رئيس التحرير
عصام كامل

الاكتفاء الذاتي من المحاصيل.. البرسيم والفواكه والخضراوات أهم التحديات.. وخبراء يرصدون الأزمة ويطرحون الحل

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

مع تفشي فيروس كورونا ووقف حركة الاستيراد والتصدير في العالم ظهرت أهمية تحقيق الدول للاكتفاء الذاتي من المحاصيل الإستراتيجية لكي تكفي حاجة سكانها عند الأزمات فيما تعاني مصر أزمة في تحقيق الاكتفاء الذاتي في الكثير من المحاصيل الزراعية والتي لا يمكن الاستغناء عنها مثل القمح والفول والذرة والخضراوات وغيرها من المحاصيل.

 

القمح

من جانبه.. قال الدكتور محسن البطران أستاذ الاقتصاد الزراعي بجامعة القاهرة: إن مصر تستهلك نحو 21 مليون طن من القمح سنويًا فيما تنتج منهم نحو 8 ملايين طن وتستورد نحو 13 مليون طن ، مشددًا على صعوبة تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح بنسبة 100% نظرًا لوجود العديد من التحديات ، مضيفًا أنه يمكن تحقيق الحد الأدنى الضروري من القمح ، أي إنتاج 75 % من حجم الاستهلاك محليًا.

“البطران” أوضح أن صعوبة تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح ترجع إلى عدة أسباب منها: الزيادة السكانية حيث يزيد عدد السكان في مصر بنحو 2 مليون شخص كل 10 أشهر وبالتالي زيادة الاستهلاك بالإضافة إلى محدودية الرقعة الزراعية ومنافسة بعض المحاصيل الأخرى للقمح في نفس الموسم وتغير نمط الاستهلاك وزيادة الدخل حيث إنه كلما زاد الدخل ارتفع الاستهلاك.

وأشار «البطران» إلى أهمية زراعة أصناف من القمح ذات إنتاجية عالية بالإضافة إلى تغيير طريقة الزراعة بحيث يمكن زراعة القمح على مصاطب ، وشدد على ضرورة تحسين جودة الأراضي الزراعية وترشيد الاستهلاك ، لافتًا إلى أهمية التوسع في زراعة الصوب الزراعية ، ومشيرًا إلى أن الصوب الزراعية تنتج محاصيل بكميات مضاعفة خاصة المحاصيل البستانية.

وأكد أن إنتاج الصوبة الواحدة يتساوى مع ما تنتجه 10 أفدنة أراض مسطحة ، مشيرًا إلى أهمية زراعة المحاصيل البستانية في الصوب وإفساح الأراضي المسطحة لمحصول القمح بالإضافة إلى التوسع في استصلاح الأراضي للزراعة.

الذرة

وبالنسبة للذرة.. قال "البطران" إن مصر تستهلك سنويًا نحو 12 مليون طن ذرة تنتج منهم نحو 3 ملايين طن وتستورد نحو 9 ملايين طن ، مشيرًا إلى أن الذرة خاصة الذرة الشامية محصول مهم يدخل في صناعة الخبز كما يستعمل كعلف حيواني ، ومشددًا على أهمية تدريب المرشدين والمزارعين على كيفية زيادة إنتاج الذرة ، وشدد على أهمية إنتاج تقاوي محسنة ذات إنتاجية أعلى.

وأشار "البطران" إلى أن الفول لا يحقق مكاسب للمزارعين بسبب انخفاض القيمة التسويقية له حيث يشتريه التاجر بأبخس الأثمان من المزارع ثم يبيعه للمستهلك بأسعار مرتفعة مع تعدد حلقات البيع مما أدى إلى عزوف الكثير من الفلاحين عن زراعته ، موضحًا أنه لزيادة إنتاجية محصول الفول يجب أن تتعاقد الحكومة مع المزارعين على توريد الفول لها مع نهاية الموسم مقابل مبلغ مالي مناسب وأن تزود الفلاحين بالتقاوي ذات الإنتاجية العالية مع صرف الأسمدة المدعمة لهم.

الفول

ولفت إلى أهمية منع استيراد الفول في موسم الحصاد وذلك لحماية المنتج المحلى والمزارع المصري ، مؤكدًا أن الفول يتميز بأنه يمكن زراعته محملًا على محاصيل أخرى مثل القصب حيث يمكن زراعته مع محصول القصب وغيره من المحاصيل الأخرى.

وأشار إلى أن الفول من أهم البقوليات في مصر ويأتي في المرتبة التي تلي العدس والذي لا تنتج منه مصر إلا نحو 2% فقط من حاجتها للاستهلاك المحلي وتقوم باستيراد الجزء المتبقي.

محاصيل السكر 

وبالنسبة للمحاصيل التي تنتج السكر.. أكد «البطران» أن محصولي البنجر وقصب السكر يقدمان 66 % من إجمالي استهلاك السكر في مصر وبالتالي يتم استيراد نحو 44% من حاجة مصر من السكر من الخارج.

ولفت الدكتور صلاح عبد المؤمن ، وزير الزراعة الأسبق ، إلى أن مصر لديها مشكلة في تخرين الحبوب خاصة القمح حيث إن السعة التخرينية للقمح من 8.5 إلى 9 ملايين طن ، وبالتالي فإن زيادة الإنتاجية من القمح تحتاج إلى إنشاء المزيد من الصوامع والشون ، مؤكدًا أن من ضمن أسباب الفجوة الغذائية في محصول القمح هو كمية الهدر الذي يحدث نتيجة لعدم وجود صوامع كافية لحفظ الحبوب.

