رئيس التحرير
عصام كامل

"العزف المنفرد" في نظام مبارك!

في نهاية التسعينيات وفي المساحة بين شارع ٢٦ يوليو وبين ميدان التوفيقية وعلى رأس ممر آخر شهير يمتد إلى مقر جريدة الأسبوع الأول قبل الانتقال إلى مقرها الحالي.. التفتنا فجأة للأستاذ مصطفى بكري ونحن نغادر الجريدة - وقبل أن نغادرها فعليا بعد ذلك بفترة إلى موقع آخر في جريدة أخرى- بعد انتهاء يوم عمل طويل وبينما المناقشات مستمرة مع عدد من الزملاء وقد رن هاتفه المحمول وقال: انتظروا.. إنه رئيس الوزراء !


بعد اتصال طويل نسبيا نظر إلينا وقال: الدكتور الجنزوري يحييكم.. ولكنه طلب عدم مدحه كثيرا! وشرح الأسباب وهو يخشى الحديث المفصل.. لكن كما فهمت مدحه يزعجه.. فقال أحدنا: مدحه سيقصر عمره في الحكومة.. إنه يعلم حقيقة الدرس! وكان بالفعل أقل رؤساء حكومات الرئيس مبارك بقاء في مهامه !!

كانت الفلسفة أن لا يستمر وزير واحد له شعبية جماهيرية.. من يقف وراء ذلك؟ من الذي يشير على الرئيس مبارك بذلك حتى خرج أحمد جويلي ومحي الدين الغريب ونادية مكرم عبيد وغيرهم وبقى الفشلة وسيء السمعة منهم؟ لا نعرف!

متابعة الشكاوى
وفي جريدة الأحرار وبينما الردود الحكومية علي صفحتنا "الناس" ملفتة للنظر.. كمية ردود تفوق التصور.. بعضها من إدارات العلاقات العامة وبعضها موقع من "الإدارة المركزية لشئون مكتب... " وزيرا كان أو محافظ أو رئيس هيئة عامة وبعضها كان من عدد من الوزراء مثلما كان يفعل الدكتور مفيد شهاب ولنا معه قصة سنرويها يوما ما! لكننا فوجئنا غير مرة بأن ردودا وصلت تشرح وتفسر بعض ما نشر عن مسئولين في الحكومة أن ردودا أخري تتوالي وتتناول الموضوع نفسه الذي تم الرد عليه وانتهت القصة!!

ثم عرفنا فيما بعد أن مكتب الدكتور الجنزوري هو من أعاد ما نشر إلى تحقيق جديد! واكتشفنا أن الرجل يمارس دوره رئيسا للوزراء فعليا.. وليس رئيسا لمجلس الوزراء كما يقول الدستور.. وكانت شخصيته القوية قد هيأت له ذلك.. لكن ذلك رغم إنه ينحاز للمواطن المصري ويرفع الظلم عن الكثيرين منهم  لكنه لم يعجب رأس النظام..

ولم يعجب آخرين ابلغوه عن التدخل في شئونهم واعمالهم- وبعضهم وزارات سيادية- التي لا بنبغي لغير الرئيس متابعتها !! فانتصرت مراكز القوي حول الرئيس علي الجنزوري وخرج قبل انهيار النظام كله ليحتفظ بسمعته وصورته وسيرته ويقدم لوطنه ما يستطيعه بعد ٢٠١٣ كخبير كبير في التخطيط يمتلك من الخبرة الطويلة ما يفيد به شعبه ووطنه منذ كان استاذا في معهد التخطيط القومي - أحد أهم علامات الستينيات والذي تخرج منه أبرز الاقتصاديين المصريين- ثم رئيسا للحكومة مرورا بموقعي المحافظ والوزير!

كشف كذب الإخوان
الدكتور الجنزوري هو صاحب اللجنة - وهو عمل للتاريخ - التي أثبتت عام ١٩٩٨ زيف مزاعم الإخوان وحزب الطرابيش من نفاذ احتياطي الذهب المصري في حرب اليمن ليثبت مع الدكتور علي نجم محافظ البنك الشهير وقتها كذب هذه المزاعم! وإنها أطلقت لتشويه الستينيات ولأهداف أخري لصالح بلد عربي ضايقه النفوذ المصري وقتها !

خطأ الدكتور الجنزوري الكبير اختياره لكن كان إلي جواره واستفز الوزراء وغيرهم وهي شخصية تحتاج إلى تحليل دورها وقتها والتاريخ لهذه الفترة !!

رحم الله الدكتور كمال الجنزوري.. الذي انحاز للناس أو حاول ذلك.. وهو ببعض إجراءاته أطال عمر النظام وقتها ولو اخذوا بكامل نصائحه ربما ما جرى ما قد جرى.
الجريدة الرسمية