رئيس التحرير
عصام كامل

السكان يدفعون ثمن الفساد بالمحليات

قاعدة تطبيق أي قانون تبنى على نشر العدالة بين المواطنين. فإذا شعرت الأغلبية بالاستفادة منه ورجوعه عليهم بفائدة، كان تطبيقه سهلًا، وشجع الحكومة على تطبيقه.

 

أما إذا كان الغرض منه فرض الجباية فقط، وعمله كأداة تَحكُم، فسيتهرب منه الناس بل سيقومون برفضه، وهذا ما نراه في تعثر تطبيق قانون التصالح حيث تمت صياغة القانون من وجهة نظر الحكومة فقط، دون الأخذ باعتبارات الملاك والسكان، مما جعل منه جباية.

 

والأنكب أن القانون في مجمله لم يتضمن تحديد من هو المخالف، ولم يذكر هل هو صاحب العين أو شاغره أو من قام بالبناء وتركت هكذا ، وسمح لصاحب المصلحة بالتصالح، سواء مالك الشقة أو العقار؛ لأن القانون خاطب العين المخالفة وليس الأشخاص بعينها.

والنيل أيضا خط أحمر 

ولكن المسئولية الجنائية تقع على ملاك العقار لمخالفة قانون البناء، حيث توجه إليهم الإنذارات والمحاضر، والإجراءات القضائية. ولذا فلقانون التصالح أهمية لدى الملّاك الأصليين لأنه نص على تجميد الملاحقات القانونية عند تسليم طلب التصالح، وإن قُبل، تُسقط الدعاوى وتُحفظ التحقيقات ويُوقف تنفيذ الأحكام، إن كان هناك أحكام نهائية بالحبس.

 

فالمستفيد الأكبر من هذا النص هم المُلاك الساكنون بهذه العقارات ومن قاموا ببنائها لاحتياجهم الاجتماعي للمسكن، خاصة في الريف. ولكن هناك الكثير من المُلاك المستثمرين، وأغلبيتهم بالمدن، الذين تمرَّسوا على البناء المخالف بغرض الاستثمار، وقاموا باللجوء إلى الكاجول وهو شخص يتحمل العواقب القانونية بالوكالة عن المالك الأصلي في مقابل مبلغ مالي، ولن يعنيهم التصالح.

 

إما مُلّاك الوحدات بالشراء، فلا توجد مسئولية قانونية عليهم، إنما هم الضحية لعملية قد تشهد التضليل. لذا لا توجد أي أهمية لهم للتقنين، إلا لشراء راحة البال من حالة عدم الاستقرار التي لم يكن لديهم أي شأن به، سواء تهديدات الدولة بقطع المرافق عنهم حال عدم التصالح، أو لتسجيل الملكية لدي الشهر العقاري بعد إصدار شهادة التصالح وهى بمثابة ترخيص رسمي بالبناء..

 

بالإضافة إلى استكمال توصيل المرافق بشكل رسمي ومن المفترض أن يدفع صاحب العقار فإذا لم يكن موجودا يدفع رئيس الحى والإدراة الهندسية التي أصدرت التراخيص. وهذه مسئولية الدولة ولابد من إعادة أموال الرشاوى التي تقاضاها رؤساء الأحياء أو ورثتهم.

 

نوبة صحيان

 
لإن إجبار ساكن العين على الدفع يكون القانون قد قدم جائزة لمن دفع الرشوى وقام بالمخالفة وباع العين، وكل شاغل عين يعلم من هو صاحب المنزل ومن الذى باع له، ومن الظلم ترك الفاسد المخالف يحصل على الجائزة أمام أعين الجميع.

 

ثم هناك إجراءات بيروقراطية تصر الدولة عليها منها لابد من تقديم تقارير هندسية تكلف الآلاف التي تسدد إلى المهندسين الاستشاريين ونقابة المهندسين التي تصدق على كل تقرير. كما أن أصحاب العقارات غير المطلية عليهم طلاء الواجهات لقبول طلبهم.

 

وحتى إذا توافرت الأموال، وقبل البعض بتقديم طلبات التصالح، بات هذا الأمر شبه مستحيلًا في العقارات الاستثمارية والتي تم بيع وحداتها إلى ملاك من الأفراد، لأن القانون نص على تقديم طلب التصالح، ومعه تسديد التكاليف والغرامة، على كامل العقار وليس كل وحدة على حدها.

 

فأي ساكن لعقار متعدد المُلاك يعلم جيدًا مشاكل اتحاد الشاغلين اللا نهائية. فكيف عليهم التوافق والاتفاق على تسديد عشرات الآلاف من الجنيهات لغرامة لم يقم غالبيتهم بالتسبب فيها، في حين أنهم لا يستطيعون جمع المئات لصيانة المصاعد وتنظيف المداخل.

إعلام يليق بمصر
وهنا يقع أهم سبب لفشل قانون التصالح لأنه ساوى ما بين فئتين مختلفتين من أصحاب الشأن: أصحاب العقارات الأصليين، أي من قاموا بعملية البناء نفسها وقد تظل العقارات في حيازتهم أو لا، ومُلاك الوحدات المباعة بالشراء.

 

والخطأ أساسا كان من المالك الأصلي بالتواطؤ مع الحي الذي تركه يعلو في البنيان حتى أصبحت المخالفات أمرًا شائعا وتيقن الجميع بأن الحكومة ستتصالح وستدخل المرافق في مواسم الانتخابات، وفي تقديري أنه كان من الأفضل تحميل صاحب العمارة بجزاء مالي ضخم بدلا من تحطيم الأصل العقاري. ويجازي مهندس الحي بالمحاكمة والفصل اذا اقتضى الامر. وملاحقة المرتشين حتى لو كانوا خارج الخدمة.

الجريدة الرسمية