وأكد أنه يمكن حل هذه المشكلة من خلال العمل بمنظومة التوريد على مراحل بأن تستلم الحكومة جزء من محصول القمح من المزارع على أن يحفظ المزارع الجزء المتبقي ليتم توريده في وقت لاحق لكي يتم إفساح الصوامع للجزء المتبقي ، كما طالب بالتوسع في إنشاء الصوامع والشون.

ولفت إلى أن مشكلة محصول القمح أنه يتزامن في زراعته مع محصول مهم للثروة الحيوانية وهو محصول البرسيم حيث إنه لا توجد مراعي طبيعية في مصر بالتالي فالبرسيم من أهم مصادر الغذاء الحيواني في مصر لذلك فإن أي توسع في زراعة القمح سيأتي على حساب البرسيم والثروة الحيوانية.

التخزين

وعن الذرة أكد وزير الزراعة الأسبق أنه يتم إهدار جزء كبير من محصول الذرة بسبب عدم التخزين الصحيح والتجفيف والتفريط مما يؤدي إلى إهدار كميات كبيرة من المحصول وطالب بتنظيم حملات توعية إشادية للمزارعين في كيفية الحفاظ على محصول الذرة.

الخضروات والفاكهة

وبالنسبة للخضراوات والفاكهة قال "عبد المؤمن" إن مصر تنتج نحو 104% من حاجتها للاستهلاك المحلي وبالتالي تقوم بتصدير نحو 4% من الخضراوات والفواكه مثل: البرتقال والموز البطاطس والفراولة وغيرها من المحاصيل وبالتالي لا توجد أي أزمة في محاصيل الخضراوات والفاكهة بل على العكس فإن محصول مثل الموز يستهلك الكثير من المياه ولا يعتبر محصول إستراتيجي.

وبالنسبة لمحصول الأرز أكد وزير الزراعة الأسبق أن مصر تنتج نحو 4 ملايين طن سنويًا منه وتحتاج منهم إلى نحو 3 ملايين طن ، وبالتالي يتم تصدير نحو مليون طن ، مضيفًا أن مصر تواجه أزمة في ندرة المياه ومن المتوقع أن تستمر هذه الأزمة في المستقبل مما يؤثر سلبًا على محصول الأرز الذي يحتاج إلى كميات كبيرة من المياه.

وأشار إلى أن بعض الأزمات التي شهدتها مصر في الأرز لم تكن بسبب نقص الإنتاج ولكن بسبب ممارسات التجار والاحتكار وأوضح أنه لمواجهة هذه الأزمة يجب استنباط أنواع جديدة من الأرز المقاوم للعطش والأرز ذات الإنتاجية العالية والقادر على مقاومة ملوحة التربة.

وطالب بزيادة ميزانية الأبحاث للتقدم في هذا المجال ، مشيرا إلى أن أزمة كورونا كشفت أهمية مراكز الأبحاث في كل المجالات وليس في الطب والدواء فقط ، وأكد أنه يمكن أيضًا الاعتماد على وسائل الري الحديثة لتوفير المياه المهدرة مثل الري بالتنقيط واستخدام نظام الزراعة على مصاطب وأشار إلى أن الحكومة بدأت في تطبيق الري الحقلي الحديث في 5 محافظات ، مضيفًا أن هذا النظام يوفر 10 مليارات متر مكب من المياه.

وأكد أنه يمكن تدوير مياه الصرف الصحي واستخدامها في الزراعة وأوضح أنه يمكن أيضًا استخدام المياه الجوفية لزراعة أراضي جديدة في أماكن بعيدة عن النيل واختتم الدكتور عبد المؤمن حديثه بالتحذير من نفاد مخزون المياه الجوفية.

ارتفاع الاستهلاك

ومن جانبه.. فسر الدكتور عبد السلام المنشاوي أستاذ القمح المتفرغ بمحطة بحوث سخا التابعة لمركز البحوث الزراعية ظاهرة ارتفاع استهلاك المواطن المصري للقمح بأن سببها ليس استهلاك كل تلك الكميات الواردة إلينا في الطعام البشري بل أن جزءا كبيرا منها يذهب إلى الماشية والطيور والأسماك كعلف رخيص ويحسب في النهاية كونه من استهلاك البشر.

 فحسب قواعد الأحصاد فاستهلاك الفرد في مصر يصل إلى 200 كيلو قمح سنويا وهو رقم غير منطقي لأن أعلى متوسط للاستهلاك في العالم يصل إلى 100 كيلو للفرد سنويا، وهو ما صدر للناس والمسئولين صورة أن مصر تستهلك القمح ضعف الاستهلاك العالمي وهو أمر غير صحيح لأن تسرب القمح لسوق الأعلاف يتم بمكيات كبيرة منذ سنوات طويلة لكن لم يتم فض هذا التشابك بين استهلاك الإنسان الحقيقي من القمح في مصر وبين ما يتسرب إلى سوق الأعلاف.

وأكد الشناوي أن الاكتفاء الذاتي من القمح يتحقق من خلال محورين أولهما: زيادة المساحات وهو أمر صعب جزئيا لمنافسة عدد من المحاصيل الأخرى للقمح في الموسم الشتوي وعلى رأسها: البرسيم إلى جانب عدم اقتصادية زراعة القمح في الصحراء لارتفاع تكلفة الزراعة وانخفاض سعر استلاك القمح المحدد من الحكومة ، وبالتالي فإن هناك بعض الحلول التي يمكن اللجوء إليها مثل زراعة بعض أصناف القمح المبكرة بعد زراعة البرسيم مباشرة وهي طريقة يضمن بها المزارع تأمين علف ماشيته من البرسيم وزراعة القمح في نفس الوقت وأيضا لذلك فوائد كبيرة على التربة وزيادة المادة العضوية فيها.

نقلًا عن العدد الورقي...

الجريدة الرسمية