رئيس التحرير
عصام كامل

تقرير برلماني يدعو لندن إلى التحقيق في أي تدخل روسي

برلمان لندن
برلمان لندن


دعت لجنة برلمانية الحكومة البريطانية إلى التحقيق حول تدخل روسي محتمل في الحياة السياسية البريطانية، وخصوصاً خلال حملة الاستفتاء حول بريكست عام 2016 وانتقدتها لأنها قللت من شأن هذه المخاطر.


وكان من المتوقع أن يلقي تقرير لجنة الاستخبارات والأمن البرلمانية المرتقب منذ فترة طويلة، الضوء على ما إذا كان الكرملين تدخل في استفتاء بريكست الحاسم عام 2016.


وأشار التقرير إلى تعذر إيجاد دليل محدد على تدخل روسي في الاقتراع عام 2016 على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وفي استفتاء آخر نظم عام 2014 حول استقلال اسكتلندا عن بريطانيا فاز فيه معسكر الرافضين بنسبة 55% مقابل 45%.


ولكن النواب قالوا إن هذا حصل لأن الحكومة البريطانية الحالية أو سابقتها تجنبت طرح السؤال، وقال النواب في تقريرهم الذي نشر بعد نحو 15 شهراً من إنجازه "لم يكن هناك تقييم لتدخل روسي في استفتاء الاتحاد الأوروبي".


وتابع: "لا أحد أراد التطرق إلى هذه المسألة، هذا تعارض صارخ مع رد الفعل الأمريكي على تقارير التدخل (الروسي) في الانتخابات الرئاسية الأمريكية في العام 2016".


وأضافوا: "لا يهم كم كان الأمر محرجاً سياسياً أو يتسبب بإحراج محتمل، كان يجب إجراء تقييم ويجب أن يكون هناك تحقيق الآن ويجب إبلاغ الناس بالنتائج".


ومن جهتها، قالت الحكومة:  "لم يكن هناك دليل على تدخل ناجح في استفتاء الاتحاد الأوروبي"، ونفت أن تكون تعاملت ببطء مع التهديد، وأضافت أن روسيا تظل أولوية أمن قومي قصوى لديها.


وكان نشر التقرير مرتقباً بشدة بسبب حملة بريكست ونتائجها الانقسامية، والتي شهدت تصويت 52% من البريطانيين لمصلحة مغادرة الاتحاد الأوروبي.


وهيمنت المسألة على السياسة البريطانية لفترة طويلة، وتسببت بمأزق برلماني لسنوات تم حلّه أخيراً بانتخاب بوريس جونسون بفارق كبير في ديسمبر الماضي.


ولكنّ بعد مغادرة بريطانيا للاتحاد الأوروبي في شكل رسمي في يناير العام الماضي، اتخذ جونسون وحكومته نهجاً متشدداً حيال روسيا، ما رفع من منسوب التوتر في العلاقات الدبلوماسية المتوترة أساساً.


والأسبوع الماضي، اتهمت المملكة المتحدة أجهزة الاستخبارات الروسية بالوقوف وراء هجمات نفذها قراصنة إلكترونيون للاستيلاء على أبحاث تخص لقاحاً ضد فيروس كورونا المستجد من معامل أمريكية وبريطانية وكندية.


ورد المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف أنّ "روسيا لا علاقة لها بهذه المحاولات، نحن لا نقبل مثل هذه الاتهامات ولا المزاعم الأخيرة الواهية حول التدخل في انتخابات 2019".


وأبلغ الصحفيين أنّ روسيا لم تتدخل أبداً في العملية الانتخابية لأي دولة في العالم، ليس في الولايات المتحدة ليس في بريطانيا العظمى ولا في أي دولة أخرى"، وأضاف "نحن لا نفعل ذلك ولا نسكت حين تحاول دول أخرى التدخل في شؤوننا الداخلية".

 

وأظهر النواب إحباطهم لعدم تمكنهم من التوصل لنتائج أقوى، مشيرين إلى صدمتهم وحيرتهم من فشل الحكومة في كشف وجود تهديد، ومن شأن التقرير أن يعزز مزاعم خصوم جونسون حول غياب الإرادة السياسية للحكومة في الكشف عن مدى التورط والنفوذ الروسي في بريطانيا.


وقال معارضون إنّ تردد جونسون الواضح في نشر التقرير يرجع لتخوفه من خسارة تبرعات من أثرياء روس لحزب المحافظين الحاكم الذي ينتمي إليه.


وذكر التقرير أنّه كان هناك تعليق موثوق به معروف المصدر، يشير إلى أن روسيا حاولت التأثير في استفتاء استقلال اسكتلندا في العام 2014، وقال إنّه كان من المفروض أن تكون هناك أولوية للحد من المخاطر قبل استفتاء بريكست.


وأوضح النواب في تقريرهم أنّ الحكومة قللت في شكل سيء تقدير رد فعلها للتهديد الروسي، وخلص التقرير الواقع في 55 صفحة إلى أن النفوذ الروسي في بريطانيا هو بمثابة الوضع الطبيعي الجديد، وأوضح أن متمولين نافذين تربطهم علاقات بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين استخدموا ثرواتهم لممارسة نفوذ لدى دائرة واسعة من الأوساط البريطانية الرسمية.


وأضاف التقرير أن هناك العديد من الروس الذين تربطهم علاقات وثيقة ببوتين اندمجوا بشكل جيد في عالم الأعمال والمجتمع البريطاني ويجري تقبلهم بسبب ثرائهم، وجاء في التقرير "هذا المستوى من الاندماج يعني أن أي إجراءات تأخذها الحكومة الآن ليست وقائية لكنها تقلل من الضرر".


وترأس جونسون الحكومة قبل سنة خلفاً لرئيسة الوزراء السابقة المحافظة تيريزا ماي، التي فشلت مراراً في تأمين دعم في البرلمان لاتفاق الطلاق الذي توصلت له مع بروكسل.


وبدأت تحقيقات لجنة الاستخبارات والأمن البرلمانية البريطانية في نوفمبر 2017، بعد مزاعم عن محاولة روسيا التأثير في استفتاء بريكست بالطريقة نفسها التي اعتمدت في الانتخابات الأمريكية في العام 2016.


ووقت الاستفتاء، اتهمت ماي روسيا بنشر أخبار زائفة بغرض بث الخلاف في الغرب وتقويض مؤسساتنا، وقال النائب العمالي كيفن جونز عضو اللجنة "في نهاية المطاف رئيس الوزراء مسؤول عن عدم التحقيق في شكل أكبر في التورط الروسي".

الجريدة الرسمية