رئيس التحرير
عصام كامل

قناة السويس ومشروعات «البدائل الخبيثة».. «تل أبيب» تسلط الضوء على مشروع قناة بن جوريون.. والمشروع الأمريكي يصطدم بـ«كاسحات موسكو»

قناة السويس .. أرشيفية
قناة السويس .. أرشيفية
بالتزامن مع الأزمة الأخيرة التي اندلعت في قناة السويس، بعد جنوح السفينة البنمية «إيفر جرين» وتعطيلها حركة الملاحة في القناة، ما دفع البعض لإعادة إنتاج الحديث عن المشروعات التي يمكن وصفها بـ«بدائل القناة».


وفي المقابل خرج الرئيس عبد الفتاح السيسي، ليصرح بأن «القناة قادرة وباقية ومنافسة، في ظل الكلام الذي يقال حول بدائل أو من هذا القبيل.. لا.. هذا مرفق عالمي للتجارة الدولية ورب ضارة نافعة»، وذلك خلال زيارته لمقر هيئة قناة السويس بعد النجاح في تعويم السفينة «إيفر جرين» بأياد مصرية.

بحر الشمال
من بين المشروعات التي تزايد الحديث عنها تزامنًا مع مشكلة «السفينة الجانحة»، مشروع تطوير طريق بحر الشمال، ليصبح طريق نقل جديد من الموانئ الأوروبية إلى موانئ المحيط الهادئ، وفي أبريل 2019، في منتدى «حزام واحد- طريق واحد»، أعلن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أن موسكو تدرس إمكانية وصل طريق بحر الشمال مع طريق الحرير البحري الصيني.




وبالتالي إنشاء طريق تنافسي يربط شمال شرق وشرق وجنوب شرق آسيا بأوروبا، لكن بحسب مختصين سيتم إعاقة تنفيذ مشروع طريق بحر الشمال بسبب المشكلات المرتبطة بالمنافسة والعامل العسكري وتطوير طرق نقل شمالية بديلة أخرى.

فعلى سبيل المثال، تتنافس كندا وروسيا عمليا على الساحة الدولية، للدفاع عن السيادة على ممر بحر الشمال الغربي وطريق بحر الشمال، بحسب الكاتب الروسي أناتولي بورونينكوف.

وبالفعل بدأت شركة «روس أتوم» الروسية في الترويج لذلك الطريق، وذكرت أن روسيا ستستخدم أقوى كاسحات الجليد النووية لتسيير الحركة في بحر الشمال، بالإضافة إلى الذوبان السريع للقطب الشمالي في هذا الوقت، مما يجعل المرور عبره في غاية السهولة. المشروع الروسي، قابلة - كالعادة- حديث عن مشروع أمريكي، حيث تفكر الولايات المتحدة وشركاؤها الأوروبيون في طريق بحري عابر للقطب، قد يصبح هذا المسار ممكنا، وفقا لحسابات العلماء، بحلول منتصف القرن مع ذوبان الجليد ويصبح طريقا مباشرا يربط بين أسواق آسيا وأمريكا الشمالية وأوروبا.

على أن يكون الهدف منه التحرر من أي ولاية قضائية وطنية، وعمق مياه أكبر وطول أقل مقارنة بالطرق الأخرى، حيث إن طوله فقط نحو 3.9 ألف كيلومتر.

وبالنسبة لروسيا، فإن ظهور طريق بحري عابر للقطب على الخرائط البحرية، محفوف بمشكلات كبيرة. فمن ناحية ستفقد روسيا الدخل من كاسحات الجليد والإرشاد وخدمات الموانئ وجميع أنواع الرسوم على طريق بحر الشمال، والتي يمكن أن توفرها السفن التجارية.

قناة بن جوريون
وكالعادة.. لم تترك إسرائيل المناسبة تمر مرور الكرام، حيث سلطت «تل أبيب»، الضوء على مشروع قناة بن جوريون لربط خليج العقبة بالبحر المتوسط، خاصة أن المسافة التي تربط بين ميناء إيلات والبحر الأبيض المتوسط ليست طويلة، ولا تبعد كثيرا عن المسافة التي تربط بين البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط عبر قناة السويس.

