رئيس التحرير
عصام كامل

الدكتور أحمد حرارة.. عين "يناير" المُبصرة.. ابتعد عن المشهد منذ 4 سنوات.. رفض أي مساعدة لعلاج فقدان البصر.. وسيرته لا تزال حاضرة

الدكتور أحمد حرارة
الدكتور أحمد حرارة
«حينما أخبرني الطبيب بأنني فقدت البصر في العين اليسرى.. ضحكت، وحين أُصبت في الأخرى جلست على الأرض ورفعت يدي وصرخت قائلًا: عيني التانية راحت».. كلمات افتتح بها طبيب الأسنان وأيقونة ثورة الخامس والعشرين من يناير التي لا تُنسى وعينها المبصرة، الدكتور أحمد حرارة، في حديث أجرته معه فضائية الـ«بي بي سي» في آخر ظهور تلفزيوني له بالعاشر من فبراير عام 2016.





مرت عشرة أعوام، ولا تزال ثورة الخامس والعشرين من يناير نقطة التحول الكبرى في حياة كل مصري، تفاصيل ساعاتها ولياليها محفورة في الذاكرة الشعبية، لا يمكن للسنوات أن تمحو أثرها، وللثورات رموز وربما أساطير تأبى أي ثورة أن تمر مرور الكِرام دون أن تترك قصصهم لنا، لنرويها لأبنائنا وأحفادنا، مُجرد ذكر اسم حرارة يعيد إلى أذهاننا يوم الثامن والعشرين من شهر يناير في العام 2011، «جمعة الغضب» يوم ثار الشارع المصري ودوت هتافاته لتصدح صداها في أرجاء العالم كافة.

جمعة الغضب

كان «د. أحمد» في الصفوف الأولى من التظاهرات التي اندلعت في قلب ميدان التحرير، يقود المظاهرة، في الصف الأول يواجه رصاص قوات الأمن وقناصيهم، حتى استقرت رصاصة لقناص من قوات الشرطة في عينيه، فقدها في الحال، لكن هذا لم يُثنه عن المشاركة في الفعاليات التي لحقت جمعة الغضب.

شاء القدر أن يفقد «د.أحمد» عينه الأخرى في نهاية العام ذاته، وتحديدًا في التاسع عشر من نوفمبر 2011 اليوم الذي شهد أحداث محمد محمود الدامية، حيث إنه كعادته تقدم صفوف الثائرين، و-على غير العادة- نجحت رصاصة القناص الثانية في تصفية عينه الأخرى، ليظهر بعد ذلك في عدد من اللقاءات التلفزيونية والصحفية معصوبة عينية بعصابة محفور بها تاريخ الإصابة الأولى.



و«أحمد البلاسي» أو كما أُطلق عليه بعد "أحمد حرارة" أو "أيقونة وقديس الثورة المصرية"، ولد في منطقة المعادي بالقاهرة، درس طب الأسنان بجامعة السادس من أكتوبر، ثم تخرج من الجامعة وعمل في إحدى المستشفيات حتى جاء عام 2011، ليقرر أن يشارك في التظاهرات التي اندلعت في ميدان التحرير.

بعد إصابته في عينيه بأحداث الثورة، رفض تقديم أي مساعدة مادية له، وأصر على أن يتكفل هو بعلاجه كاملًا حتى لا يشعر وكأنه يحصل على مقابل للواجب الوطني الذي قدمه.

 في أكثر من تصريح له أكد على أنه سيسافر لعدة دول أوروبية لإجراء عمليات جراحية دقيقة في عينيه، بعد أن فشلت إحدى العمليات التي أُجريت له في السابق في فرنسا.

الظهور الأخير
منذ قرابة ثلاث سنوات كان الظهور الأخير لـ«د. حرارة»، خلال استضافة الإعلامية "جيزال خوري" له على فضائية الـ BBC البريطانية ببرنامج المشهد، ظهر وهو جالس خلف نظارته السوداء، تحدث في أمور عدة، أهمها أنه لا يحب أن يوصف بالناشط السياسي ولا المفكر، هو الشاب المصري والطبيب الذي ثار على نظام بائد عانى تحت ويلاته لسنوات.

تحدث «د.حرارة» عن دخول جماعة الإخوان للثورة منذ يوم الثامن والعشرين من يناير، ورغبته في  أن يلتحق بتجمعات الشباب الذي أراد التغيير بقلبه وعقله، لم يحمل أي توجه سياسي ولم يحركه تكتل ويشحنه ضد التكتل الآخر، قال إنه لم يميز بين الإخوان وغيرهم، كما أكد مرارًا على أن الثورة سُرقت من قِبل بعض الجماعات وضاعت أهدافها سُدى لكنه لم يندم أنه فقد في سبيلها «نور عينيه» بينما لم يكمل عامه الثلاثين بعد!


لا يزال «د.أحمد» يتذكر لحظات حصار قوات النظام السابق للمتظاهرين في شارع محمد محمود والشوارع المتفرعة منه، يحاول استعادة المشهد بتفاصيله كأنه اليوم وليس قبل عشر سنوات، يتطرق لمواضيع عدة كأنه كان على علم مُسبق بأنه سيكون الظهور الأخير له، دون أن يعلم  أحد كيف ولماذا، وأين ذهب أحمد حرارة ؟!
الجريدة الرسمية