رئيس التحرير
عصام كامل

تكاد من فرط الجمال تذوب.. رحلة هناء مصطفى أول راقصة تنورة في الوطن العربي | فيديو وصور

فيتو
بخطوات ثابتة تسير نحو قاعة فسيحة بالطابق الثاني في إحدى المراكب النيلية الكبرى بمنطقة المعادي، تتبع أثرها صغيرات هالهن ما تضعه حول خصرها وفوق الكتفين، تهمس إحداهن في أذن الأخرى: «دي راقصة تنورة بنت أول مرة أشوف بنت بترقصها!».



تسير هناء مصطفى، أول راقصة تنورة في الوطن العربي، ناحية الجزء المخصص لها بالرقص في القاعة، على إيقاع موسيقى صوفية صاخبة بعض الشيء، تبدأ في تثبيت القدم اليسرى على الأرض، تمسك بالدفوف.. ترفع رأسها لأعلى مغمضة عينيها إيذانًا بالدخول إلى عالمها الروحاني الخاص: «وأنا برقص تنورة صوفي بنفصل عن العالم حوالي تمامًا ما بشوفش حد قدامي غير الموسيقى اللي برقص عليها».


منتصف تسعينيات القرن الماضي، كانت «هناء» تذهب رفقة والدتها إلى مسرح البالون حيث غُرفة ملابس الممثلين، فتاة لم تقفز بعد عتبة عامها السادس، تقف خلف الكواليس تشاهد ما تفعله الفرقة القومية للفنون الشعبية التابعة لوزارة الثقافة، تتابع حركات أقدام الراقصين والراقصات بنهم شديد في حين لم تتفهم ما يفعلونه بالضبط، «والدتي كانت شغالة في ملابس المسرح، وكانت بتأخذني معها وأنا أتسحب وأدخل أتفرج على العروض لحد ما قدمت لي في مسابقة عملوها للأطفال في الفرقة وانضممت ليها، وأصبحت من الوقت ده راقصة فنون شعبية».


مرت السنوات، واستمرت «هناء» في الفرقة راقصة فنون شعبية في الفرقة ذاتها، كانت تراقب ما يفعله راقص التنورة أثناء العرض الخاص به، تتبع حركة قدميه وثباتهما على الأرض في حين يتحرك جسده دون توقف حركة دائرية، «كنت باستغرب ليه مفيش بنت بترقص تنورة، ليه كلهم رجال فقط، قلت لازم أجربها ولقيتها مش محتاجة شيء زيادة عن الرجال غير إني أتقنها فقط وده اللي حصل، وجربت التنورة لأول مرة وكان عمري 16 سنة».
قبل هذه اللحظة لم تكن التنورة تستهوي «هناء»، كانت بالنسبة لها مجرد عرض فلكلوري مصري فحسب، لم تكن تعلم أنه بعد مرور أكثر من 15 عامًا ستكون صاحبة لقب أول راقصة تنورة في الوطن العربي، «من حب الناس في التنورة تعلقت بها أكثر».
"رقصت تنورة للمرة الأولى وأنا حامل"
المرة الأولى في أي شيء دائمًا مختلفة.. التجربة الأولى لا تُنسى بسهولة، تظل تفاصيلها عالقة في ذهن صاحبها، لذلك لا تزال ذاكرة «هناء» المرة الأولى التي رقصت فيها التنورة أمام الجمهور في عرض رسمي، «كان نفسي أرقص التنورة في فرقتي القومية لكن لم تتاح لي الفرصة، في الوقت نفسه اتعرفت على زوجي وكان وقتها يرقص التورة أيضًا، وأسس فرقته وأطلق عليها شيكو شو، ومن خلال الفرقة قدمت رقصتي الأولى للجمهور، وكنت وقتها حاملًا في ابني الأول، لم تكمل الرقصة أكثر من عشر دقائق، كنت ضعيفة إلى حد ما إذا ما تمت مقارنتها بأدائها الحالي، انبهر بها الحضور وتذكرت نظراتهم واسترجعتها كأنها أنهت لتوها عرضها الأول، التنورة بتبهر أي شخص من أي ثقافة، لكن لما لقوا بنت بترقص تنورة انبهارهم تضاعف وفيه ناس ما كانتش مستوعبة إني بنت بالفعل وسألوني إزاي مش بتدوخي!»، ربما يكون هذا هو السر وراء الاعتماد على المكياج كعنصر أساسي ليتأكد الجمهور من أن التي ترقص بالدفوف أمامهم أنثى، «الشعر الطويل عند الرجل والست في التنورة لذلك أعتمد أكثر على المكياج الواضح إلى حد ما، لأنه في الأول ما كانش فيه غيري قبل أن تحترف فتاة أو اثنتين بها مؤخرًا».


"لكل أغنية مود" وأرى نفسي في الرقصة الروحانية المولوية

«التنورة» ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالروحانيات التي تتجلى عادةً في بعض الطقوس الصوفية، فمن المتعارف عليه أن «التنورة» رقصة قادمة من تركيا على يد الصوفي الكبير جلال الدين الرومي، وبمرور السنوات ونجح مجموعة من المتصوفة المصريين في إدخالها للفن المصري الشعبي، ومع مرور السنوات أصبحت «التنورة» لا تقتصر على حلقات الذكر فحسب، لكننا نجدها أيضًا بقوة في المناسبات المجتمعية المتنوعة، ولهذا لجأت« هناء» إلى تطويع الرقصة للتناسب مع الحالتين، رغم أنها لم تحصل على أساسيات الرقصة سوى بالنظر لما يفعله الزوج أثناء تأديته للرقصة «أنا محدش علمني أرقص تنورة أنا اتعلمتها بعيني كنت براقب راقصين التنورة وتحركاتهم، كنت حباها نظر ما كانش عندي حد يعلمني أساسيات التنورة، ولكن التراكات داخل التنورة زوجي اللي علمها لي، كل أغنية لها احساسها كل أغنية لها مود مسكة الدفوف وحركة الشعر، لكني أجد نفسي أكثر في الرقص الصوفي للتنورة أو اللون الصوفي لها».


ما إن يبدأ المطرب في مدح الرسول الكريم، تغمض «هناء» عينيها رافعةً رأسها لأعلى، تعلو أنفاسها ثم تلتف في دائرة لا تخرج عنها، تثبت القدم اليسرى التي تطلق عليها «العين»، «أنا عيني كعب رجلي اليسرى هو بمثابة المسمار اللي بيثبت في الأرض، مهم يكون الظهر مفرود لأنه التنورة ثقيلة».

 لا ترى ما يدور حولها كل ما يشغلها الانسجام والانصهار مع الموسيقى التي تملأ أذنيها ورأسها، تبهر الحضور بزينتها والأضواء المبهجة التي تنبعث من كل قطعة من قطع ملابس التنورة، «أنا بعمل الميك أب لنفسي ولبسي بجهزه لنفسي قبل ما أدخل بيكون اللبس عبارة عن الجلباب والعنتاري واللاسات والأرضية والفانوس والدفوف و بزود عليها الفراشة بحاول أجيب لبس يظهر إني بنت».

الجريدة الرسمية