وتخطط «تل أبيب» لتحويل هذه القناة إلى مشروع متعدد الأوجه، ويتضمن هذا المشروع أيضا بناء مدن صغيرة وفنادق ومطاعم ونواد ليلية حول القناة الجديد، ولا تعد فكرة إنشاء جديدة، فقد درست الولايات المتحدة مقترح بناء ممر مائي إسرائيلي ينافس قناة السويس باستخدام قنابل نووية في صحراء النقب منذ عام 1963.

من جهتها.. نشرت صحيفة «الجارديان» البريطانية عن بديل لقناة السويس ثم تراجعت وقالت إنها كذبة أبريل، وزعمت في التقرير أن جنوح سفينة الحاويات في قناة السويس أطلق مشروعا لحفر قناة جديدة على طول الحدود المصرية الإسرائيلية.

وأرفقت الصحيفة بالتقرير المفبرك خريطة تُظهر القناة المزعومة وهي تربط البحر المتوسط، من شمال سيناء وصولا إلى إيلات في خليج العقبة، وفي ذلك إشارة تبدو أنها تستخف بالتقارير التي انتشرت عن مشروع قناة بن جوريون، ونسبت إلى تقارير مجهلة أن مسئولين في الأمم المتحدة يراجعون الآن فكرة القناة الموازية للسويس، بعد أن كانوا رفضوها من قبل.

من جانبه، قال اللواء ربان نبيل عبدالوهاب، أحد أبطال القوات البحرية المصرية أثناء حربى الاستنزاف وأكتوبر: إن «مشروع قناة بن جوريون لم يكن مشروعا مكتملا، كما أنه لم يشمل ربط البحر الأحمر بالبحر المتوسط بشكل مباشر، وإنما كان من المقرر أن يصل إلى منتصف إسرائيل ثم يتم استكمال النقل عن طريق القطارات.

لكن مع مرور الوقت ثبت أن العمق الذي يسمح بمرور 90% من سفن العالم والتي تتميز بحجمها الضخم والغاطس الكبير جعل من الصعب أن قناة أخرى غير قناة السويس تتم خلالها هذه العملية بسهولة، وبالتالي لو كان مشروع قناة بن جوريون صالحا للتنفيذ لكانوا نفذوه منذ زمن، فهو مشروع لن يسمح باستيعاب التقدم الهائل في بناء السفن من الأجيال الحديثة».

قناة السويس بدون منافس
وأضاف أن «قناة السويس يصعب أن ينافسها أحد في هذه المنطقة بالذات، وما حدث من تعويم السفينة في 6 أيام كان بطولة كبيرة، لا سيما وأن كبار الخبراء في العالم قالوا إن الأزمة ستمتد لأسابيع أو أشهر، وبالتالي ماحدث يشبه المعجزات، والسفن لم تفكر في المغادرة لأن العبور من البحر الأحمر للبحر المتوسط يستغرق 11 ساعة.

أما عن طريق رأس الرجاء الصالح فيستغرق 14 يوما، إذا فالفارق كبير للغاية، وخاصة أن السفن الكبيرة تستهلك كميات كبيرة من الوقود وحمولتها تكون ضخمة، وبالتالي كان الأمر سيكلفهم مبالغ باهظة، وكان لا بد أن ينتظروا وبالفعل لم تغادر أي من السفن على الإطلاق».

مخططات قديمة
بدوره.. قال الدكتور إسماعيل تركي: عاد الحديث عن القناة الإسرائيلية ‏البديلة التي يخطط لها بمساعدة أمريكية واسترجاع مخططات قديمة ربما من ستينات القرن ‏الماضي، وإجراء حفر نووي بما يزيد على 250 كيلومترا لشق هذه القناة ‏في صحراء النقب وربط البحر المتوسط بخليج العقبة، ووجدوا أن مسافتها ستكون 400 – ‏‏500 كيلومتر، وإذا امتدت للبحر الميت ستزيد المسافة.

