال الأداء المهنى، بحيث نبحث إلى ما وراء الخبر، بالإضافة إلى توسيع مساحة الحرية مع العمل على استعادة القارئ للإقبال على الصحف الورقية.

وأضاف السناوى: إذا استمر الأمر على هذا المنوال بأن يتم تسريح الصحفيين، وبالتالى نحن نحتاج لمصفاة وليس هيئة وطنية للصحافة، التى كان يجب عليها مناقشة عيوب هذه الصحف وهذا واجب دستورى للهيئة الوطنية للصحافة، فلا تذهب إلى الحل الأسهل وهو إغلاق الصحف الورقية.

وبالتالى علينا انتظار ضربات أخرى للصحافة الورقية مثل الأهرام والجمهورية والمصور وكل قلاع الصحافة المصرية.

تطوير الصحف الورقية
وتوكد الكاتبة الصحفية سكينه فؤاد ضرورة عدم أخذ إغلاق ثلاث صحف حكومية وتحويلها إلى مواقع إلكترونية من منظور واحد، وهو وجود نية للتخلص من الصحف الورقية؛ لأن القضية تنافسية شديدة مع التقنيات الحديثة وقلة القراءة، وهذا الأمر يقتضى أن نطور الصحف الورقية، وجعلها قادرة على المنافسة، وإفساح مجال الحريات أمامها لتناول كل القضايا التى تهم المواطن.

وهذا يقتضى علاج التقصير فى التحرير وفى تدفق المعلومات وتقصير فى الإيمان بقيمة الحريات المسئولة عن إحياء الكلمة وبث الحياة من جديد فى الصحافة الورقية.

وقالت الكاتبة الصحفية سكينة فؤاد مستشارة رئيس الجمهورية السابق أن ما يحدث حاليا للصحافة الورقية هو جرس إنذار لما وصلت إليه حال الصحافة الورقية وهو ما يعنى ضرورة البحث عن وسائل الإنعاش للصحافة الورقية وزيادة التوزيع وخاصة أن الصحافة الورقية لها محبيها.

وأضافت فؤاد: لا أحد يستطيع أن ينكر أن الصحافة الورقية لها محبيها ولكن لا بد من الاستعانة بالتقنيات الحديثة فقط يجب أن يتوفر فيها ما يلبى احتياجات القارىء قائلة "الصحافة الورقية تحتاج إلى الإنعاش" الإمداد بثورة معلومات رفع مستوى المهنية تفاعل الأجيال الجديدة مسئولية جماعية من المؤسسات المسئولة عن الصحافة والأسرة الصحفية.

واستكملت سكينة فؤاد: أثق أنه إذا توفر كل ما يحتاجه القارئ فى الصحيفة الورقية فلن يتخلى عنها إلى جانب تدفق المعلومات واتساع آفاق الحريات والنقد والتقويم والاختلاف على أرضية وطنية ومسئولة يضيف ويبنى الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة كما نص عليها الدستور.

وتابعت إذا أردنا الإبقاء على الصحف الورقية بدلا من هدمها يجب على كل الجهات المسئولة عن إصدارها، وعلى رأسها الوطنية للصحافة، التعاون مع كل المؤسسات، وإيجاد حلول لمشكلاتها وتطويرها وليس توجيه الاتهامات لبعضها البعض.

وسائل رقمية
من جانبه..قال الدكتور عبد المنعم سعيد، رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية سابقا، إن الصحافة الورقية تتراجع فهل سيتم التراجع تدريجيا أم ستدخل ظروف أخرى، لافتا إلى أن هناك قالبا اجتماعيا واقتصاديا وهناك أفكار مرتبطة بالمهارات.

وهناك جيل جديد يتعامل مع الوسائل الرقمية لذلك فالورقى ينقرض تدريجيا، مشيرا إلى أن المعلومات فى الصحافة الورقية قليلة والعالم يتجه إلى الرقمى فى كل المجتمعات العالم فى حاجة إلى المعرفة والأمور تتغير على حسب الأدوات المتاحة، موضحا أن الأهرام وأكثر الصحف توزيعا للورقى تتراجع.

وتابع سعيد: هناك تراجع واضح فى توزيع الصحافة الورقية، أردنا أم لم نرد، متكهنًا بأنه قبل نهاية ٢٠٣٠ لن يكون هناك صحافة ورقية، خاصة أنها تتآكل كل فترة وتعتمد على كبار السن، ومن هم فوق الـ٥٠ عاما، ومن هم فى أغلب الأحوال سكان الريف وبحرى والمدرسين بالنسبة لهم «الجرنال» يمثل مصدرا أساسيًّا للقراءة.

نقلًا عن العدد الورقي...
الجريدة الرسمية