رئيس التحرير
عصام كامل

مهنة الصيدلة المفترى عليها!

ربما لا يعرف الكثيرون أن مهنة الصيدلة من أقدم المهن التى أنشئت فى مصر منذ ما يقرب من مائتي عام، وتحديدا فى عام 1824 ومصاحبة لمهنة الطب، وأنشئت أول كلية لهما فى أبى زعبل وانتقلا معا إلى القصر العينى، ومن النوادر أن يكون خريجو أول دفعة هم 25 والأعجب أن يذكر لنا التاريخ أن دراسة الصيدلة فى مصر توقفت بضع سنوات لعدم الحاجة لصيادلة جدد..

 

فهل كان يمكن وقتها أن يتخيل الصيادلة أن تتضاعف أعدادهم الآن ليس بالعشرات أو المئات بل تتضاعف بالآلاف ليتخطى عدد الصيادلة الآن 265000 نعم مائتين وخمسة وستون ألفا، وليتعدى المعدل العالمى بأكثر من 4 مرات الأمر الذى خرج عن السيطرة، وهذا ليس جديدا ولامفاجئا لنا فقد بح صوتنا منذ تسعينات القرن الماضى وتحديدا عندما تأسست أول كلية صيدلة خاصة فى مصر عام 1996 وبدأ سباق محموم فى إنشاء كليات خاصة جديدة ليصل عدد الكليات الخاصة اليوم إلى 25 كلية تعمل بجانب 23 كلية حكومية..

خدام الغلابة وخدام البشرية 

ونفاجأ كل عام بتخريج أكثر من خمسة عشر ألف صيدلى ينضمون إلى طابور طويل من الخريجين الذين تقلصت فرص العمل لهم فى شتى القطاعات الصيدلانية، بعدما أصبح عندنا فى أصغر وحدة صحية فى مصر عشرة صيادلة ويتعدى عددهم المئات فى المستشفيات الجامعية والمركزية فهل يتوقف المصريون عن التسابق فى دخول كليات الصيدلة أم كعادتهم الأصيلة يقلدون بعضهم البعض دون وعى..

والكل يريد أن يتشرف بلقب صيدلى ربما منبهرين بصورة الصيدلى الوقور فى صيدليته يقدم خبراته ومشورته للمرضى، وبعضهم يتخيل إنها مهنة تدر ربحا وفيرا والآخرون يرونها أكثر ملائمة للفتيات وأكثر جلبا للعرسان، ويرى البعض أنه مازال عنده القدرة على السفر فى الدول التى تحتاج لصيادلة ولا يعلم أن أكبر دولة خليجية وهى السعودية التى قامت مهنة الصيدله فيها على أكتاف الصيادلة المصريين وكانوا يمثلون مع الأطباء أكبر الجاليات فيها قد استغنت عنهم بعد سعودة مهنة الصيدلة بالمملكة..

 

وعاد الصيادلة المصريون منها يبحثون عن فرص عمل جديدة فى مصر رغم تكدس السوق المصرى بالصيادلة، ورغم أن هناك دفعتين بالفعل قد تخرجتا ولم يتم تكليفهما حتى اللحظة، وبالرغم من أن الدولة قد استجابت بعد مطالبات كثيرة لتخفيض عدد الملتحقين بكليات الصيدلة بنسبة 30 % سنويا حتى نصل إلى المعدل المقبول والذى يستوعبه السوق المصرى فى كل القطاعات الصيدلية المختلفة وفتحت حديثا مسارا جديدا لطلاب الصيدلة للتحويل إلى كليات الطب بشروط محددة..
البداية من هنا.. من الجامعة
الأمر الذى سيقلل قليلا أعداد طلاب الصيدلة إلا إنه مهم ويتماشى مع فكرة تقليل الأعداد وتدخلت الدولة أيضا ورفعت عدد السنوات الدراسية إلى ست سنوات منتهية بسنة كاملة للتدريب فى المجالات الصيدلية المختلفة الأمر الذى ربما يقلل الأعداد قليلا إلا إنه سيمثل عبئا جديدا على الكليات وعلى الأسر المصريه خاصة للملتحقين بالكليات الخاصة التى بالتبعية رفعت مصروفاتها هى الأخرى كل ذلك يجعلنا أكثر وضوحا وأكثر صدقا مع النفس وأكثر حرصا على الصالح العام وعلى المهنة.. ونقول بأعلى صوت رفقا بمهنة الصيدلة..

 

تلك المهنة التى جار عليها الجميع وقد حان الوقت لأن يتم تصحيح المسار، وأوله توصيف دقيق ومحدد للمهنة ولمن يمتهنها، وبأن يعمل الصيادلة فقط دون غيرهم فى التخصصات الصيدلية فى الشركات ومصانع الدواء ويكونون هم المسئولون فى كل ما يخص الدواء تصنيعا وترويجا وتوزيعا ودعاية وفى الصيدليات الخاصة والأهلية، ولابد من تعديل قانون تنظيم مهنة الصيدلة ليستوعب التغييرات والمجالات العالمية التى استحدثت فى المهنة وأن يكون التعديل منصفا للمهنة وبيد خبرائها ويراعى مستقبل هذه المهنة التى جار عليها الجميع حتى أبنائها..


الجريدة الرسمية