وبالتالي ستزيد تكلفة العبور، وسعوا ‏إلى إنشاء طريق سكك حديد إيلات- أشدود وبدأوا في نقل البضائع عبر هذا الطريق، ولكن ‏اتضح أن تكلفته مرتفعة، وكذلك زمن المرور كبير وهو ما أثر على الأسعار سلبا، وبالتالي ‏عادوا مرة أخرى إلى قناة السويس.

وتابع: يعد الطريق الصيني الذي يمتد عبر المحيط المتجمد الشمالي والذي ساعد الاحتباس ‏الحراري وذوبان بعض الثلوج على إحيائه مجددا من بين الطرق التي يتم التسويق لها على ‏أنها من الطرق البديلة لقناة السويس.

ولكن عدد السفن المارة في هذا الطريق لا تتعدي ‏العشرات ولا يقارن، حيث إن نسبة المقارنة من بضع عشرات للطريق الصيني البديل إلى ‏عشرات الآلاف عبر قناة السويس التي وصل عددها عام 2020 ما يقارب 19 ألف ناقلة ‏تحمل ما يقارب من 1.7 مليار طن من البضائع، من بينها النفط ووسائل الطاقة المتعددة ‏وهو ما يؤكد فعاليتها كعنصر رئيسي في حركة التجارة والنقل العالمية.

لا سيما وأن الممر ‏الصيني مهدد بمسارات وحركة الطبيعة حيث يعمل أربعة أشهر فقط خلال العام، مع وجود ‏مخاطر الإغلاق بسبب الثلوج المتراكمة أو تكلفة تكسير الثلوج بواسطة جرافات بحرية ‏وخلافه، وعاد الجميع ليدرك أن تكلفة قناة السويس هي الأرخص وكذلك الأكثر أمانا، وهو ما ‏يجعل قناة السويس لا غنى عنها.

وشدد «تركي» على أن «قناة السويس لا تزال تحتفظ بميزة كبيرة في المدي القريب ‏والمتوسط وهي الحمولات الضخمة التي يتم شحنها عبر الناقلات العملاقة والتي تعد أسهل ‏وأوفر في التحميل والنقل عبر الطريق البحري عنها إذا تم ذلك عبر طريق سكك حديدية بما ‏يصاحب ذلك من صعوبات.

‎وقد حرصت الدولة المصرية على تطوير القناة أكثر من مرة من ‏خلال تفريعات متعددة، منها تفريعة شرق بورسعيد، والسويس، ونفذت الدولة المصرية ‏ازدواج للقناة (قناة السويس الجديدة) بمسافة 72 كيلومترا، وهو ما أدى إلى استيعاب حركة ‏النقل الحديثة وبالتالي أصبح هناك توفير في الوقت والتكلفة بعملية العبور، حيث قاد إنشاء ‏هذه التفريعات إلى سرعة في المرور وتوفير التكلفة.

وبالتالي ضاعفت الدولة المصرية من ‏عدد الناقلات العابرة للقناة، ووفرت وقتا كبيرا، وهو ما انعكس بالإيجاب على عملية التكلفة ‏والأسعار والتجارة العالمية بشكل كبير.

وأضاف: وإلى جانب ما سبق توفر قناة السويس عملية المرور الأمن بعد تدعيم القناة ‏بأحداث المعدات والآلات اللازمة لمرور السفن سواء في عمليات التوجيه والتأمين والقاطرات، ‏والدولة المصرية لديها من البدائل ما يمكنها من مواجهة كافة التحديات في الطرق البديلة.

وباستطاعتها أيضا عمل دراسات لاستكمال ازدواج القناة بالكامل أو التفكير في قناة طابا ‏العريش التي بدأ الحديث عنها ونحن نعرف قدرة الدولة المصرية التي بامكانها تحقيق ‏المستحيل ومن شق قناة يستطيع أن يشق غيرها إضافة إلى طريق البضائع السريع العين ‏السخنة الإسكندرية.

نقلًا عن العدد الورقي...،
الجريدة الرسمية